بعد أعماله الشعرية الخمسة: "حياة بلا باب"– 2002، "ارتباك الغريب"- 2004، "دون أن ينتبه لذلك أحد"- 2006، "قدِّيس خارج اللوحة"- 2023، "كل الجهات عدن"- 2023، وبعد كتابه النقدي "الكتابة الجديدة؛ هوامش على المشهد الإبداعي التسعيني في اليمن"- 2003.
أصدر الشاعر والكاتب أحمد السلامي، بواسطة دار الآداب اللبنانية، روايتَه الأولى "أجواء مُباحة" قارَبَ فيها حالة الحرب في بلد التوازنات القلقة، وفيها تتنقَّل بنا الرواية بين قرية عامر "صدر الجبل"، وصنعاء –المدينة التي لا تُشبه المدن– لتكشف عن العلاقات القَبَليَّة والسياسيَّة ومفردات الحياة اليوميَّة، ولتطرح أسئلةً عن العنفِ والفقدِ والبحث عن الذات.
في دردشة قصيرة مع المحرر، يقول السلامي عن أجوائه المباحة:
"انطلقتُ أثناء كتابة الرواية مبدئيًّا من حاجتي وأنا بعيد عن البلد لأن أقول شيئًا وجدت في السرد الروائي وسيلة مناسبة لقوله أكثر من الوسائل الأخرى. وأرى أن الأحداث في اليمن منذ العام 2011، توالت سريعًا ولم تدع لنا فرصة لالتقاط الأنفاس لنتأمل المسار الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه الآن. وهذا التأمل لا شك أن السرد قادر على استيعابه أكثر من أشكال الكتابة الأخرى.
لست من أولئك الذين لديهم موهبة التماهي مع اللحظة الراهنة، وأجد صعوبة في مقاربة الراهن داخل النص الأدبي، وأرى أن الفاصل الزمني مهم جدا لأنه يسمح بترسب العادي والبديهي بحيث لا يبقى سوى ما يستحق التأمل.
لذلك عدت -دون تجاهل لما يجري في اليمن الآن من فوضى- إلى أواخر العام 2007، وصولًا إلى أواخر العام 2008، وبذلك تدور أحداث الرواية في عام واحد، يقع في النصف الثاني من العشرية الأولى، وكانت اليمن تشهد حينها ما يعرف بالحرب على الإرهاب. اختياري لذلك العام كان مجرد جسر للكثير من السرد، متخذًا من مصير عائلة يمنية تحت ظلال الحرب على الإرهاب وسيلة للإطلال على حقبة بكل ملابساتها وتحولاتها، بقدر ما يسمح سياق الأحداث وما يتطلبه النص من توازن يحميه من الوقوع في شباك التطابق مع الواقع، إذ في النهاية على السارد أن يحافظ على خطابٍ روائي لا يتخلى عن المسحة الأدبية، فوجدتُ في الأحداث والمشاهد الوقودَ الكافي لكي أقارب ما سعيت إلى تصويره في العمل، وهو مجتمع بدا لي أنه كان يترنح على حافة الهاوية وينقاد للمجهول باستسلام.
ومن المفارقات أننا نعيش هذه الأيام حروبًا طاحنة في أكثر من مكان من العالم، بينها منطقتنا، تستخدم فيها الطائرات المسيرة على نطاق واسع، في حين تبدأ الرواية بسرد تداعيات هجمة طائرة مسيّرة في إحدى القرى، ثم يمضي العمل وكل شخصية فيه مصممة لتخبرنا بشيء مما جرى. هناك حكي عن معسكرات الجهاديين في تلك الفترة، وتفاصيل من الصعوبة على كاتب العمل أن يلخصها، ربما حرصًا على الاحتفاظ بما هو حق للقارئ، وما يمكن للناقد أن يجده بين السطور من تأويلات".
جاء في الغلاف الأخير للرواية:
"تتحوَّل سماء اليمن إلى حقول تجارب للطائرات المُسَيَّرة، التي تصطاد في غاراتها الأرواح في عتمةِ الليل من دون تمييز. بهذه الطريقة يفقد عامر شقيقتَه وبناتها الثلاث، ويجد نفسه وسط خياناتٍ وصراعاتٍ لم يكن يتوقَّعها".