يستقبل أهالي مدينة تعز شهر رمضان هذا العام، بأجواء خاصة تظهر جلياً عبر ازدحام الأسواق والتدافع لشراء المواد الغذائية والاستهلاكية، رغم الحصار الذي فرضته الحرب منذ خمس سنوات، وتردي الأوضاع الاقتصادية تبعاً لذلك.
في شارع ٢٦ سبتمبر، يقف سيف غالب، أحد سكان المدينة القديمة، حاملا أكياساً كبيرة أمام أحد المحلات التجارية. قال سيف لـ"خيوط" بعد أن زفر تنهيدة لاإرادية: "لم نعد نشعر بفرحة قدوم رمضان بسبب غلاء المواد الغذائية. كانت مصاريف رمضان الرئيسية لا تتعدى ١٥ ألف ريال، أما اليوم، فخرجت من المنزل بـ٤٠ ألفاً وسأعود إلى البيت بجيوب فارغة تماماً".
يصف مصطفى الشميري، أحد العاملين في مركز تجاري، حركة السوق قائلاً: "مقارنة بالعام الماضي فالإقبال أقل على شراء مستلزمات رمضان الغذائية الأساسية كالتمر والأرز والسكر والدقيق. الأسعار ارتفعت إلى الضعف. فالكيلو التمر اليوم بـ١٥٠٠ ريال، بينما كان في العام الماضي بـ٧٠٠ريال فقط".
ويضيف مصطفى أن الحصار الذي فرضته الحرب، وفرض "الجباية" على شاحنات المواد الغذائية من قبل النقاط العسكرية التابعة لطرفي النزاع، يدفعان التجار إلى رفع الأسعار داخل المدينة لتعويض مبالغ الجباية تلك.
اختفت مظاهر استقبال شهر رمضان الاحتفائية في تعز، فالشوارع التي كانت تتلألأ ابتهاجاً به أصبحت مظلمة، وفرحة الالتفاف حول موائد الفطور باتت شبه منعدمة.
الحركة الملحوظة في أسواق المدينة لم تمنع أم منير الحبيشي من النزول لشراء مستلزمات رمضان، بل منعها تأخير راتب زوجها الذي يقاتل في إحدى الجبهات. لقد انتظرت قدوم الراتب أكثر من انتظار قدوم شهر رمضان، كما تقول.
أما أشواق عبد الجليل، التي تسكن في المطار القديم، فاكتفت بتعديد مخاوفها من أن تستمر الاشتباكات في منطقتها وتنهال القذائف عليها كما هو معتاد في كل رمضان.
ألقت الحرب في تعز ظلالها على السكان منذ خمس سنوات حتى اليوم، فتفاقمت المعاناة في ظل ارتفاع سعر الدولار إلى ٦٧٥ ريال، أمام العملة اليمنية المطبوعة في زمن الحرب، والتي بات سقوطها المتسارع يشكل رعباً حقيقيا للتجار والمواطنين على حد سواء. زاد من ذلك الحصار المفروض على المدينة، وبحسب تقرير للأمم المتحدة فإن ٨١ % من سكان تعز بحاجة شديدة إلى الإعانات الإنسانية.
اختفت مظاهر استقبال شهر رمضان الاحتفائية في تعز، فالشوارع التي كانت تتلألأ ابتهاجاً به أصبحت مظلمة، وفرحة الالتفاف حول موائد الفطور باتت شبه منعدمة، كما يقول عبدالجبار صالح، أحد سكان مدينة تعز القاطنين خارجها. اعتاد عبدالجبار أن يلمّ الشمل مع أسرته في مدينة تعز لمشاركتهم أجواء رمضان الروحانية، لكن تشديد القيود على التنقل بين مناطق سيطرة حكومتي صنعاء وعدن، تجنباً لتفشي وباء كورونا، حرمه ذلك.
بلا شك أن رمضان سيكون مختلفاً، خاصة مع حظر التجمعات، لكن ذلك لن يمنع الأطفال من إطلاق أصواتهم في الأحياء والأزقة بـ""أهلا أهلا يا رمضان.. نورت يا شهر القرآن"، وإحراق إطارات السيارات تعبيراً عن فرحهم بقدوم الشهر الكريم.