أين تكمن العلة؟

لماذا فشل العرب؟
عبدالرحمن بجاش
November 14, 2021

أين تكمن العلة؟

لماذا فشل العرب؟
عبدالرحمن بجاش
November 14, 2021

كلما بدا أننا اقتربنا من الخروج من عنق الزجاجة، عدنا إلى قاعها!

لماذا لم نرَ نموذجًا ناجحًا في العالم العربي؟

ما السبيل إلى الخروج من الزجاجة نهائيًّا؟

لم يسأل أحد من المفكرين ولا من السياسيين العرب ولا المحللين، مع غياب أو تغييب المثقف، وظل السؤال مغلقًا: لماذا فشلنا؟

إذ لا يوجد نموذج عربي، لأي بلد عربي ناجح، صار العالم يتحدث عنه، وانظر، من ضفاف المحيط إلى ضفاف الخليج، فلا توجد تجربة يستدل بها حتى تعمم وتصبح نموذجًا للآخرين.

تحرر هذا العالم العربي من الاستعمار ومن الحاكم الفرد، لتأتي الثورات والحكام الجدد بالحكم الفردي بشعارات جمهورية، وفي بعض مناطق الوطن الكبير سيطرة الأحزاب، قدمت من باطن الأرض أو الجبال، فصارت تأكل بعضها (اليمن الجنوبي والجزائر والعراق وسوريا نموذجًا)، لأنها لم تمتلك تجربة حكم، ولذلك سيدت عقيدتها الخارجية على واقع مختلف، واقع جاهل متخلف، كان من البداية بحاجة إلى تسيد التعليم كخطوة أولى للوصول إلى العلم الذي يؤدي إلى المستقبل.

دول البترول، لو أحصينا المال الذي دخل إلى صناديقهم لفرشت مدنهم بالألماس؛ لأن كل شيء في رأس الحاكم وعصا الأمن وأفراد الأسر، لا تملك أي منها تجربة ما تتحول إلى نموذج!

ظل هذا العالم حبيس الشعارات الثورية، وكلما انتكس لجأ إلى نظرية المؤامرة، فذبح الآخرين بتهمة الخيانة والعمل مع الأجنبي كدليل عجز عن إحداث تنمية وقيادة المجتمعات نحو المستقبل.

في هذا العالم تسيد الأمني على ما سواه، وصار الحاكم حزبًا أو فردًا يقهر المواطن الذي يتوق إلى اللقمة والحرية، فلم يستطع تقديم الحلول، لأن أصحاب الثقة أيضًا تقدموا على أصحاب الكفاءة والمقدرة فصار أنصاف المتعلمين يحكمون، وأسرت بفضل علماء الفتاوى، أسرت الإنسان في سجن "تفسير الدين لصالح الحاكم"، فصار الحاكم بأمر الله، وكلما مات الناس جوعًا وقهرًا، ألقى خطابًا يقول لهم فيه "هذا أمر الله؛ تحملوا"، والله أجل من أن يقهر الإنسان ظلمًا وجوعًا، هو عجز الحاكم فردًا أو حزبًا عن مشاركة الناس، وفتح باب المعارضة الحقيقية بالتدريج حتى يصل بالناس إلى شبع البطون والعقول، وبعدها ستأتي الديمقراطية، حيث الإنسان أصبح حرًّا يستطيع أن يقول: نعم ولا، ولا يخشى جهاز الأمن.

الجزائر، كنا نتصور أنها الدولة الأولى من ستخرج من عنق الزجاجة، تبين أنه نتيجة الصراع بين فصائل الثورة، أدى بها إلى عدم حصول الشباب على فرص عمل ولا سكن، ولا يزال حزب جبهة التحرير يفوز في الانتخابات إلى اليوم، وفي الصين وصلوا إلى أن الحزب الشيوعي هو من يحرر الاقتصاد ولكن على الطريقة الصينية، وليس على طريقة الخصخصة التي باعت أكثر من 3000 مصنع قطاع عام في مصر، وفي جنوب اليمن استولى الفساد على كل شيء، تملكوا حتى مزارع ومحالج القطن بعد العام 90.

وفي العراق الذي يتمتع بكل الإمكانات، ماء وأرضًا وبترولًا وشعبًا يقرأ أكثر من أي شعب عربي وتعليم مشهود له كما في سوريا، انتهى الأمر بسبب الحزب الذي انقسم قسمين، وإلى تحول رأس الحكم في العاصمتين إلى حزب، أدى ذلك إلى ما نراه الآن!

دول البترول، لو أحصينا المال الذي دخل إلى صناديقهم لفرشت مدنهم بالألماس، لأن كل شيء في رأس الحاكم وعصا الأمن وأفراد الأسر، لا تملك أيٌّ منها تجربة ما تتحول إلى نموذج!

للأسف الشديد، ظلت الجامعة العربية ممثلة للصورة العامة للحاكم العربي، ولو أن هناك شجاعة فيفترض أن تلغى، حتى يصل العرب إلى ما وصلت إليه أوروبا.

كان الجدير بهذه الجامعة أن تقول للأعضاء: "أنتم فشلتم على كل الأصعدة، تعالوا نبحث عن المخارج"، لم نسمع مثل هذا.

كانت هناك خطوة في الاتجاه الصحيح، وُئدت في المهد "القمة العربية الاقتصادية" والتي انعقدت أول مرة في الكويت، قُدّمت إليها كثير من الدراسات والأبحاث، وكان لها برنامج طموح، خذ فقط مفردة واحدة "قطار سريع من المحيط إلى الخليج"، ومشاريع ورؤى كثيرة. أنا شخصيًّا حملت معي وقد حضرتها، أوراقًا كثيرة ثرية وسلمتها إلى القسم الاقتصادي في صحيفة الثورة، ونشرنا منها، واستبشرنا...، تاهت القمة وذهب عمرو موسى.

جاء "الربيع العربي" واستبشر الإنسان خيرًا، لكن ما يحصل الآن في تونس تحديدًا وسوريا والسودان وكذلك مصر واليمن، يضع سؤالًا كبيرًا: هل خدعنا؟ أو أن الواقع عاجز عن تمثل قيم الحرية والديمقراطية، لسبب بسيط "الجوع".

لا بد هنا للباحثين والمفكرين من الإجابة عن السؤال الكبير: لماذا فشلنا أولًا وفشلنا الآن؟

الجيوش عادت إلى الواجهة؛ لأنها المؤسسات المنظمة والمنضبطة لأسباب كثيرة، والشارع لم يستطع تحديد الهدف من خروج الإنسان إليه؛ لأن النخب لا تمتلك الرؤى ولا المشاريع، وبالتالي الأهداف النهائية….

ها نحن نعود إلى نقطة الصفر حتى نجيب عن السؤال: "لماذا نفشل دائمًا؟"


•••
عبدالرحمن بجاش

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English