الخير

في ليل هذه المآسي القاتمة تطل الحياة
عبدالباري طاهر
October 21, 2020

الخير

في ليل هذه المآسي القاتمة تطل الحياة
عبدالباري طاهر
October 21, 2020

  أن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام. في حفل أقامته «مؤسسة الخير» في يوم الخميس 14 أكتوبر/ تشرين الأول، حضره مجموعة من المثقفين والأدباء والكتاب وشخصيات عامة. وُزِّعَ في الحفل كراس عن إنجاز «الخير»، وهي مؤسسة للتنمية الاجتماعية؛ والتنمية الاجتماعية هي الهدف الأساس.

    دخان الحرب يغطي سماء اليمن، ويحجب الرؤية ونور شمس الحياة، ونيران الحرب المشتعلة في كل اليمن تقتل الأنفس البريئة، وتشرد الملايين، وتنشر المجاعة والفزع والرعب، وتعيق معالجة الأوبئة الفتاكة، وتفشي الأمية.

    في ليل هذه المآسي القاتمة تطل الحياة؛ إذ هي أقوى من الموت، وإرادة السلام أقوى من الحرب، وفعل الخير حاضر لا يقبل الغياب.

   الهدف الرئيس العظيم دعم الحملة الوطنية لمحو الأمية. ويقينًا، فإن محو الأمية هدف أساس لكل ثورات العصر ودعوات التنمية والحداثة والإصلاح؛ فالأمية -بمعنييها: الأمي، والتقني- هي الإعاقة الحقيقية أمام العمل والعيش الكريم، فكل إنجازات العصر مرتهنة لمحو هذه الإعاقة البالغة الخطورة والضرر؛ فتبني المؤسسة الخيرية لمواجهتها غاية في الأهمية؛ فالخير- كل الخير- في بناء الإنسان القادر على العيش بكرامة، والإسهام في بناء حياته ومجتمعه، وبحسب الإنجاز المحتفى به، فإن المؤسسة الخيرية قد كرست جهدها، عبر العشر السنوات المنصرمة من عمرها، لمكافحة الأمية والفقر والتخلف، واهتمت بإعداد وتقديم برامج تعليمية وتدريبية مجانية للمستحقين والمؤهلين في مختلف جوانب المعرفة.

    اشتغلت المؤسسة على أعمدة سبعة: تحفيز الشباب على الاستثمار لرصيدهم المعرفي، والقضاء على الأمية، وإنشاء المراكز والمعاهد، وتوفير خدمات التوجيه والإرشاد لمختلف الأنشطة المختلفة، والتعاون مع المؤسسة الأكاديمية لتنمية قدرات الشباب، ومساعدة الأسر المحتاجة، ودعم مشاريع التنمية. كما قامت المؤسسة بإنشاء الحواجز المائية والمصدات؛ لكي تحول دون طمر الأراضي بالسيول، وقامت بشق بعض الطرق الريفية، وترميم المباني المدرسية، وإنشاء معاهد تعليمية وتدريبية مجانية للشباب من الجنسين، وكان الاهتمام الأكبر بالمناطق الريفية والنائية والمحرومة، والاهتمام أكثر باليتامى والمهمشين، وتقديم المنح للطلبة المتفوقين في مختلف مراحلهم الدراسية.

    ويقوم معهد الخير في "بني شيبة" بالإفادة من عام الخدمة الطلابي بتوفير الدراسة المكثفة للغة العربية والإنجليزية ومادة الرياضيات وتقنية المعلومات، ولمدة خمس ساعات يوميًّا لثمانية أشهر، كما عملت المؤسسة على مد المشروع للمحافظات: مأرب، والحديدة.

يأخذ الاهتمام بالطلاب المهمشين مساحة أكبر في نشاط المؤسسة الخيرية، وتشجيعهم على التحصيل الدراسي بما يحول دون الاضطرار لترك التعليم لأسباب مالية

    نفذ البرنامج بين الأعوام 2010 و2014 – تأهيل وتعليم ما بين 120 أو 215 شابًّا و5 شابات من خريجي الثانوية العامة من محافظات مأرب وشبوة والجوف، وتشير الكراسة إلى تأهيل 100 شاب؛ لتسهيل حصولهم على عمل من خريجي المعاهد الفنية والمهنية في العمارة والسباكة والنجارة والتبليط والتلحيم والتمديدات الكهربائية، ويجري الاهتمام بالتمريض والإسعافات الأولية، وقد تخرج عدد من الممرضين والممرضات والقابلات من صنعاء وتعز. وتهتم المؤسسة بالتأهيل لبعض الأعمال اليدوية، كالخياطة والتطريز وأعطال السيارات والإصلاح والصيانة، إضافةً إلى تقديم العون المالي وسلال الغلال للأسر الفقيرة، وخصوصًا في الريف، ويأخذ الاهتمام بالطلاب المهمشين مساحة أكبر في نشاط المؤسسة الخيرية، وتشجيعهم على التحصيل الدراسي بما يحول دون الاضطرار لترك التعليم لأسباب مالية، وتتبنى المؤسسة حملة توعية للقبول بالمهمشين، واستيعابهم كإخوة ومواطنين متساوين وزملاء في العمل والمدرسة، وعدم التمييز، وكسر الحاجز النفسي والمجتمعي المصطنع، والتعامل معهم كمواطنين متساوين مع غيرهم في الحقوق والواجبات .

    في كراسة صغيرة وُزِّعتْ في الحفل عن برنامج دعم تعليم المهمشين، وسموا بين قوسين "أحفاد بلال"، وبمقدار ما سررت للإنجاز الرائع في الاهتمام بتعليم وتأهيل وتدريب هذه الفئة، والتأكيد على مواطنتهم المتساوية قولًا وفعلًا، بقدر ما ساءتني التسمية "أحفاد بلال". ساءتني التسمية ذات المعنى الديني والأخلاقي؛ فهي مستعارة من تسمية أنصار الله (الحوثيين)، التي يطلقونها على أتباعهم من هذه الفئة، ورغم الطابع الديني للتسمية إلا أن القراءة المتأنية في التسمية تعني فيما تعني أنهم أحباش، من نسل بلال الحبشي مؤذن الرسول، والنسبة إضافة إلى كونها غير صحيحة، فإنها ترتد بهذه الفئة المهضومة المظلومة المهمشة إلى ما قبل مئات السنين، وتجردهم بالتسمية أو تحرمهم من اسم المواطنة كيمنيين، وتصفهم في خانة تربطهم بمعانٍ ودلالات معادية في سائد الوعي اليمني، وهو وعي زائف، ولكنه ليس موضع المناقشة الآن، فذلكم يحتاج إلى مكان آخر وموقف مختلف، وأعظم مفكر وأقدم يمني تنبه لهذا الأمر هو الدكتور جعفر الظفاري.

    الإنجاز العملي والفعلي لمؤسسة الخير وخيرها الإنساني الرائع هو ما ينبغي أن يتناول وينشر ويعلن، وبالأخص اهتمامها بطباعة الكتاب.

    يبدو أن الأستاذ الجليل علوان الشيباني شديد التواضع، بحيث لا يحب الحديث عن إنجاز خيري، يجب أن يتعلم منه الجميع، وبالأخص القادرين على الإسهام وتقديم الخير، في شعب يعيش أسوأ كارثة على وجه الأرض، بحسب التوصيف الأممي والأمر الواقع.

لهذه المؤسسة الخيرية مشروع وطني هو دراسة الأثر والتأثير للهجرة اليمنية.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English