أعادت مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة في مدينة تعز، قبل أيام، فتح أبوابها، بعد سبع سنوات من الإغلاق، بفعل الحرب الدائرة بين قوات الحكومة المعترف بها دوليًّا وجماعة أنصار الله (الحوثيين) منذ ما يزيد عن سبع سنوات.
مثّلت مؤسسة السعيد قبل اندلاع الحرب، مركزًا ومنبرًا للثقافة والفكر، وملتقى لرجال السياسة والاقتصاد، ووجهة للمثقفين والهاوين من الشباب والطلاب، واحتضنت العديد من الفعاليات الثقافية والفنية والأدبية والسياسية.
مع اندلاع شرارة الحرب في تعز، مطلع أبريل 2015، توقف نشاط المؤسسة، وتعرضت لاحقًا للاقتحام ونهب محتوياتها والعبث بها، ونجم عن ذلك العبثِ والنهب توقفُ أعمال أهم منبر ثقافي لسنوات في اليمن .
تعرّضت المؤسسة لأضرار فادحة بسبب النهب والتدمير الذي طالها، وتحاول الآن بعد عودتها، البَدءَ التدريجي لممارسة أنشطتها وبرامجها التنويرية والتثقيفية التي كانت مرتكزًا أساسيًّا لها قبل توقفها، إذ يؤكّد رئيس مجلس إدارة المؤسسة، فيصل سعيد فارع، في تصريح مقتضب لـ"خيوط"، أنّ المرحلة الأولى تضمّنت إعادة قسم المكتبات فقط.
سيرة حافلة
أُنشِئت مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة في العام 2001، بهدف الربط بين الثقافة والاقتصاد كضامن للتنمية المستدامة وأهداف الجهات المتبنية لها في النهوض بالمجتمعات.
لتعز خصائص ثقافية واجتماعية تتميز بها عن غيرها من المحافظات الأخرى، وفيها حاضنة ثقافية وفكرية واجتماعية، ومستقر للتعايش والتنوع الاجتماعي والحراك السياسي، وكلها مجتمعة استدعت ضرورةَ وجود مؤسسة تعنى بالفكر والثقافة، إلى جانب حفظ وتوثيق التراث الثقافي في تعز والقيام بمهام تثقيف وتحديث وتنوير أبناء المحافظة والمحافظات الأخرى.
تمثل عودة المؤسسة إحدى بشائر تطبيع الحياة في مدينة تعز، وهو ما يؤكد عليه عدد من رواد الفكر والثقافة في أنّ عودة "مكتبة السعيد" للعمل، سيكون بمثابة انطلاقة جديدة للقيام بدورها الحضاري والثقافي، واستقبال طلبة العلم والفكر والمعرفة.
وتعد مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة أحدَ أهم المشاريع الثقافية في اليمن ومن أهم التجارب الثقافية العربية الناجحة، واتخذت البعد الثقافي، لما لها من عوامل في تنمية وعي المجتمع وتنويره.
كما تهدف مؤسسة العلوم والثقافة إلى تشجيع البحث العلمي من أجل تحسين الثروات المعرفية في البلاد، وتشجيع العلماء والباحثين في مجالات العلوم الطبيعية والتطبيقية والتقنيات المختلفة، وتأسيس مركزٍ للبحث العلمي، وزيادة الإنتاجية في مجالات الزراعة عبر القيام بالأبحاث والتجارب العلمية، وغرس روح التنافس لدى الباحثين والعلماء بتخصيص جوائز للفائزين .
وتقوم المؤسسة بتنظيم دورات ومحاضرات ومؤتمرات علمية، والتعاون مع مؤسسات البحث داخل البلد وخارجه، والعمل على نشر وترويج الابتكارات والاختراعات العلمية والثقافية، وتقديم الشهادات التقديرية للعلماء والكتّاب، لتشجيع الأبحاث العلمية والثقافية .
بادرة جديدة لتطبيع الحياة
تنظم المؤسسة جوائز عديدة، تشمل: العلوم الطبية، والعلوم الإسلامية، والدراسات البيئية والزراعية، والأنشطة الاجتماعية والإنسانية، والإبداع الثقافي، والعلوم الاقتصادية، ويتم توزيع الجوائز المذكورة في تاريخ 23 أبريل/ نيسان من كل عام.
تحوي مؤسسة السعيد أقسامًا متعددة، هي: قسم المكتبة العامة، وصالة المحاضرات والمنتديات، وقسم المخطوطات، وقسم ثقافة الطفل، وقسم الحاسوب والإنترنت، وأقسام أخرى، ويهدف كل قسم من هذه الأقسام إلى تحقيق أهداف المؤسسة ونشر العلم والمعرفة. كما تحتوي على أرشيف للمجلات والصحف والدوريات اليمنية.
مثّلت عودة هذا الصرح الأدبي والثقافي للعمل من جديد بادرةً جديدة لتطبيع الحياة في المدينة، إذ يرى مهتمون في الجانب الثقافي أنّ عودة مكتبة مؤسسة السعيد أمرٌ مهم للغاية في سياق استعادة زخم الفعاليات الأدبية والثقافية التي اعتادت تقديمها، خاصة أنها أكبر مكتبة في عاصمة الثقافة اليمنية، وكانت وما زالت مرجعًا كبيرًا لكثير من الدارسين والباحثين.
كما تمثّل عودة المؤسسة إحدى بشائر تطبيع الحياة في مدينة تعز، وهو ما يؤكّد عليه عدد من رواد الفكر والثقافة في أنّ عودة "مكتبة السعيد" للعمل سيكون بمثابة انطلاقة جديدة للقيام بدورها الحضاري والثقافي، واستقبال طلبة العلم والفكر والمعرفة، وستكون مقصد طلبة الدراسات العليا والمثقفين والمهتمين ليغترفوا منها ومن مراجعها العلمية في مختلف المجالات الفكرية.
لذا فإن هذه الخطوة المهمة المتمثلة بفتح أبواب مكتبة مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة للعمل كمنبر تنويري، قد يمحو بعض تأثيرات الصراع على الأجيال الجديدة في مدينة تعز، التي تعصف بها الحرب منذ ما يزيد عن سبع سنوات.