كورونا وبهجة رمضان المفقودة في اليمن

بأي هيئة يطل الشهر الكريم هذه السنة
مبارك اليوسفي
April 18, 2020

كورونا وبهجة رمضان المفقودة في اليمن

بأي هيئة يطل الشهر الكريم هذه السنة
مبارك اليوسفي
April 18, 2020

اعتاد اليمنيون لخمسة أعوام استقبال شهر الصوم تحت ظرف الحرب والأزمات الخانقة، لكنهم هذا العام سيتقبلونه بأزمة إضافية يبدو أنها الأشد وطأة.

  إلى ما قبل الحرب كان شهر رمضان في اليمن يشكل متنفسًا من ضغوط كامل السنة، وتتنوع فيه المأكولات اليمنية التي  تزدان بها المائدة الرمضانية. غير أن مظاهر البهجة الرمضانية بدأت تتقلص شيئاً فشيئاً منذ خمس سنوات، بالتزامن مع أزمات الحرب المتوالية التي انضمت إليها مؤخراً جائحة كورونا. هنا يرتسم سؤال كبير حول الهيئة التي سيطل بها رمضان هذا العام في ظل كورونا والاجراءات الاحترازية والحجر الصحي، إضافةً إلى كل الأزمات السابقة.

توقف موائد الخير الرمضانية

  عبدالله العمراني (47 سنة) رب أسرة، اعتاد إقامة مائدة إفطار جماعي للصائمين في رمضان، تحدث لـ"خيوط" عن حيرته أمام أسئلة أطفاله عن إمكانية إقامة المائدة الرمضانية هذا العام. كانت هذه المائدة الجماعية تشكل طقساً مميزاً بالنسبة للأطفال، ناهيك عن كونها ترسخ فعل التضامن لديهم كثقافة. لذلك تبدو أسئلتهم قلقة من غياب الطقس الجماعي، في ظل استمرار التحذيرات من التجمعات كواحدة من أبرز الإجراءات الاحترازية للوقاية من الإصابة بالفيروس المستجد (كوفيد19).

  ولا يختلف الحال بالنسبة لصالح البعداني (63 سنة) الذي اعتاد أن يقيم مائدة رمضانية لطلاب الجامعات والعمال، إذ عبر عن حزنه من تصاعد التحذيرات والحد من التجمعات واختلاط الناس، خاصة منذ الـ10 من أبريل الجاري، مع تسجيل أول حالة إصابة بكورونا في اليمن، وذلك قد يحرمه من إقامة هذا الطقس الرمضاني.

الحجر وتوقف الرواتب

  أجبرت الحرب وقسوة الظروف التي أفضت بدورها لتوقف مرتبات موظفي الدولة، العديد من ربات البيوت والفتيات اليمنيات إلى خرق التدابير الحكومية وعدم الانصياع  للتحذيرات المتعلقة بالوقاية من تفشي كورونا. إذ في كل الأحوال، عليهن الاستمرار في الذهاب إلى أعمالهن، لمساعدة أسرهن في توفير لقمة العيش الضرورية.

موظف فقد عمله: خلال العامين الماضيين اتفقت مع إخوتي وبعض الأقارب على توزيع مهمة توفير احتياجات رمضان بيننا، بحيث يتكفل كل واحد منا بتوفير جزء من متطلبات رمضان، على أن تجمعنا مائدة واحدة، لكن هذا الاتفاق يبدو مستحيلاً هذا العام مع تصاعد التحذيرات من الاختلاط والتجمع

  نوال عبدالخالق (30 سنة) تبدأ يومها سيراً في ساعات الصباح الأولى على امتداد شارع الزبيري بصنعاء  كل يوم ولمدة ساعة كاملة، لكي تصل إلى مقر عملها في محل بصريات. تعمل نوال ما يقارب تسع ساعات متواصلة لتوفير لقمة عيش لها ولأسرتها. "لم أحظَ بوظيفة حكومية منذ تخرجت من الجامعة". تضيف نوال في معرض حديثها لـ"خيوط"، متسائلة "عن أي حجر صحي يتحدثون إذا كان لا فرق بين أن يموت المرء جوعاً أو بكورونا؟" "رمضان يطرق الأبواب وله متطلبات كثيرة لا سبيل لتوفيرها إذا توقفتُ عن العمل."

الجوع لا يرحم

  في سيرة الجوع يشير وهيب الأثوري (29 سنة) إلى أن عمله مصدر الدخل الرئيس لتوفير الاحتياجات المعيشية لأسرته، ولذلك قال إنه لا يبالي بمخاطر فيروس كورونا. يعمل وهيب في محل عطارة وبهارات بحي القاع في صنعاء، وقد تحدث لـ"خيوط" أيضاً، عن نسبة إقبال المواطنين على شراء متطلبات شهر الصوم. يقدر وهيب نسبة تراجع مشتريات المواطنين في المحل الذي يعمل فيه بـ70% على مدى السنوات الخمس الماضية، غير أنها هذا العام تصل إلى 85% عمّا كانت عليه قبل العام 2015. "لم يعد يفصلنا عن شهر رمضان سوى أيام قلائل، إلا أن غالبية المواد والسلع الخاصة برمضان لا تزال متراكمة داخل المحل." يضيف.

  عدد من المواطنين عبروا أيضاً في أحاديثهم لـ"خيوط" عن عجزهم عن شراء متطلبات رمضان هذا العام. محمد الأغبري (40 سنة) يقول بنبرة حزينة: "لا أعرف بماذا أجيب أطفالي الصغار على سؤال: "متى ستشتري لنا المحلبية؟" فقد توقف راتب وظيفتي الحكومية منذ ما يقارب 40 شهرًا، ولجأت للعمل في معاهد خاصة لتعليم اللغات والكمبيوتر بصنعاء من أجل توفير رغيف الخبز لأبنائي، إلا أن المعهد دخل بضائقة مالية منذ عدة أشهر وعجز عن تسليم رواتبنا".

  الحال لا يختلف كثيراً بالنسبة لموظفي القطاع الخاص الذين فقدوا وظائفهم، إذ فقد الآلاف وظائفهم جراء إفلاس أو إغلاق أو تقليص نشاط مؤسسات القطاع الخاص، الأمر الذي انعكس على حياة العمال المسرّحين، والتي تزداد بؤساً مع حلول شهر رمضان وظهور شبح كورونا في البلاد.

  يعلق أنور أحمد- رب أسرة وموظف سابق فقد عمله في القطاع الخاص قائلاً: "خلال العامين الماضيين اتفقت مع إخوتي وبعض الأقارب على توزيع مهمة توفير احتياجات رمضان بيننا، بحيث يتكفل كل واحد فينا بتوفير جزء من متطلبات رمضان، على أن تجمعنا مائدة واحدة. لكن هذا الاتفاق يبدو مستحيلاً هذه السنة مع تصاعد التحذيرات من الاختلاط والتجمع، وهو ما يعني أننا غير قادرين على توفير المستلزمات فرادى لبيوتنا".

  هذه المعاناة المزدوجة التي يعاني اليمنيون فيها ويلات الحرب، و"إرهاب" كورونا، تسرق بهجة رمضان وتجعله عبئاً ثقيلاً لا يتحمله كاهل من لا يجد قوت يومه.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English