يشهد الملف اليمني اهتمامًا لافتًا منذ مطلع شهر مارس/ آذار الحالي، على الرغم من الاضطراب الذي يعيشه العالم منذ حوالي 14 يومًا مدة الحرب الدائرة في أوكرانيا حتى اليوم والتي استحوذت على اهتمام الأمم المتحدة ومعظم الدول الكبرى الفاعلة.
فقد زار اليمن مطلع الشهر الحالي المبعوث الأمريكي الخاصّ لليمن تيم ليندركينغ، والقائمة بأعمال سفارة الولايات المتحدة في اليمن كاثي ويستلي، حيث التقيا خلال الرحلة بمحافِظِي حضرموت والمهرة وشبوة، بالتزامن مع زيارة مماثلة لوفد دبلوماسي نرويجي برئاسة المبعوث الخاص لمملكة النرويج كريستي ترومسدال.
أنجلينا جولي، الممثلة الأمريكية والمبعوثة الخاصة لمفوضية اللاجئين منذ عام 2011، وصلت إلى اليمن هذا الأسبوع، في مهمة، يبدو أنها في نفس الإطار؛ لفت الانتباه إلى العواقب الكارثية على المواطنين المدنيين بعد مضي سبعة أعوام على النزاع.
في السياق، بدأ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، سلسلة من المشاورات الإثنين 7 مارس/ آذار، في عَمَّان- الأردن، تشمل وفودًا من أحزاب يمنية، تليها التشاور مع شخصيات يمنية فاعلة، فيما تبقى الخطوة الأهم في جمع الأطراف المتصارعة الحكومة المعترف بها دوليًّا وأنصار الله (الحوثيين) والتحالف بقيادة السعودية والإمارات.
خطوة أولى
المشاورات في أسبوعها الأول عبارة عن اجتماعات ثنائية مع مسؤولين ووفود من الأحزاب اليمنية -حزب المؤتمر الشعبي العام، وحزب الإصلاح، والحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الناصري- في حين سيتم التشاور مع أكثر من 100 يمني ويمنية من الأحزاب السياسية وقطاعي الأمن والاقتصاد ومنظمات المجتمع المدني في الأردن واليمن، خلال الأسابيع القادمة.
يربط مراقبون وسياسيون تأثير هذه المشاورات في إحداث اختراق في الأزمة اليمنية التي تحولت إلى ملف بالغ التعقيد في حلحلتها سياسيًّا، بجمع الطرفين الفاعلين في الحرب والصراع الدائر الحكومة المعترف بها دوليًّا وأنصار الله (الحوثيين)
وأكد المبعوث الأممي في بيان اطلعت عليه "خيوط"، أنه سيتابع مشاوراته مع الحكومة المعترف بها دوليًّا وأنصار الله (الحوثيين)، فضلًا عن المشاورات مع المعنيين الإقليميين والدوليين. كما سيتم بذل الجهود للتشاور مع الجمهور اليمني الأوسع، بما في ذلك الشباب، للتأكد من أن إطار العمل يعكس احتياجات وتطلعات اليمنيين.
مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، كان قد كشف منتصف الشهر الماضي عن طريقة للخروج من الحرب، فالسماح باستمرارها خيار، وكذلك هو إنهاؤها؛ إذ تتضمن هذه الطريقة تطوير إطار عمل سيحدد خطته للمضي قُدمًا نحو تسوية سياسية شاملة.
وفي إحاطته أمام مجلس الأمن في المقرّ الدائم بنيويورك ظهيرة يوم الثلاثاء 15 فبراير/ شباط، أكّد غروندبرغ أن خطته تشكل إنشاء عملية متعددة المسارات يمكن من خلالها معالجة مصالح الأطراف المتحاربة في سياق أجندة يمنية أوسع، على طول المسارات الثلاثة للقضايا السياسية والأمنية والاقتصادية.
بعد دعوة بريطانيا لجميع الأطراف إلى المشاركة في مشاورات عمان، رحبت الولايات المتحدة بإطلاق المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ مشاورات شمولية اليوم. ويسعى المبعوث الخاص إلى وضع اللمسات الأخيرة على إطار لعملية سلام شاملة وجديدة من خلال المشاورات مع مجموعة واسعة من الجماعات اليمنية السياسية ومن المجتمع المدني على مدار الأسابيع القليلة القادمة. وتوفر هذه المشاورات لليمنيين فرصةً ثمينة لمناقشة رؤية متجددة لحل سياسي للصراع.
ودعت الخارجية الأمريكية كافة الجماعات اليمنية، إلى المشاركة في هذه المشاورات الأممية بشكل كامل وذي مغزى وبنية طيبة. وأكدت أنه لا حل عسكري للنزاع اليمني، والسبيل الوحيد للمضي قدمًا هو عبر الحوار والتسوية، إذ إن الدمار والمعاناة اللذَين تسببت بهما سبع سنوات من الحرب هائلان بحق، وينبغي أن تضع الأطراف مصالح الشعب اليمني أولًا وتستفيد من هذه الفرصة للمساعدة في وضع حد لهذا النزاع.
فيما تلتزم أطراف الحرب الدائرة في اليمن -والتي تصادف ذكراها الثامنة خلال هذا الشهر- الصمت حتى الآن فيما يتعلق بهذه المشاورات. بالمقابل، يلاحق انخفاض حدة المواجهات العسكرية على الجبهات المشتعلة منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا قبل نحو 14 يومًا.
أدوات التمهيد الفاعلة
بالبناء على التفاعلات السابقة للمبعوث الأممي، ستركز هذه المشاورات على تحديد الأولويات العاجلة وطويلة الأجل للمسارات السياسية والأمنية والاقتصادية. وهذا من شأنه أن يُثري تطوير إطار العمل الخاص بالمبعوث الأممي الذي يؤكد أنه سيحدد عملية جامعة متعددة المسارات تتعامل مع الاحتياجات العاجلة والقضايا طويلة الأجل المطلوبة لإحراز تقدم نحو التوصل إلى تسوية سياسية.
يقول غروندبرغ: "هذا وقت عصيب بالنسبة لليمن، حيث يستمر النزاع، والذي يقترب من دخول عامه الثامن، في مفاقمة معاناة المدنيين ويهدد الاستقرار الإقليمي ويقوّض آفاق الحل السلمي. هناك حاجة ملحة لتأسيس عملية جامعة تعكس اتجاه هذا المسار المدمر وتوفر فرصًا ومساحة للحوار على مستويات متعددة."
بالمقابل، يربط مراقبون وسياسيون تأثير هذه المشاورات في إحداث اختراق في الأزمة اليمنية التي تحولت إلى ملف بالغ التعقيد في حلحلتها سياسيًّا، بجمع الطرفين الفاعلين في الحرب والصراع الدائر؛ الحكومة المعترف بها دوليًّا وأنصار الله (الحوثيين).
مؤكدين أن قرار مجلس الأمن بداية الشهر الحالي والذي تم فيما بعد تحويله من تصنيف إلى توصيف جماعة أنصار الله (الحوثيين) بـ"كيان إرهابي" وإدراجهم على قائمة العقوبات، قد يكون له تأثير سلبي في تعقيد المشاورات الراهنة، فيما يروى خبراء أن قرار مجلس الأمن الأخير غير واضح، ولا يعني بأي حال عملية التصنيف والتي تم استبدالها إلى توصيف.
يرى مراقبون ومحللون وناشطون أن قرارًا من هذا النوع في حال صدوره بشكل واضح، في وضع بلد كاليمن، سينتج عنه آثار جسيمة وكعقاب جماعي يطال كتلة سكانية كبيرة، فيما الجماعة المستهدفة قد لا تتأثر بشكل مباشر بهذا القرار في حال استمر كتصنيف. إضافة إلى آثار قد تطال المساعدات الإغاثية ويُشلّ الاستجابة الإنسانية في اليمن، ويوقف أي عملية تنسيق من قبل الوكالات الإنسانية الفاعلة مع الجهات ذات العلاقة بالقطاع الإنساني التابعة لسلطة الأمر الواقع في صنعاء، كوزارتي الصحة والتربية والتعليم وغيرها.
المعترضون على القرار في مجلس، مثل دولة النرويج التي يزور وفد دبلوماسي منها اليمن حاليًّا، يرون أن التصعيد منذ بداية عام 2022، مع وقوع إصابات في صفوف المدنيين، يؤكد أن الحل التفاوضي السياسي هو السبيل الوحيد للمضي قدمًا، وأنه أمر حيوي للشعب اليمني، الذي يقف على شفا المجاعة، ويواجه انعدام الأمن الغذائي الشديد.
وشددت النرويج على أن حل النزاع يجب ألَّا يكون عسكريًّا، إذ تدعو جميع الأطراف إلى وضع احتياجات ومصالح الشعب اليمني كأولوية عبر التعاون بالكامل مع المبعوث الخاص بدون تأخير".