تشهد صنعاء وعددٌ من المدن والمناطق اليمنية تضخمًا لفئة الأشخاص الذين يتعاطون ما يسمى "الشمة"، كما يطلق عليها في اليمن، والتي تعرف بأنها نوع مخدِّر من عائلة التبغيات، ويتم تصنيعها من رماد عشبة الرمث وعشبة الورقة (ورقة التبغ)، في حين تعتبر الهند دولة المنشأ لهذا النوع من التبغ.
في اليمن، زاد تعاطيها بشراهة من قبل مختلف الفئات العمرية، لكن دون إدراك لما تسببه من أمراض وتشوهات في الفم، علاوة على ما تسببه من تأثير على القلب وتصلب الشرايين وأمراض أخرى عديدة، بحسب أطباء، فيما يلاحظ تعامل الكثير مع تعاطيها بسطحية مفرطة، وكأن خطر "الشمة" الوحيد هو إحداث تشوهات في الأسنان فقط.
أسباب تعاطي الشمة
هناك أسباب عديدة تجعل الشباب يتعاطون "الشمة"، يذكر الدكتور علي الردمي، طبيب أسنان ولثة، أنّ على رأسها البطالة التي يعاني منها الشباب، أو تقليد من هم أكبر سنًّا منهم، كما أنّ الحرب ساهمت في انتشارها بين الشباب الذين لم يتلقوا قسطًا جيدًا من التعليم.
يرى الردمي في حديث لـ"خيوط"، أنه كلما زاد الجهل زاد عدد المتعاطين "للشمة"، وتَشجَّعَ البعض الآخر لتجربتها، خصوصًا المراهقين، ومن هنا تتحول من مجرد تجربة إلى تعود و إدمان.
ويشير إلى ضرورة الإقلاع عن تعاطي "الشمة" كخطوة أولى للعلاج، ومِن ثَمّ البدء باستخدام العلاجات التي يقررها الطبيب، كما يشدد على ضرورة التوعية الشاملة للشباب بخطورة وأضرار "الشمة" وتبعات الإدمان عليها.
وتحتفل منظمة الصحة العالمية وشركاؤها في كل مكان، في 31 أيار/ مايو من كل عام، باليوم العالمي للامتناع عن التبغ، مع إبراز المخاطر الصحية المرتبطة بتعاطي التبغ والدعوة إلى وضع سياسات فعّالة للحد من استهلاكه. ويعد تعاطي التبغ أهم سبب منفرد للوفيات التي يمكن تفاديها على الصعيد العالمي، علمًا بأنه يؤدي حاليًّا إلى إزهاق روحِ واحدٍ من كلِّ عشرة بالغين في شتى أنحاء العالم.
دائمًا ما يروّج كثيرًا للشمة ومنتجات التبغ الأخرى عديمة الدخان على أنها أكثر أمانًا من السجائر، لأنها غير مرتبطة بالأمراض الخطيرة التي يسببها التدخين، وهذا خطأ فادح يجب ألَّا يترسخ في أذهان من يتعاطى "الشمّة"، فضلًا عن التشوهات المباشرة التي تحدثها، إلى جانب أعراض العصبية والقلق والاكتئاب بعد انتهاء مفعولها بساعات
ويكمن الهدف النهائي لليوم العالمي للامتناع عن التدخين في المساهمة في حماية الأجيال الحالية والمقبلة من هذه العواقب الصحية المدمرة، بل وأيضًا من المصائب الاجتماعية والبيئية والاقتصادية لتعاطي التبغ والتعرض لدخانه.
من ناحيته، يذكر خالد الماحي، طبيب أسنان ولثة لـ"خيوط"، أن أسباب تعاطي الشمة هي ذاتها أسباب تعاطي السيجارة والشيشة والقات، كما يشير إلى سبب آخر، هو انتشارها بشكل كبير وبسعر رخيص جدًّا، إضافة إلى عدم وجود الرادع من قبل الأهل ومن قبل الجهات الحكومية المعنية.
تقول ياسمين علي (اسم مستعار)، ربة منزل، لـ"خيوط"، إنّ شقيقها ترك التدخين ليتعاطى تبغًا آخر وهو "الشمة"، لأن رفقاء السوء -وَفق حديثها- نصحوه بها، وأقنعوه أنها أخف من التدخين، ولأنه الكبير وتعتمد عليه الأسرة منذ أكثر من 20 سنة، لم يردعه أحد وما يزال يتعاطاها حتى الآن.
أضرار وتشوه
لهذا النوع من التبغ "الشمة" أضرار صحية عديدة وأمراض باتت مستشرية، وبالإمكان رؤيتها عن قرب ولمس خطورتها على الواقع في مركز الأورام بالمستشفى الجمهوري بصنعاء، إذ يؤكد الدكتور الماحي أنّ هناك عشرات الحالات في هذا المركز تعاني من سرطانات الفم.
يضيف أن التبغ وهذا النوع والصنف منه "الشمة"، تسبب التهابات اللثة؛ وبالتالي التهديد بفقدان كلي للأسنان، وفي أحسن الأحوال تؤدي إلى تصبغ الأسنان، علاوة على الأضرار النفسية بسبب تشوهها، والأهم والأخطر من هذا كله أنها تسبب بعض الأورام، مثل سرطان الفم أكثر من تبغ السجائر.
في السياق، تقول باسمة الحدي، باحثة اجتماعية، لـ"خيوط": "لا أفهم كيف يكون الإنسان بكامل صحته وإرادته ويسوق نفسه لارتكاب أفعال تضر بصحته!". وتؤكد أنه دائمًا ما يروج كثيرًا للشمة ومنتجات التبغ الأخرى عديمة الدخان على أنها أكثر أمانًا من السجائر، لأنها غير مرتبطة بالأمراض الخطيرة التي يسببها التدخين، وهذا خطأ فادح يجب ألَّا يترسخ في أذهان من يتعاطى "الشمة"، فضلًا عن التشوهات المباشرة التي تحدثها، إلى جانب أعراض العصبية والقلق والاكتئاب بعد انتهاء مفعولها بساعات.