لم تمر على محافظة حضرموت10 أيامٍ، منذ إعلان تعافي الحالة المصابة، في أبريل/نيسان الماضي، حتى أعلنت اللجنة الوطنية العليا لمواجهة وباء كورونا عن ظهور حالتين أُخْرَيَيْن مصابتيْن بالفيروس، في مدينة المُكَلّا عاصمة المحافظة.
مدير مكتب الصحة بساحل حضرموت، الدكتور رياض الجريري، قال في تصريح صحفي، الاثنين، 4 مايو/أيار الجاري، إن الحالتين تم اكتشافهما في مستشفى ابن سينا في المكلا، وأنه تم نقْلُهما إلى المحْجَر الصحي بمنطقة "فلك" في نفس المدينة. وأشار الجريري إلى أن إحدى الحالتين هي امرأةٌ حضرميةٌ قدِمتْ من مدينة عدن، "خلال الأيام الماضية"، وأن الحالتين تتلقّيان "العناية اللازمة".
واليوم الثلاثاء 5 مايو 2020، أعلنت "اللجنة الوطنية العليا لمواجهة وباء كورونا"، التابعة للحكومة المعترف بها دولياً، في حسابها على "تويتر"، عن تسجيل تسع إصابات جديدة، "منها حالة في حضرموت، وثماني حالات في عدن، بينها حالة وفاة، ليرتفع عدد الحالات المؤكدة منذ العاشر من أبريل (2020) إلى 21 حالة بينها 3 حالات وفاة".
غموض الحالة (رقم واحد) في اليمن
الإعلان عن الإصابتين الجديدتين في حضرموت، أعاد إلى الأذهان الغموضَ الذي اكتنف الإعلانَ عن أول حالة إصابة بفيروس "كوفيد "19 في مدينة الشحر، في 10 أبريل/نيسان 2020. حينها، أعلن الجريري أن عدد المخالطين المباشرين للحالة بلغ 18 شخصاً؛ فيما بلغ عدد المخالطين غير المباشرين للحالة 200 شخص. غير أن السلطات الصحية لم تكشفْ عن الإجراءات المتخذة تجاه الحالات المخالطة، سوى بتعقيبٍ على التصريح السابق من قبل الجريري بالقول إن "جميع الحالات تحت المراقبة".
مصدرٌ طبيٌّ مُطّلع أفاد "خيوط" بأن أول حالةٍ أُعلِن عن إصابتها بكورونا في اليمن، تم نقلُها يوم الاثنين 20 أبريل/نيسان 2020، إلى مركز الحجر الصحي بمنطقة "فلك" بمدينة المكلا، وذلك بعد بقائها في غرفة العزل بمركز التيسير الطبي بمدينة الشحر، حيث اكتُشِفتْ، قرابة عشرة أيام.
وأشار المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أن "الحالة" تلقّت أدويةً لتقوية المناعة طوال فترة العلاج. وبشأن الحالات المخالطة لها، قال المصدر إنه "تم إجراء فحوصات لعشر حالات من المخالطين المباشرين فقط، وظهرت عليها بعض الأعراض؛ إلا أن نتائج الفحوص كانت سلبية".
أفضت هذه المخاوف بأهالي حضرموت إلى إلغاء المناسبات الاجتماعية؛ غير أن كثيرين منهم لم يلتزموا بالتباعد الاجتماعي. وإلى ذلك، يستمر أداء الصلوات في المساجد، بما في ذلك صلاة الجمعة
وأضاف المصدر أن جميع المخالطين للحالة الأولى "تم وضعهم في الحجر المنزلي الإجباري، تحت حراساتٍ أمنيةٍ مشدّدةٍ عند منازل المخالفين طوال فترة الحجر 14يوماً".
وتعذَّر الوصولُ إلى الحالة (رقم واحد)، على الرغم من تعافيها؛ في ظلّ تكتمٍ شديدٍ على هويته.
تكاتف بين الأجهزة الرسمية والشعبية
إجراءات حظر التجوّل السابقة، التي اتخذتها السلطات الرسمية، لاقتْ تجاوباً كبيراً من قبل المواطنين، بالإضافة إلى نشاطٍ توعويٍّ كبيرٍ تنفّذه المبادرات التطوعية والفرق الشبابية، حسب المقدم أنيس باصبيع لـ"خيوط".
وقال باصبيع، رئيس عمليات اللواء 101 شرطة جوية، أحد الألوية المشاركة في تنفيذ حظر التجول، إن "استجابة المواطنين للحظر خلال الأيام الأولى للقرار كانت كبيرة"، وبالمثل "أصحاب الأسواق والمحال التجارية"، الذين قال إنهم بادروا بالإغلاق قبل مرور الدوريات التي عادةً ما تقوم بتوجيههم بذلك.
المخاوف من الفيروس
ضغطٌ نفسيٌّ هائلٌ يرزح تحته المواطنون في محافظة حضرموت، ساهمَ في تزايده حجمُ الشائعات التي يتم تناقلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتحذيرات من ضعف النظام الصحيّ في اليمن، بسبب الحرب الدائرة منذ أكثر من خمس سنوات.
وأفضت هذه المخاوف بأهالي حضرموت إلى إلغاء المناسبات الاجتماعية؛ غير أن كثيرين منهم لم يلتزموا بالتباعد الاجتماعي. وإلى ذلك، يستمر أداء الصلوات في المساجد، بما في ذلك صلاة الجمعة، إضافة إلى استمرار التجمعات الدينية في مناطق متفرقة من المحافظة، خاصةً تلك التي لم تصلْها الأجهزةُ الأمنية والعسكرية.
محمد عبد الرحيم يعمل ممرضاً في أحد المستشفيات بحضرموت، قال لـ"خيوط": "تنتابنا الرهبة والخوف كلما قمنا بمعاينة حالةٍ مصابةٍ بالأنفلونزا أو بمشكلة في الصدر، ناهيك عن الضغط النفسي الذي تعرضتْ له عائلتي نتيجة انتشار المعلومات عن كون الممرضين هم الأكثر عرضةً للإصابة بالفيروس". لذلك، يتخذ محمد كافة الإجراءات الاحترازية اللازمة لحماية نفسه وعائلته من الإصابة بكورونا. كما أنه صار خائفاً من تقبيل طفلته ذات السبعة أشهر، خوفاً من أن يكون سبباً في إصابتها.
تخفيف الإجراءات بالمحافظة
مع الإعلان عن دخول شهر رمضان المبارك، أعلن محافظ محافظة حضرموت، اللواء فرج سالمين البحسني، عن تخفيف الإجراءات الاحترازية والوقائية، التي استمرت لأسبوعين، منذ 23 أبريل/نيسان. وحسب المكتب الإعلامي للمحافظ، فقد تم إعلان رفع حظر التجول ليلاً. ومع تسجيل عدد من الإصابات في مدينة عدن، أعلن البحسني إغلاق المنافذ الغربية للمحافظة. ومع ذلك، فإن إحدى الحالتين المعلن عن إصابتهما الاثنين 4 مايو/أيار الجاري، قَدِمت من عدن.