لا يكاد أحد في عدن، خلال الست السنوات التي أعقبت حرب 2015، لا يعرف "الأورومو"، فوجودهم الكثيف في المدينة جعلت الجميع يتعرف عليهم ويطلع على رحلاتهم الشاقة في الوصول إلى عدن، والتي يتخذونها محطة "ترانزيت" لتحديد وجهتهم القادمة.
إذ يتركز وجودهم بكثرة في ستاد 22 مايو في منطقة كريتر وسط مدينة عدن وما حوله، حيث تجدهم منتشرين على شكل مجموعات في الأسواق وفي الحواري والشوارع والمطاعم والمقاهي والفنادق والمساجد.
يعد شعب "الأورومو"، والتي تعني "الأشخاص المولودين أحرارًا" أكثرية عرقية بين سكان أثيوبيا، في دولة تضم أكثر من 80 عرقية مختلفة، وقد واجهت هذه العرقية التهميش والتنكيل من قبل العرقية الأمهرية الحاكمة، الشيء الذي حذا بهم للهجرة بعيدًا عن وطنهم ومطالبتهم باستقلال الأراضي التي ينتمون إليها.
يحكي الناشط المدني حسين بامشموس لـ"خيوط"، عن الدرب الصعب التي تسلكه عرقية "الأورومو" للوصول إلى الشواطئ اليمنية، فبرغم كثافة أعداد المسافرين في القوارب، وإلى خطورة الهجرة البحرية، إلا أنهم لا يخافون أمواج البحار العاتية، فيبدؤون بالوصول تباعاً إلى الشواطئ اليمنية.
لا توجد أرقام رسمية لأعداد المهاجرين غير الشرعيين من شعب الأورومو إلى اليمن، إلا أن تقديرات عديدة ترجح أنهم قد يتجاوزون 100 ألف شخص من رجال ونساء وأطفال.
يضيف بامشموس، أن أكثرهم يستقر به الحال في المدن اليمنية الساحلية كعدن وأبين، ويكمل القلة منهم رحلة الهروب من أثيوبيا إلى أرض يستطيعون فيها إكمال حياتهم بحُريّة هناك.
ظروف صعبة
بلغة عربية مكسرة يشتكي ميذامو حسني، من الظروف الصعبة التي واجهوها في اليمن أيضًا، فما أن تم السماح لهم بالنوم في بعض المساجد، حتى أتى القرار الذي يمنعهم من ذلك، الأمر الذي وجّه بعضهم إلى استيطان ظلال الأشجار وبعض الجولات.
الطبيب فؤاد أحمد، يرى أن من واجب الدولة فحص كل القادمين إليها، مشيراً إلى أنه قبل حوالي عام انتشر وباء يدعى فيروس "غرب النيل"، وذلك بين أوساط بعض المواطنين، الشيء الذي أخاف المواطنين من أن الفيروس قد ينتقل من أفريقيا إلى عدن
وعلى نفس الصعيد يشير أمجد عبدالرحمن، إلى استغلال بعض أصحاب الفنادق والمطاعم وأرباب العمل الحاجةَ الملحة لدى "الأورومو" للعمل وكسب النقود، فيبخسونهم أثمان الأعمال التي يقومون بها، من تنظيف الصحون والأرضيات وتلميع واجهات بعض المطاعم والفنادق.
في نفس السياق، قامت "خيوط" بزيارة بعض الأماكن التي يتواجد فيها هؤلاء المهاجرون، إذ يلاحظ أن الكثير منهم يُقاسون ظروفاً صعبة، ومهامًا شاقة في الأعمال الموكلة لهم.
تحدث لـ"خيوط"، مالك أحد المطاعم، طلب عدم نشر اسمه، بأن الظروف الصعبة، التي يمر بها "الأورومو"، تجعلهم يوافقون على العمل بمبالغ تصل أحيانًا إلى نصف القيمة الحقيقية للعمل.
وأشار إلى أن هناك عدة مشكلات وقعت بين "الأورومو" وبين العاملين في مسح السيارات من الصومال، بسبب المبالغ المتدنية التي يطلبها "الأورومو" من أجل العمل.
مخاوف من نقل الفيروسات
تجد بعضهم يقفون طوابير أمام المطاعم، لتناول بقايا الطعام في الصحون، الأمر الذي يستنكره ناشطون، يرون ضرورة التعامل بصورة أفضل مع هؤلاء المهاجرين وتقدير ظروفهم الصعبة ودوافعهم في الهجرة إلى اليمن التي تعاني كذلك من حرب وصراع وموجات نزوح كبيرة داخلية وخارجية.
ويقوم بعض ملاك المطاعم من دخول "الأورومو" إلى المطاعم، بحجة أنهم رُبما يحملون فايروسات مرضية تنتشر بسرعة كبيرة.
يوضح لـ"خيوط"، في هذا الخصوص، الطبيب فؤاد أحمد، أن من واجب الدولة فحص كل القادمين إليها، مشيراً إلى أنه قبل حوالي عام انتشر وباء يدعى فيروس "غرب النيل"، وذلك بين أوساط بعض المواطنين، الشيء الذي أخاف المواطنين من أن الفيروس قد ينتقل من أفريقيا إلى عدن، رغم عدم وجود أي رحلات جوية بين الدول الأفريقية وعدن.
مؤخراً، بحث وزير التخطيط والتعاون الدولي في الحكومة المعترف بها دوليّاً الدكتور واعد باذيب، خلال لقائه في عدن، مع رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن كريستا روتنستايز، دعم جهود اليمن لمواجهة ملف اللاجئين في ظل الحرب التي تشهدها البلاد.
ودعا باذيب، المنظمة الدولية للهجرة إلى تقديم المزيد من المساعدات والعمل على إنشاء مراكز إيواء معززة بالبنى التحتية والاحتياجات الأساسية لاستقبال اللاجئين، مجددًا تأكيده حرص وزارة التخطيط في حكومة عدن على تقديم كافة التسهيلات اللازمة لمنظمة الهجرة وكافة المنظمات الدولية العاملة في اليمن من أجل تذليل أي صعوبات تواجه تنفيذ مشاريعها وبرامجها المختلفة، والمساهمة بتخفيف معاناة اليمنيين جرّاء الحرب.
من جانبها عبرت رئيسة البعثة الدولية، عن سعادتها باللقاء وتطلعها لمزيد من التعاون لتقديم المساعدات المختلفة، مستعرضة أنشطة وبرامج البعثة في عدد من المجالات تشمل الصحة وتوفير المأوى ومشاريع تنموية بعدد من مناطق ومحافظات الجمهورية.
المسؤولة في الهجرة الدولية، أكدت أن المنظمة تعمل على التنسيق مع السلطات الأثيوبية بشأن العودة الطوعية للاجئين الأثيوبيين في اليمن إلى بلدهم.