عبدالله حميد العلفي

اليساري الآتي من بيئة قبلية
خيوط
August 14, 2024

عبدالله حميد العلفي

اليساري الآتي من بيئة قبلية
خيوط
August 14, 2024
.

وُلد عبدالله حميد العلفي في دار أعلى – مديرية أرحب، بمحافظة صنعاء، في 2/10/1944.

بدأ حياته الدراسية منذ صغره في كُتّاب القرية، حيث تعلم القرآن الكريم، ومبادئ الحساب، ومبادئ العلوم الدينية.

في عام 1959، التحق بالمدرسة المتوسطة في صنعاء، وأنهى الدراسة فيها عام 1962. انتقل بعدها إلى المدرسة الثانوية، في ذات الفترة التي قامت فيها مظاهرات الطلاب الشهيرة ضد الإمام، وشارك فيها، وتمكن بعدها من الهرب من صنعاء إلى قريته والاختفاء فيها؛ وكانت المدرسة قد أُغلقت، واعتقل أغلبية الطلاب إلا من تمكن من الهرب.

بعد قيام ثورة 26 سبتمبر، أُعيد فتح المدرسة، وأُعيد تنظيم المدارس على النمط المصري، حيث حصل على الشهادة الإعدادية عام 1963، ثم الحصول على الثانوية العامة في أول دفعة لثانوية عامة في اليمن عام 1966.

التحق بعدها بجامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وتخرج منها عام 1971.

الانفتاح على اليسار 

بدأ عبدالله حميد العلفي خلال دراسته الثانوية الانفتاح على الأفكار اليسارية من خلال الاطلاع على بعض المجلات الفكرية، مثل: "مجلة الطليعة" المصرية، و"مجلة دراسات عربية" اللبنانية، وبعض المطبوعات باللغة العربية لدار التقدم التي كانت تصدر من موسكو، بالإضافة إلى الاطلاع على مصادر مختلفة في الفكر والأدب، مثل مؤلفات طه حسين، والعقاد، ونجيب محفوظ، وغيرهم، دون أن ينتمي إلى أي من الحركات السياسية التي كانت تنشط في الساحة اليمنية آنذاك.

خلال دراسته الثانوية أيضًا، مارس الكثير من الأنشطة السياسية، وقاد -بالمشاركة مع زملاء آخرين- العديد من المظاهرات؛ لنصرة الثورة والجمهورية ضد القوى والعناصر التي كانت تحاول النيل منهما، وكان من زملائه الذين شاركوا في قيادة تلك المظاهرات ممن يتذكرهم: مطهر عبدالكريم الحيفي، والدكتور حمود العودي.

خلال دراسته في الجامعة، توسعت مداركه واطلاعه على مصادر الفكر اليساري، العربية والأجنبية، وبدأ يبحث مع زملاء آخرين عن إنشاء تنظيم سياسي للعناصر اليسارية في أوساط الطلبة اليمنيين في مصر، لكن خاب أملهم في وجود تنظيم لليسار اليمني؛ باعتبار أن التيار الذي كان يقوده المناضل الكبير المرحوم عبدالله باذيب، كان ينشط تحت اسم "منظمة السلفي"، وكان يبرر ذلك أنه لم يحن الوقت بعدُ لقيام حزب سياسي لليسار اليمني، وقد قام بالمشاركة مع عبدالحافظ هزاع بإنشاء منظمة حزبية باسم "اليساريين المستقلين" في أوساط الطلبة اليمنيين في مصر؛ وانضم إليها كوكبة من أنشط العناصر في أوساط الطلاب اليمنيين في مصر.

كان له أيضًا أثناء الدراسة في مصر نشاط نقابي؛ فقد كان سكرتيرًا مشاركًا لرابطة الطلبة اليمنيين بالقاهرة، وكان السكرتير المشارك الآخر هو ياسين سعيد نعمان، كما كان ممثلًا لمنظمة اليساريين المستقلين في القاهرة في لجنة التنسيق بين منظمات الأحزاب القومية واليسارية في القاهرة، وقد كان يشارك في لجنة التنسيق ممثلًا لمنظمتهم (منظمة اليساريين المستقلين)، إلى جانب ممثلي، "الجبهة القومية"، و"الحزب الديمقراطي الثوري"، و"حزب الطليعة"، حيث كان الدكتور ياسين سعيد نعمان ممثلًا للجبهة القومية، والدكتور عبدالملك عبدالواحد ممثلًا للحزب الديمقراطي الثوري، وحسن شكري ممثلًا لحزب الطليعة (حزب البعث سابقًا).

الدعوة لإنشاء حزب

في سبتمبر من عام 1969، وبدعوة من منظمات مشابهة لمنظمتهم في القاهرة كانت تنشط في الداخل- تمت الدعوة إلى اجتماعات تأسيسية لإنشاء حزب لليسار اليمني، حيث شارك في هذه الاجتماعات: منظمات صنعاء، والحديدة، وتعز، وشارك في تلك الاجتماعات ممثلًا لمنظمة القاهرة، ومن الأسماء التي يذكرها في تلك الاجتماعات: عمر الجاوي، وسيف أحمد حيدر، وخالد فضل منصور، وعبدالباري طاهر، ومحمد الضلعي، ومحمد عبدالرزاق مكين، وحسن محسن السقاف، وخالد حريري، وعبدالحافظ هزاع، وغيرهم، وعقدت تلك الاجتماعات في مدينة الحديدة على مدى أسبوعين تقريبًا، وتم مناقشة الأسس الفكرية والسياسية والتنظيمية للحزب الجديد؛ حيث تم الاتفاق على إنشاء حزب يساري باسم "حزب العمال والفلاحين"، يضم المنظمات المؤسسة الأربع، وتم الاتصال بمنظمات مشابهة في عدن، وبغداد، ودمشق، وموسكو، وانضمت لاحقًا إلى الحزب الجديد الذي تم تغيير اسمه بعد مرور عام تقريبًا، إلى "حزب العمل".

بعد عودته إلى القاهرة واصل النشاط في صفوف منظمة "حزب العمال والفلاحين"، ثم "حزب العمل"؛ حتى تخرجه من الجامعة.

واصل نشاطه السياسي والتنظيمي في قيادة "حزب العمل"، وانتخب ممثلًا للحزب في الهيئة الإدارية لنادي الخريجين، وكان المسؤول الثقافي للنادي، وقد قام النادي في حينه بنشاط ثقافي واسع وملحوظ؛ حيث كان يقيم العديد من الندوات الثقافية والفكرية التي شارك فيها نخبة من قادة السياسة والفكر والأدب، ومنهم: محسن العيني، والدكتور عبدالكريم الإرياني، والأستاذ عبدالله البردوني، وغيرهم. 

كما أنه شارك ممثلًا لحزب العمل في لجنة التنسيق بين الأحزاب اليسارية في شمال الوطن، التي استمرت في العمل، حتى تم توحيد تلك المنظمات.

وكان يشارك في هذه اللجنة -بالإضافة إلى حزب العمل- كل من "الحزب الديمقراطي الثوري"، و"حزب الطليعة"، و"حزب اتحاد الشعب"، وقد كانت هذه اللجنة تقوم بتنسيق الأنشطة السياسية والإعلامية للأحزاب المذكورة على مدى فترة من الزمن، وكان ممن يمثل الأحزاب الأخرى، بحسب ما يذكر: عبدالوارث عبدالكريم، ومحمد سالم الشيباني، ممثلين بالتناوب عن "الحزب الديمقراطي الثوري"، وحسن شكري ممثلًا لـ"حزب الطليعة"، وأحمد جبران ممثلًا لـ"حزب اتحاد الشعب". 

هذا بالإضافة إلى نشاطه السياسي والتنظيمي والإعلامي في قيادة "حزب العمل"، عضوًا في لجنته المركزية ومكتبه السياسي، ثم أمينًا عامًّا للحزب، حيث شارك في إصدار الكثير من المنشورات الخاصة بالحزب أو المنشورات المشتركة مع أحزاب اليسار الأخرى، كما لعب دورًا رئيسيًًا في إصدار جريدة الحزب (جريدة العمل).

تأسيس كتلة اليسار

شارك في الاجتماعات التاريخية لأحزاب اليسار في عموم الوطن اليمني، التي انعقدت في عدن، في شهر فبراير عام 1973، والتي شاركت فيها الأحزاب والمنظمات اليسارية في عموم اليمن. 

يتذكر أوجهًا من تلك الاجتماعات، فيقول: "ناقشت تلك الاجتماعات على مدى أكثر من عشرة أيام، وكانت تستغرق الليل- أسس وكيفية توحيد نضالات الأحزاب المذكورة؛ لتحقيق أهداف الثورة اليمنية في الوحدة، والديمقراطية، والتقدم الاجتماعي، وقد كان حزبنا يطرح ضرورة توحيد الأحزاب المذكورة في إطار جبهوي واحد على مستوى الساحة اليمنية؛ باعتبار أن حزبنا كان ينشط في حزب واحد على مستوى الساحة اليمنية، إلا أن هذه القضية لم تحظَ بتأييد من بقية الأحزاب؛ حيث توصلت الاجتماعات إلى إنشاء "الجبهة الوطنية الديمقراطية" في شمال الوطن، واتجهت الأحزاب في الجنوب إلى إنشاء التنظيم السياسي الموحد (الجبهة القومية).

في فبراير 1978، عقدت اجتماعات تاريخية أخرى في عدن أيضًا، شاركت فيها ذات الأحزاب والتنظيمات اليسارية. 

يتذكر العلفي تلك الاجتماعات في تلك الفترة، فيقول: "عبرنا الحدود من المنطقة الوسطى ليلًا، مشيًا على الأقدام، حتى وصلنا إلى أول مركز في الجنوب، وقد استمرت تلك الاجتماعات على مدى ما يقارب عشرة أيام، تم خلالها مناقشة العديد من القضايا المتعلقة بنضال الأحزاب المذكورة ووحدتها، وضرورة إحداث تغيير في الأوضاع في شمال الوطن؛ لتمهيد الطريق لإعادة توحيد الوطن اليمني تحت شعار "يمن ديمقراطي موحد"، وقد توصلت تلك الاجتماعات -في نتيجة مباشرة- إلى الاتفاق على توحيد المنظمات في حزب واحد سمي حزب الوحدة الشعبية اليمني (حوشي)". 

في عام 1979، اعتقل لدى الأمن السياسي، وقضى في السجن حوالي أربعة أشهر. خلال فترة السجن، انعقد المؤتمر التأسيسي الأول للحزب الاشتراكي اليمني الموحد، حيث انتخب عضوًا في مكتبه السياسي، وأصبح حزب الوحدة الشعبية جزءًا من الحزب الاشتراكي اليمني الموحد، إلا أنه ظل ينشط علنًا بهذا الاسم. وبعد خروجه من السجن، وكونه العضو الوحيد من المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني الموجود في الشمال، تولى مع أعضاء اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني قيادة الفرع السري للحزب الاشتراكي اليمني في الشمال؛ حيث كان ينشط الحزب علنًا تحت راية "الجبهة الوطنية الديمقراطية"، و"حزب الوحدة الشعبية" الذي كانت قيادته ظاهريًًا في عدن، بينما كانوا في الحقيقة أعضاء في المكتب السياسي للحزب الاشتراكي، ويذكر منهم: جار الله عمر، ويحيى الشامي.

في عام 1981، اضطر للبقاء خارج الوطن مدة عامين، متنقلًا بين الولايات المتحدة، ودمشق، وعدن، وموسكو؛ حيث تعرض للفصل من العمل، وعاش مشردًا بعيدًا عن الوطن والأهل والرفاق والأصدقاء، ويعتبر هذه الفترة من أسوأ فترات حياته، ثم عاد إلى الوطن بعد سنتين، وبعد أن تم الإفراج عن المعتقلين السياسيين.

في المؤتمر الثاني للحزب الاشتراكي اليمني، أعيد انتخابه عضوًا للجنة المركزية للحزب، دون أن يتمكن من حضور المؤتمر المذكور، وظل بها حتى ما بعد قيام الوحدة.

بعد قيام الوحدة 1990، مارس نشاطه عضوًا في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، وأثناء حرب 1994، وقف بشدة ضد الحرب التي شنها علي عبدالله صالح ضد الجنوب، لكنه في الوقت نفسه عارض إعلان الانفصال من قيادة الحزب الاشتراكي، وكان يرى أن من الأفضل أن يقاتل الإخوة في الجنوب، وعلى رأسهم الحزب الاشتراكي، تحت راية الوحدة، وضد نظام فاسد مستبد.

بعد الحرب عقدت اجتماعات موسعة للجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، والكوادر القيادية للحزب في صنعاء؛ لمناقشة أوضاع الحزب بعد الحرب، وقد لعب دورًا كبيرًا في التوصل إلى انتخاب مكتب سياسي من بين أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي الموجودين في الداخل؛ لكي يتمكن الحزب من الوقوف على قدميه، والمضي قدمًا في مسيرته النضالية، ومنذ ذلك الحين، أنهى الأستاذ عبدالله أي نشاط تنظيمي داخل الحزب وحتى الآن.

(*) أعد المادة ل-"خيوط"، وضاح عبدالباري طاهر، من حوار أجراه معه.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English