خيوط الفجر
لأول مرة ربما يجتمع عيد الوحدة 22 مايو وعيد الفطر2020، وبينهما وقبلهما وبعدهما، وجع بل أوجاع لا تبقي ولا تذر.
عيد الفطر، ربما لأول مرة لن نشتَمّ أيدي الخير؛ أمهاتنا. لن نزور أحبابنا، وكل ذلك بسبب كورونا- مفرق الجماعات. عيد هو بالافتراض، بل بالفعل، عيد أعيادنا، لكنه أتى في لحظة غصة وطنية، حيث الأرض والعرض مشتتان بيننا وبيننا، وبيننا ومن قالوا إنهم أتوا ليستعيدونا، فإذا بهم يستعيدون أحقادهم التاريخية.
وحدة طالما نادينا بإعادة لحمتها على قاعدة احترام التنوع، حولتها دولة الفساد والمفسدين من حلم عظيم وإنجاز بدا لحظتها عظيما إلى مجرد "بُقَع سكني تجاري" [مساحات سكنية وتجارية] حتى اليمنيين في جنوبنا حوّلهم فاسدو دولة الإعجاز والإنجاز إلى مجرد "فَيْد" قبيح الشكل والمضمون، قبح وجوههم ونواياهم.
وجع يضرب ضربته الأقسى في كل الأرض اليمنية "فيروس" غادر لم يغفر لنا أمامه أننا موجوعين حرباً أكلت كل شيء، وغياب رؤية تؤدي إلى لاشيء!
طال الزمن أو قصر، ستتجاوز هذه الأرض أوجاعها، لأنه لا خيار أمامنا إلا لغة العلم والتوحد والرؤية والمشروع تحت شعار يجمع ولا يفرق، مضمونه أن اليمنيين سواسية لا رأس يعلو منهم على رأس إلا بالقانون
بأي حال عاد عيد الوحدة؟ عاد بألم في أعماقنا يضرب أطنابه من بدايات وجودنا إلى يوم نرفع الراية البيضاء استسلاماً للذهاب إلى الآخرة، وحلم أحلامنا يمن ديمقراطي موحد بإنسانه الذي لا يفرق أن يكون أبيضاً أو أسود، ولا كبير أبدا إلا المواطن اليمني بحقوقه وواجباته.
يمن سنظل نحلم به وسنوصي أولادنا أن يوصوا أحفادنا أن لا طريق إلا بالتوحد والانطلاق نحو المستقبل بالعلم والتربية الوطنية وحدهما.
وعيد فطر يمر علينا ونحن موجوعين حتى العظم على ما نرى من وجع يضرب أهلنا في عدن، حيث يتساقطون الواحد تلو الآخر، بينما الأطراف تلوك الاتهامات لبعضها، في وقت كان يجب أن يكبر الجميع لينقذوا الناس من براثن الأمراض.
في هذه اللحظة الإنسانية والوطنية، يروق لي أن أوجه السؤال إلى دولة تتشدق بأنها جاءت من أجل اليمن واليمنيين، تراهم يتساقطون حربا وأمراضا، بينما هي ممسكة على الزناد تهيئ اللحظة لنهب ما خططت له على سواحل يمنية ستلفظها، طال الزمن أو قصر، وتحت راية دولة تأتي من وحي حوار وطني اجتمع له كل اليمنيين إلا من ظلم! ما الذي ستقوله دولة الإمارات للتاريخ!
طال الزمن أو قصر، ستتجاوز هذه الأرض أوجاع إنسانها، لأنه لا خيار في ظل عالم أضحى قرية صغيرة إلا لغة العلم والتوحد والرؤية والمشروع تحت شعار يجمع ولا يفرق، مضمونه أن اليمنيين سواسية لا رأس يعلو منهم على رأس إلا بالقانون، وبمقدار ما يقدم الإنسان للوطن.
غير ذلك لن يكون.
عيد مبارك رغم الأوجاع، لأنه لا خيار أمامنا سوى الاستمرار، والانتصار للحياة، مهما بلغت حدة الألم.