بدأ تاريخ مدينة الحوطة كعاصمة، منذ تدمير مدينة الرعارع في أواخر الدولة الطاهرية، وعندما دخل العثمانيون مدينة عدن تحولت العاصمة إلى حوطة بلجفار، فتدهورت مدينة الرعارع، ولم يعد لها ذكر بعد القرن الحادي عشر الهجري إلا أن أحمد بن فضل في كتابه (هدية الزمن) يرى أن أول من اتخذ مدينة الحوطة عاصمة للحج هم عمال الإمام المتوكل والإمام المنصور، ويؤكد على ذلك بأن لهم دارين فيهما، هما: "دار حمادي"، و"دار عبدالله"، المعروفان بموضعيهما إلى الآن في مدينة الحوطة، ولما استقر فيهما فيما بعد الشيخ فضل بن علي العبدلي عام 1145هـ، أقرها عاصمة للحج وعاصمة لملكه، وقد نقل عائلته من قرية المجحفة إليها، وكان فيها أحد عشر مسجدًا وثلاثون بئرًا للشرب، وأشهر مساجدها: مسجد السيد عمر بن عبدالله بن حسين المساوى، ومسجد الدولة، ومسجد الشيخ الحسين بن أحمد المساوى الذي يقع في حارة المساوى، وقد بناه السيد حسين بن أحمد المساوى عام 892هـ وبه قبره، ويعتبر من أقدم أبنية مدينة الحوطة، وهو رجل صالح كانت تقام له زيارة حولية في السابع عشر من ربيع الآخر، إلا أنها توقفت عقب الاستقلال في عام 1967، ومسجد راجح؛ وهو مسجد حديث بني في وسط مدينة الحوطة، ومسجد بليل؛ وهو مسجد قديم في حارة عبدالله، وقد رمم من قبل الأمير عبدالله بن محسن العبدلي، ثم تلته ترميمات أخرى بمادة الأسمنت أفقدته معالمه القديمة، وتاريخ بنائه غير معروف بالضبط، ومسجد الشيخ سعيد الذي يقع في حارة الشيخ سعيد بني في عام 991 هجرية، ومسجد قيضاء؛ وهو مسجد بناه الشيخ محمد أبوبكر السقاف، لكن تاريخ بنائه غير معروف بالضبط، ويحتوي في داخله على بعض القبور التي لا تحتوي شواهدها على كتابات عن أصحابها.
وتشتهر مدينة الحوطة إلى جانب مساجدها بأضرحتها؛ حيث يوجد فيها العديد من الأضرحة لبعض الصالحين؛ أهمها ضريح الصالح "مزاحم بلجفار" الذي تنسب إليه حوطة بلجفار، وهو رجل صالح تقام له حولية في شهر رجب، وتلك الزيارة تعتبر من أعظم المناسبات الدينية الحولية في لحج؛ فالتجار ينتظرونها بفارغ الصبر كموسم للخير، حيث تصل الوفود من كل صوب من القرى المجاورة وتروج سلعهم المتعددة؛ لذلك صار صباح اليوم التالي للزيارة وعدًا وأجلًا لقضاء الدين، فيقال إلى صبيحة رجب؛ والمراد صبيحة اليوم التالي لزيارة رجب؛ حيث تتم في اليوم الأول طقوس دينية عند الضريح، تبدو أشبه بتلك الطقوس التي تقيمها القبائل الآن في أفريقيا يتخللها المشي على النار وغيرها من الطقوس.
أهم المواقع والمناطق الأثرية في مدينة الحوطة:
قصر السلطان
هو قصر السلطان عبدالكريم بن علي بن عبدالله العبدلي، قام ببنائه عام 1347هـ، يقع إلى اليمين من ساحة السوق الذي ينتهي إليه الطريق القادم من مدخل مدينة الحوطة باتجاه عدن؛ وهو عبارة عن قصر كبير بُني بهيئة حرف (L)، وأمامه ساحة كبيرة تتوسطها نافورة، وقد بني بطراز يشابه مباني الشرق الأقصى، ويشابه أيضًا قصر السلطان عبدالكريم فضل، الذي بناه في كريتر عدن، كما يشابه قصر القعيطي في مدينة المكلا، ويتكون هذا القصر من ثلاثة أدوار، وهو من أجمل مباني مدينة الحوطة على الإطلاق، ودوره الثالث يشغل حاليًّا متحف مدينة الحوطة.
المسجد الجامع (عمر بن عبدالله المساوى)
يعتبر من أهم مساجد مدينة الحوطة، بناه السيد عمر بن عبدالله المساوى في عام 1083هـ، ونقل منبره من جامع مدينة الرعارع، ثم جدده ووسّعه السلطان عبدالكريم بن فضل بن علي محسن العبدلي عام 1348هـ، حتى صار من أجمل وأفخم مساجد اليمن.
مسجد الدولة
بناه السلطان أحمد محسن فضل العبدلي، وجدده أخوه محمد بن محسن عام 1292 هجرية. ويعتبر من أجمل مساجد الحوطة وتظهر في عمارته تأثره بفنون العمارة الإسلامية في الشرق الأقصى، وقد دفن إلى جوار المسجد بانيه السلطان أحمد بن محسن فضل العبدلي، كما دفن إلى جواره العديد من أمراء السلطنة، أشهرهم القمندان أحمد بن فضل العبدلي.
يقع هذا المسجد في قلب مدينة الحوطة، وتقع إلى جواره المنازل القديمة لعشائر السلاطين التي كانت تحكم السلطنة.
حوطة سفيان
يقع ضريح الشيخ سفيان بن عبدالله في مدينة الحوطة وتنسب الحوطة إليه، فسميت حوطة سفيان، ويوجد داخله قبره، تقام له زيارة سنوية في السابع عشر من ربيع الأول، وكان الشيخ سفيان بن عبدالله عالمًا متفقهًا مشتغلًا بالعلم، تذكر بعض المصادر أنه عاش في القرن الثامن الهجري، أما تاريخ وفاته فغير معروف، وما زال يسكن من نسل الشيخ سفيان حتى الآن في حوطة سفيان، وقد تم هدم وتخريب ضريح الشيخ سفيان عام 1994، أثناء الحرب التي شنت على الجنوب، ولم يبقَ منه إلا منارة المسجد.
المصدر: نتائج المسح السياحي في الفترة (1996-1999م)، الجزء السادس: محافظة لحج- محافظة تعز- محافظة إب.