تلاشى حلم المزارع "صالح حمران"، في تحقيق أرباح مالية هذا الموسم من محصول الطماطم الذي يزرعه في محافظة الجوف (شرقي اليمن)، بسبب إغلاق منافذ التصدير وتعقيدات الطرقات، بما في ذلك منفذ حرض والوديعة؛ بفعل الحرب والصراع الدائر في البلاد منذ العام 2015.
هذا الأمر تسبّب بخسائر باهظة تكبّدها المزارعون، ليس في محافظة الجوف فقط، بل في مختلف مناطق الإنتاج الزراعي في اليمن، خصوصًا في ظلّ ما تمرّ به هذه المحافظة من اهتمامٍ لافت في القطاع الزراعيّ منذ ما يقارب ثلاث سنوات.
يقول حمران، لـ"خيوط"، إنّه كغيره من المزارعين تعرّض لخسارةٍ فادحة بعد أن شهد محصولُ الطماطم الذي يزرعه وفرةً في الإنتاج هذا العام، إذ كان يتوقّع -وَفقَ حديثه- أرباحًا تصل إلى 30 مليون ريال، لكن ذلك ذهب أدراج، الرياح وتكبّد خسائر فادحة.
يُرجِع هذا المزارِع السببَ إلى الحرب والصراع الدائر في البلاد، وتبعات ذلك في إغلاق منافذ المحافظة مع السعودية دون مراعاة لمصالح المزارعين، إضافة إلى إجراءات التصدير المعقّدة، وعدم توفّر أسواق وثلاجات مركزية لحفظ المنتجات، مشيرًا إلى أنّ ذلك دفع أسعار المنتجات للانخفاض لأدنى مستوى، فيما يقوم تجار بشرائها بأثمانٍ بخسة وبيعها لاحقًا في أسواق المدن.
مشاعر محبطة
أمام انخفاض أسعار محصول الطماطم في أسواق المحافظة، تتولّد مشاعر الإحباط لدى المزارعين، من أنّ منتجاتهم أصبحت عرضةً للتلف، مع عدم وجود ثلاجات مركزية للحفظ، فيكون المزارعون بين خيارَين كلاهما مرّ؛ إمّا بيع محاصيلهم بذلك الثمن الذي يُحدّده المشتري نفسه، أو جعلها عرضة للتلف.
منتج الطماطم لا يتحمّل إجراءات النقل والتعبئة والتغليف؛ لأنّه سريع التلف، على عكس المنتجات الأخرى مثل الفواكه كالتفاح والبرتقال، إذ تكون عملية تغليفها مناسبة مع إجراءات التصدير.
محمد عفرج، مزارع آخر كلفه استمرار إغلاق منافذ التصدير، خسائرَ غير متوقّعة، بعدما انخفض سعر السلّة من الطماطم هذا الموسم من 20 ألف ريال قبل إغلاق المنافذ إلى 800 ريال، إذ كانت غالبية منتجاته الزراعية يتم تصديرها إلى السعودية.
يحكي عفرج، بحزن لـ"خيوط"، عن فقدان الأمل في زراعة حقوله في الموسم القادم، بعدما تعرّض لخسارة كبيرة، لافتًا إلى أنّ الأرباح التي كان يتحصّل عليها قبل إغلاق المنافذ، من بيع الطماطم بمساحة تبلغ 500 متر، تتراوح ما بين 130 مليون إلى 140 مليون ريال، أمّا الآن فلا يتوفّر لديه رأس المال لتغطية النفقات التي تكبّدها في هذا الموسم.
ودفعت هذه الخسائرُ المكلفة لمحصول الطماطم وغيره من المحاصيل، المزارعِينَ في الجوف إلى إطلاق مناشدات للجهات المختصة بسرعة معالجة تلك المشكلة، وتسهيل إجراءات التصدير، وفتح المنافذ، وإنشاء أسواق مركزية، وكذلك توفير ثلاجات مركزية لحفظ المنتجات من التلف.
وكذا تفعيل مصانع محليّة تستوعب المنتجات، بما في ذلك مصنع لإعادة تدوير الطماطم (الصلصة)، يكون بمثابة خطة بديلة في حال تكدّست المنتجات؛ لتفادي تعرّضها للتلف.
إجراءات معقّدة
في السياق، يؤكّد المسؤول الإعلامي في سوق الارتقاء المركزي بمحافظة الجوف، عدنان سرور، وهو سوق أنشِئ حديثًا لغرض تسهيل إجراءات التصدير في المحافظة، في تصريح لـ"خيوط"، أنّ هناك تحديات وصعوبات عديدة تواجهها عملية تصدير الطماطم، في ظلّ ظروف الطرقات وتعقيدات السفر الذي يستغرق ساعات طويلة.
إضافة إلى كون منتج الطماطم لا يتحمّل إجراءات النقل والتعبئة والتغليف؛ لأنّه سريع التلف، على عكس المنتجات الأخرى، مثل الفواكه كالتفاح والبرتقال، إذ تكون عملية تغليفها مناسبة مع إجراءات التصدير.
يشير سرور إلى عدم وجود وسائل نقل مناسبة لحفظ منتج الطماطم، بما في ذلك شاحنات تمتلك ثلاجات مركزية حافظة للمنتج من التلف، لافتًا إلى أنّ ذلك من أسباب تكبّد المزارعين لخسائر وتكدّس منتجاتهم، خصوصًا في هذا الموسم.
وتفاديًا لذلك؛ يؤكّد سرور، على أهمية إيجاد غرف عمليات لتنسيق ومتابعة الأسواق في جميع المحافظات، ومعرفة احتياجها وتبليغ غرفة العمليات من أجل أن يتم توزيع المنتجات في جميع المحافظات، بدلًا من تراكمها في أسواق محدودة؛ الأمر الذي يؤدّي إلى تكدّس وكساد المنتجات.
الجدير بالذكر، أنّ هناك تجهيزات جارية -كما تؤكّد مصادر مطّلعة لـ"خيوط"- لإعادة تشغيل مصنع (باجل) للصناعات الغذائية، في محافظة الحُديدة (شمال غربي اليمن)، والذي سيعمل في حال إعادة تشغيله على استيعاب جزءٍ من محصول الطماطم، وإعادة تدويرها والتخفيف من معاناة المزارعين، وتلافي ما يتعرّضون له من خسائر.