خيوط الفجر
هل تجرأ احد وسأل نفسه أو وجّه السؤال للآخرين : ما الذي تحقق من الأهداف الستة لثورة 26 سبتمبر 1962؟ وإذا تحقق بعض منها، فهل تحقق بطريقة صحيحة يمكن أن يبنى عليه القادم؟
ثم نأتي الى ثورة 14 اكتوبر1963، ونكرر نفس الأسئلة، وعلى ضوء الإجابة نسأل عن الوحدة، ثم نسأل السؤال الكبير: أين ثقافة سبتمبر وأكتوبر؟ وبالتالي نسأل: أين مثقف الثورتين؟ ثم نخلص إلى الأهم: أين ثقافة الوحدة ومتفرعاتها؟
أستطيع القول إنه لا أحد سأل نفسه ولا انشغل بالسؤال، بل وظهرت النخب التي تنتمي إلى كل القيم افتراضاً، وكأنها تقول أو هي قالت فقط: ممنوع الاقتراب، وتحول البعض من النخب إلى مجرد ملاك للأهداف لا يسمحون لأحد أن يقترب منها مجرد اقتراب!
مسموح لك فقط أن تظل تشتم “العهد المُباد” ليل نهار، وتحمّله كل الموبقات؛ الصحيحة منها أو تلك التي ارتكبناها نحن، فصار لزاماً أن نضمّها إلى موبقات ذلك العهد.
تتعاقب المراحل في حياتنا فلا نجد مراحل من أصلها، وتتراكم الأيام فلا نجدها سوى قبض رياح تذهب بلا معنى؛ لا نقيّم، لا نحلّل ولا نعيد القراءة. لذلك، لا تجد أي تراكم يوحي بأن لك خبرة في مجال ما، وكل ما ذهبت مرحلة بدأنا من الصفر، وكلما جاء “عيد”، نظهر كما لو كنا نحتفل به لأول مرة. أهداف تحولت إلى محرمات لا يجوز الاقتراب منها، فإلى اللحظة فلا أحد فينا يعرف من هو القائد الحقيقي لثورة سبتمبر!
لذلك ترى الأجيال اللاحقة لا تدري عن الفعل شيئاً، ولا تدري أين يديها من رجليها !فراغ يحكم حياتنا وغياب فاضح للمثقف. غياب فاضح لفعل الإبداع، فلا ترى أي شكل من أشكال الإبداع يؤثر في دفع الناس للتغيير.
نحن بحاجة إلى تسونامي يهز حياتنا، ويضع أرجلنا على طريق المستقبل الذي ضحّت أجيال من أجله، أجيال ذهبت ولم تعد الأجيال اللاحقة تدري عنها وعن فعلها شيئاً. أعيدوا القراءة من السطر الأول.