يلجأ الكثير من الناس إلى استخدام المضادات الحيوية بشكل عشوائي، عند أي تعرض لأمراض نزلات البرد والإنفلونزا والزكام والكحة وآلام المفاصل والرأس دون وصفة طبية، أو خطة علاجية معينة، وبلا وعي للمخاطر الصحية التي قد يتسبب بها هذا الاستخدام الجائر للمضادات الحيوية، والمتمثل في زيادة مناعة البكتيريا، وفقدان هذه الأدوية فاعليتها مع الوقت، إضافة إلى إضعاف أداء الجهاز المناعي، لا سيما لدى الأطفال؛ وبالتالي زيادة تعرضهم للأمراض التي تهدد حياتهم.
وفق تأكيدات أطباء وتقارير صحية، فإن نسبة كبيرة من أمراض الشتاء على سبيل المثال، ناتجة عن فيروسات، ولا تحتاج إلى مضادات حيوية للعلاج، كما دأب عليه الكثير من الناس في مختلف المناطق اليمنية.
ويشكّل رفع الوعي الصحي بمخاطر وأضرار المضادات الحيوية وتعزيز الثقافة الصحية لدى الناس، الحصانة الحقيقية وخط الدفاع الأول للحفاظ على صحة المجتمع، وتجنب الأعراض الجانبية التي قد تنتج عن هذا الإفراط والعشوائية في استخدام الأدوية والمضادات.
كانت وزارة الصحة قد حذرت من مخاطر استخدام المضادات الحيوية دون وصفة طبية، ومن لجوء الآباء والأمهات، من إعطاء أطفالهم المضادات الحيوية بشكل عشوائي دون تدخل طبي، وذلك عبر وسائل توعوية مختلفة.
جراثيم لا تتأثر بالمضادات
في الإطار، يشدد الدكتور أنور عمر الأهدل، نائب مدير مستشفى الدرن في مدينة الحديدة، من الاستعمال العشوائي والمفرط للمضادات الحيوية والتي قد تؤدي إلى تفاقم الوضع الصحي للمريض.
تكرار استخدام المضاد الذي سبق أن تحسس منه الشخص قد يصيب المريض بصدمة تحسسية تبدأ أعراضها سريعًا بظهور طفح جلدي، يعقبه اختناق، وضيق في التنفس، وهو ما يتطلب وفق أطباء، ضرورة تلقي المريض تدخلًا طبيًّا يوفر له الرعاية اللازمة من أدوية مضادة للحساسية وأوكسجين ومحاليل وريدية.
يضيف في حديث لـ"خيوط"، أن الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية يتسبب بخلق سلالات جديدة من الجراثيم، لا يمكن لأيٍّ من المضادات الحيوية التي تتجاوز المئة نوع أن يستأصلها، فإذا تمكن المضاد الحيوي من القضاء على 99% من الجراثيم المسببة لمرض ما، فإن النسبة المتبقية من الجراثيم 1% سوف ينتج سلالات جديدة أخرى، لا تتأثر بذلك المضاد إطلاقًا، والأسوأ من ذلك أن هذه الجراثيم قد تتمكن من نقل هذه المقاومة إلى أنواع جرثومية أخرى لها.
كما أن لكل نوع من الجراثيم، بحسب تأكيدات الدكتور الأهدل، دورةَ حياة مختلفة ومحدودة ونوع معين من المضادات، إذ لا تجدي المضادات الحيوية مع الأمراض الفيروسية؛ لأنها لا تتعامل كيميائيًّا معها بل ينجم عن استخدامها مضاعفات سيئة، وهذا الأمر شائع بين مرضى الأنفلونزا والزكام.
من جانبه، يشير الطبيب الصيدلاني هشام عامر، إلى بعض الآثار الجانبية للمضادات الحيوية، ولا سيما تلك المشتقة من (البنسلين) أو مركبات (السلفا).
يقول لـ"خيوط"، إن المضادات الحيوية المشتقة من (البنسلين)، أو تلك المشتقة من مركبات (السلفا)، تسبب حساسية تصل إلى درجة الخطر، وهو ما يحتم إجراء اختبار السلامة قبل استخدامها؛ الأمر الذي يقتضي ترشيد الاستخدام وتناولها وفق وصفة طبية معتمدة.
محاذير وتوصيات رقابية
كما أن تكرار استخدام المضاد الذي سبق أن تحسس منه الشخص قد يصيب المريض بصدمة تحسسية تبدأ أعراضها سريعًا بظهور طفح جلدي، يعقبه اختناق، وضيق في التنفس، وهو ما يتطلب -وفق عامر- ضرورة تلقي المريض تدخلًا طبيًّا يوفر له الرعاية اللازمة من أدوية مضادة للحساسية وأوكسجين ومحاليل وريدية.
ويدعو إلى عدم الاحتفاظ بعبوات المضاد الحيوي وإعادة استعمالها مرة أخرى، كما يجب أيضًا على المريض عدم العودة للعلاج بعد فترة انقطاع فقد تتشابه الأعراض مع اختلاف المرض.
بدوره، يؤكد الدكتور عبدالله حاسر، طبيب صيدلاني في مديرية الحالي بمحافظة الحديدة، على أهمية تشديد الرقابة المستمرة من قبل وزارة الصحة على الصيدليات التي تعطي أدوية دون وصفة طبية، وتوجيه الصيادلة بضرورة كتابة سجِلّ لكل الأشخاص الذين يقومون بشراء الأدوية وتحديد حجم الاستهلاك لها، بحيث تستطيع الوزارة والجهات الطبية المختصة اتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الجانب.
تأتي مثل هذه التحذيرات والدعوات لتشديد الرقابة الطبية والصحية مع تحول ظاهرة استهلاك المسكنات، مثل الفولتارين، والبندول، والبروفين، وغيرها من المسكنات والمضادات الحيوية -خارج استشارة الطبيب- إلى حالة عامة، وهو ما يتطلب إلى جانب التوعية المجتمعية والرقابة العامة أن يقوم كذلك الصيادلة والأطباء في تقديم النصح للمريض حول ضرورة الحد من استخدام الأدوية المسكنة وعدم الإفراط في تناولها.