وسط الصراخ تتوه الحقيقة

عبدالرحمن بجاش
May 17, 2020

وسط الصراخ تتوه الحقيقة

عبدالرحمن بجاش
May 17, 2020

خيوط الفجر

يتشكّل مشهدُ اللحظة على النحو التالي:

ديوانٌ طويلٌ جداً بدون عرضٍ معقولٍ، تكدَّس الناسُ فيه كعُلَبِ السَّرْدين، كلهم "مُخَزّنون"، معظمهم مُدخّنون، لا نوافذَ مفتوحةً.. قيل إنه لقاءٌ لمناقشة كيفية مواجهة فيروس كورونا !

غريفيتث يقول إن هناك مفاوضاتٍ عسيرةً للاتفاق على وقفٍ لإطلاق النار خلال شهر رمضان (الإفادة قبل يومين) وإنه محبط! وإنه يشكر الطرفين لتجاوبهما !

"الانتقالي" يواجه جيش "الشرعية" في أبين.

الأمم المتحدة تدعو أطراف النزاع في الشرق الأوسط إلى وقف إطلاق النار للتفرغ لكورونا.

أحدهم يُرشّح صالح هَبْرة رئيساً للفترة القادمة! لم يُوْضحْ على أي أساسٍ ترَشّحَ ومن رشّحه؛ مع أن الرجل في صفحته يقول ما يلفت الانتباه.

مدرّسٌ جامعيٌّ يطالب بإلغاء "اتفاقية الطائف" من جانبٍ واحدٍ، ويتبين أنه لا يدرك ملابسات الأمر، مِن حيثُ مَن له الحق في الإلغاء من ناحية الاعتراف به دولياً.

كورونا أصبح يمنياً تائهاً بامتيازٍ بين الأطراف، وصار "يُشارِع" اليمنيين في المحاكم لإثبات أنه موجودٌ بينهم؛  بينما هم موزّعون بين مُكذّبٍ ومُصدّقٍ ومُدّعي حقيقةٍ، ومحلّلين لا يدرون كيف يحللون، ليتحول الأمر برُمّته إلى حكايةٍ مُسلّيةٍ تراها كل ليلةٍ في صفحات "الفيسبوك"، حتى إن الفيروس تَعِبَ من محاولة إقناع كل يمنيٍّ على حِدَةٍ، بحقيقة وجوده من عدمه!

الصراخ يصمّ الآذان من كل اتجاه. ومع الصراخ من كل فَمٍ، على كل شاكلةٍ ولونٍ، تاهت الحقيقة؛ وهذا ما يريده من يعمل على إذكاء جذوة الصراخ، حتى يصابَ الجميعُ بمسٍّ من الجنون، وهو المطلوب.

عندما تحاول لملمة "المُفَنْتَش"، لتقِفَ على ما هو حاصلٌ ويشكّل المشهد، تسأل نفسك: هل نعيش مخاضاً قاسياً علينا تحمله لأنه سيؤدي بنا إلى شيءٍ ما؟! لا تجد الجواب؛ لأنه لا معاييرَ تحكُم الشأن العام في هذا البلد طوال الوقت. تعود تسأل: طيب، والأمل أين يسكن أو يتواجد؛ باعتبار أننا نغالط أنفسنا دوماً بالأمل، ولكن بدون العمل الذي يشكل بشائره؟!

نحن نتوه، يومياً، وسط كل هذا الصراخ، ولا ندري ما يجري في عدن وصنعاء على السواء. ووسط الضجيج، نسينا أن نقول مثلاً: أين الإمارات في مواجهة الموت المتربص بالإنسان في عدن؟! على الأقل، أخلاقياً لا بد أن يفعلوا شيئاً.

هنا، نحن مشغولون بالضرائب والزكاة والصدقة، وإذاعات "FM" تصرخ ولا تدري ما تقول! تتحدث في الشيء ونقيضه، ولا تقترب من المستقبل حتى بالإشارة!

صراخٌ يصمّ الآذان، فتتوه الحقيقة.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English