هو یوسف محمد بن أحمد بن أحمد الشحاري.
وُلِد عام 1932، في حارة السور مدینة الحدیدة.
درس علی ید والده، الذي کان شغوفًا بالقراءة والاطلاع، ویعمل محاسبًا لدی أحد تجار الحدیدة،
کما درس لدی أحد علماء الحدیدة الأجلاء، والتحق بـ"المدرسة السیفیة" في الحدیدة- أول مدرسة عامة في لواء الحدیدة.
تأثر یوسف بالأحداث التي جرت في الحدیدة، قبل ولادته، حيث کانت الروایات تروی عن "ثورة القوقر" ضد الإمام يحيى حمید الدین، الذي حاول بسط نفوذه علی تهامة، والبطولات التي حققها أفراد وقادة قبیلة الزرانیق، ضد جیش الإمام والقبائل التي استعان بها، وأُلّفت الأساطیر حول بطولات الزرانیق وقدراتهم الخارقة في حربهم المشروعة تلك.
کما کان لاغتیال الإمام يحيى وانقلاب فبرایر 1948، صداه في الیمن، وبالذات في مدینة الحدیدة، حیث قام نائب الإمام باعتقال وفد الأحرار القادم من مدینة تعز إلی الحدیدة لاستقبال أمین عام الجامعة العربیة، الذي کان من المقرر وصوله إلی "المملكة" حينها، عبر میناء الحدیدة، للتهنئة بنجاح الانقلاب، وأرسلهم بالقیود والأغلال إلى قلعة وسجن القاهرة في حجة، سیرًا علی الأقدام.
تخرج التلمیذ النجیب یوسف من المدرسة بتفوق، وقد کان حاد الذکاء، تمیز بالنبوغ والقدرة علی الخطابة، إضافة لولعه بكرة القدم والسباحة، ومشارکته في تأسیس فرق ریاضیة مدرسیة.
اکتسب وعیًا ثوریًّا بفعل الدروس الوطنیة، التي تشرّبها من مدرسیه، والمیل إلى مدرسة الإصلاح الدینیة الناشئة في مصر.
تم ترشیح یوسف وزملاء له، من قبل البعثة العسکریة المصریة للدراسة في مدرسة عسکریة عام 1953، ربما کانت قائمة في الحدیدة، ولمدة عام، بعد ذلك رشح للدراسة في "مدرسة الشرطة" بمدینة تعز القدیمة، التي عُرف أحد مبانیها بعد ثورة سبتمبر بـ"دار العربدي"، حیث خصص کاستراحة للضباط.
خلال مدة الدراسة عایش یوسف أحداث انقلاب مارس 1955، کما عایش فشله، وحملة الإعدامات التي طالت رموز الانقلاب.
تخرج من مدرسة الشرطة بامتیاز، ونظرًا لذکائه ونباهته وقدراته الخطابیة، فقد اختیر لإلقاء کلمة الخریجین في حفل التخرج، برعایة الإمام أحمد حمید الدین، الذي استاء من کلمة یوسف، ولم یمکّنه من إکمال کلمته.
في العام 1957، تم تعيينه مدیرًا لأمن مدینة اللحیَّة بلواء الحدیدة، وفي العام التالي، رُشّح للدراسة بمدرسة الأسلحة في مدینة صنعاء.
تزوج شقیقة زمیله وصدیقه علی سعید عبادي، وهي الرائدة التربویة عیشة عبادي، من أوائل التربویات الداعیات إلى تعلیم الفتیات.
في العام 1960، جرت محاولة لاغتیال الإمام أحمد في حمام السُّخْنة، حیث کان الإمام یعیش رحلة استشفاء طویلة، وکان بطل تلك المحاولة الفاشلة المناضل سعید حسن فارع، الذي كان يلقّب بـ"إبلیس"، وکان لفشلها أثر سلبي لدی الضباط، ومنهم الملازم یوسف الشحاري وزملاؤه.
کما جرت محاولة أخری عام 1960، لاغتیال الإمام من الضابطین محمد عبدالله العلفي ومحمد صالح الُّلقَیّة، وأحد حرس الإمام، ویدعى محسن الهندوانة، خرج الإمام منها بجروح بلیغة، وعدم القدرة علی الحرکة.
وهناك محاولة قبلها تم اکتشاف الخلیة المکلفة بتنفیذها، وكان أبطالها: الشیخ علي شویط، وعثمان أبو ماهر وآخرون، حیث تم اعتقال شویط وآخرین، واستطاع عثمان أبو ماهر الإفلات والاختباء لدی الشیخ ابن الهیج، في ناحیة الزُّهرَة.
هذه المحاولات التي جرت لاغتیال الإمام، أسقطت الهالة التي خلقها الإمام حول شخصیته، إضافة إلى الاعتقالات التي طالت عددًا من الضباط، منهم محمد الرعیني مدیر أمن لواء الحدیدة.
کان للملازم یوسف علاقاته بالضباط في مدینة الحدیدة، ومنهم مدیر میناء المخا عبدالله السلال، ومحمد محسن الحیدري، ومحمد الرعیني. وکانت تشکیلة فرع الضباط الأحرار تضم من بقوا في اللواء، ولعبوا دورًا في التهیئة وخلق الوعي لقیام الثورة السبتمبریة.
مع قیام ثورة 26 سبتمبر 1962، تم تعیین قیادة عسکریة في لواء الحدیدة، ضمّت: محمد الرعیني، محمد محسن الحیدري، یوسف الشحاري، أحمد عزي السایس، علي سعید عبادي، وآخرین. وهي القيادة التي بدورها استعانت بالشباب، فشکّلت لجنة استقطاب الشباب إلى الحرس الوطني، الذين تم تدریبهم علی الأسلحة وتوزیعهم في کتائب وإرسالهم إلى صنعاء.
کما عمل لاحقًا في الأمن العام في وزارة الداخلیة، وعُیّن مدیرًا عامًّا للشؤون العامة والتوجیه المعنوي، کما شغل رئیسًا لتحریر صحیفة الثورة الیومیة عام 1966.
عُین کبیرًا لمعلمي کلیة الشرطة، بعد هزیمة 5 یونیو/ حزيران 1967، عقد مٶتمر القمة العربیة في جدة، وخرج بتوصیة تشکیل لجنة ثلاثیة لإجراء استفتاء لقیام "دولة إسلامية"، جوبهت بالرفض من قبل جماهير الشعب، في "الجمهوریة العربیة الیمنیة" حينها، وقد حضر الوطنیون، ومنهم یوسف الشحاري، لمظاهرة حاشدة في العاصمة صنعاء في 3 أکتوبر/ تشرين الأول 1967، ضد اللجنة الثلاثیة وقرارات مؤتمر القمة، وحدث إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرین، واستشهد عدد من المتظاهرین، کان أحدهم الملازم عبدالکافي سعید القاضي، وقد أمر الرئیس السلال باعتقال مدیر عام الأمن العام العقید عبد القادر الخطري، ووزیر الداخلیة محمد أحمد الأهنومي، حیث عقدت محاکمة للأول وتم إعدامه. ثم شکل الرئیس حکومة جدیدة، ضمّت في قوامها عسکریین، وشغل هو فیها رئیس الجمهوریة ووزیر الدفاع.
شارك الشحاري بعد هزیمة یونیو/ حزيران 67 وبدء رحیل القوات المصریة، في تشکیل فصائل المقاومة الشعبیة، وشارك في الدفاع عن صنعاء وفك الحصار.
في العام 1969، عُین نائبًا لمدیر کلیة الشرطة. ومنذ العام 1970، خاض غمار الحیاة البرلمانية من خلال عضویته في مجلس الشوری عن مدینة الحدیدة، وتم تعیینه وکیلًا للمجلس.
قاد مظاهرة حاشدة في حکومة النعمان، للمطالبة بصرف مرتبات موظفي الدولة، وألقی بهم خطبة حماسیة، واعتقل علی إثر ذلك.
ساهم في تأسیس اتحاد الأدباء والکتاب الیمنیین، وفي تأسیس نقابة الصحفیین الیمنیین، وکان عضوًا في هیئة رئاسة المجالس اللاحقة، وصولًا إلى مجلس الشعب التأسیسي، ومجلس النواب عام 1993.
عیّن مستشارًا لرئیس الجمهوریة بعد الوحدة، وانتخب رئیسًا لاتحاد عام الأدباء والکتاب الیمنیین في مؤتمره السابع عام 1993، وأعید انتخابه لنفس الموقع في العام 1997، واستمر حتی وفاته في مدینة صنعاء، في 16 سبتمبر/ أيلول 2000، بعد رحلة علاجیة في الأردن، ونُقل وشُیّع جثمانه في مدینة الحدیدة.
تعرض الشحاري في مسیرة حیاته النضالیة، للملاحقات الأمنیة والاعتقالات، بسبب شعره الثوری وخطبه الحماسیة، بل إن حزبه (المؤتمر الشعبي العام)، لم یرشحه في انتخابات 1993، وعمل على إسقاطه، عندما رشح نفسه کمستقل، بسبب موقفه من الحریات العامة والدیمقراطیة.
مراجع:
الحرکة الأدبیة في تهامة 1948 - 1990، المؤرخ عبدالرحمن عبدالله الحضرمي.
الحدیدة نیوز، مقال أحمد حسین عیاش یعقوب.
موقع المعرفة، حرب الیمن.
کتاب 40 سنة صحافة. الثورة؛ النشأة والتطور، عبدالحلیم سیف.