ثمانٍ من سنوات الجحيم

اليمنيّون وحلم السلام البعيد!
خيوط
March 26, 2023

ثمانٍ من سنوات الجحيم

اليمنيّون وحلم السلام البعيد!
خيوط
March 26, 2023
Photo by: Shohdi Alsofi - © Khuyut

ثماني سنوات كاملة مرت منذ أن صحا اليمنيّون بعد منتصف ليل 26 مارس/ آذار 2015، على أصوات انفجارات شديدة بفعل غارات كثيفة لطيران ما سُمّي وقتها بالتحالف العربي لإعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب الحوثي، بقيادة السعودية، وسمّيت العملية بـ"عاصفة الحزم".

جاءت هذه الغارات بعد وقت قصير من مغادرة الرئيس عبدربه منصور هادي مدينةَ عدن واليمن عن طريق البر، بعد قصف مقرّ إقامته بالطيران الحربي، واستيلاء قوات صالح وقوات حليفه الحوثي على المدينة، في تعبير واضح وصريح عن نشوء تحالُفِ حربٍ داخليّ ضدّ اليمنيين.

كان قبلها الرئيس هادي قد غادر صنعاء بعد شهر من تقديمه استقالة مسببة، بعد أن حشره الحوثيون وصالح في الخانة المميتة، بعد انقلابهم على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وبعد أربعة أشهر على اجتياح جماعة الحوثيّين للعاصمة صنعاء والاستيلاء على مؤسسات الدولة ومقدّراتها بتواطؤ من الجميع.

اشتعلت بعد 26 مارس، البلاد من أقصاها إلى أقصاها، بحرب عمياء فكّكت الدولة الهشّة، ودمّرت البنية التحتية الضعيفة، وأنتجت حالة نزوح لم تشهدها اليمن من قبل. صارت الحياة أكثر صعوبة في بلاد متشظية، تديرها ميليشيات أنتجتها حالة الحرب ورعاتها، الذين صار لكل واحدٍ منهم كيانه الميليشاويّ وأذرعه الأمنية وموارده وسجونه.

وبدلًا من أن تُنهي "عاصف الحزم" عملية الانقلاب واستعادة الدولة، أنتجت أكثر من انقلاب في البلاد، وبدلًا من أن تُنهي معاناة اليمنيّين زادتها جحيمًا. صارت اليمن برمتها مختطفة بمواردها السيادية وجغرافيتها الحيوية، وصارت معاناة أبنائها جزءًا من ملف تسوية إقليمية شائكة بين خصمين لدودَين (السعودية وإيران)، وجدا في البلد المفقر مساحةً للاحتراب بدم أبنائه.

وبدلًا من الوصول إلى عاصمة الدولة الموحدة التي كانت على بعد كيلو مترات قليلة، صارت لدى اليمنيّين ثلاث عواصم، وبنكان منقسمان، وحكومتان وبرلمانان وعُملتان (بفوارق الصرف) زادت من تجويع الناس وإفقارهم.

دمّروا التعليم والحياة المدنية على ركاكة حواملها، وحوّلوا الأطفال إلى مقاتلين، وتفنّنوا في التحشيد تحت لافتات مراوغة تتوسل الوطنية والدين والاستقلال من أجل إنفاذ مشاريع التفكيك.

لم تزل بعض المدن محاصرة، كـ(تعز)، وتتعرض أحياؤها السكنية للقصف، ولم تزل الألغام المزروعة مثل فطر سام، تفتك بأرواح المدنيّين في مناطق النزاع. والمعتقلات السرية وغير القانونية مكتظة بضحايا الاعتقال والتغييب القسري.

ما كان فسادًا مسيطرًا عليه أو مُتعايشًا معه، صار جائحة متفشية، تضرب كل شيء، بما فيه فساد المشتغلين في قضايا الإغاثة والاستجابة. صارت الجباية هي عنوان بارز لإفقار اليمنيين وتجويعهم، وبدلًا من أن توجّه مثل هذه الأموال الضخمة لخدمة المجتمع، صار يُنتفع بها لصالح البنى المغلقة للميليشيات وسلطات الأمر الواقع.

أنتجوا اقتصادًا موازيًا، عمادته من الأموال المنهوبة، والاتجار بالعملة، ومواد الإغاثة والكشوف الوهمية للجنود، والاتجار بالممنوعات والسلاح، وتُوظّف مخرجات هذا الاقتصاد لاستمرار الحرب واستدامتها، منجم التكسب الأكبر لأمراء الحرب.

بعد ثماني سنوات من الجحيم

لا يزال حلم السلام بعيدًا عن متناول اليمنيّين، وإنّ المشاورات الجانبية والاتفاقات السرية بين الراعِين الإقليميَّين (السعودية وإيران)، إنّما هي محاولة لفرض قواعد اشتباك جديدة تنهض على المحاصصة واقتسام النفوذ، بعد أن تحوّلت نخب البلاد إلى تابع، لا تستطيع فرض معادلة جديدة لمشروع وطنيّ يمنيّ مستقل، ولا تقوى على فرض مبدأ المساءلة بحق الأطراف التي تسبّبت في هذا الخراب الكبير.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English