"قبل ما يقارب الشهر من تسجيل أول حالةٍ مصابةٍ بفيروس كورونا في اليمن، أطلق عددٌ من شباب محافظة حضرموت حملةً شبابيةً للتوعية بخطر فيروس كورونا (كوفيد19) وسبل الوقاية منه، وذلك بعد اقتراب الفيروس من الجمهورية اليمنية"، يقول عبد الرحمن عبد الحافظ، في حديثه لـ"خيوط".
عبد الرحمن هو أحد مؤسسي هذه الحملة. ويضيف بأنه كان يتابع تطوراتِ انتشار فيروس كورونا في الصين والدول الأوروبية، وما نتجَ عنه من أعداد المصابين والوفيّات بصورة مهُولة. حينها لم يكن مهتماً كثيراً بالأمر، لأن بؤرة الفيروس بعيدةٌ عنه؛ لكن عندما بدأت الإصاباتُ تَظهَر في دول الخليج، كالإمارات والسعودية، بدأ القلقُ ينتابه من عدم استشعار المواطنين الخطرَ المحْدِقَ بهم، وكذلك السلطاتِ الرسمية في محافظة حضرموت.
وحضرموت تعتبر مركزاً لوصول الطائرات إلى مطارَيْ سيئون والريان، وشحنات البضائع برياً عبر منافذ عمان والسعودية، وبحرياً عبر موانئ المكلا والشحر. عندها، سارع عبد الرحمن للتواصل مع بعض الشباب الناشطين بالمحافظة، وعقدوا اجتماعاً اتفقوا فيه على إطلاق حملة: #حضرموت_ضد_الكورونا.
صعوبة الانطلاق
"البدايات دائماً ما تكون صعبة"؛ بهذه العبارة بدأ طالب المستوى السادس طب بشري، عبد الرحمن السقّاف، حديثه لـ"خيوط"، لافتاً إلى أن الجانب المادي كان العقبة الأكبر أمام شباب المبادرة. غير أنهم لجؤوا لتشكيل فريقٍ طوعيٍّ من الأطباء ودارسي الطب، وتم تدريبهم وإعطاؤهم معلوماتٍ وافيةً عن الفيروس، وبدؤوا في النزول التوعوي إلى مناطقِ وقرى محافظة حضرموت. "عملنا على برنامج تدريب وتثقيف القيادات الشابة بالمديريات، وأقمنا محاضراتٍ توعويةً في المساجد والساحات العامة. ثم قمنا بالاستعانة بالشباب الذين تم تدريبهم للنزلات التوعوية في أماكن تجمعات المواطنين في الحارات والطرقات"، يضيف السقاف، مشيراً إلى أن شباب المبادرة حاولوا الحصول على بعض الدعم من تجارٍ ورجالِ أعمالٍ، لتوفير تكاليف المواصلات وطباعة المنشورات التوعوية.
ارتفاع أسعار المواد الطبية
منذُ إعلان بداية المخاوف من انتشار فيروس (كوفيد(19، ارتفعت أسعارُ المواد الطبية، والخاصة بالتعقيم والحماية الشخصية. حزمة الكمامات (عبوة 50) قفزَ سعرُها من 1500 ريال إلى 10 آلاف ريال، وحزمة القفازات عبوة (100) صارت بثلاثة آلاف - أربعة آلاف، بعد أن كانت تباع بـ700 ريال. أما المعقمات العادية، التي كان سعر القنينة بين 300 - 500 ريال، فارتفع إلى 1500 ريال؛ ما يعني أن قفزة الأسعار هذه وصلت إلى زيادة ٥٠٠%. ومع ذلك، لا تكاد توجد في السوق.
الحملة في مواجهة ارتفاع الاسعار
مدير الحملة، أبو بكر حسان، تحدث لـ"خيوط" قائلاً إن الفكرة انطلقت من استشعار ضرورة مواجهة ارتفاع الأسعار، بعد أن شهدتْ المستلزماتُ الطبية الخاصة بالتعقيم والحماية ارتفاعاً جنونياً في الأسعار. "بادرْنا في الحملة بالتنسيق مع المختبرات المركزية لتصنيع محلولٍ كحوليٍّ يكون ذا فاعليةٍ في التطهير الحقيقي للجسم من الفيروس ويوزع مجاناً أو بمبلغٍ رمزيٍّ"، قال حسان، الذي أكد أن الفكرة لقِيَت استحساناً ووافقتْ عليها الجهاتُ الرسمية في حضرموت.
بدأ توزيعُ عبواتٍ صغيرةِ الحجم من المعقِّم المبتكَر، ومناسبةٍ للاستخدام الشخصي، على أكثر الفئات عرضةً للإصابة بالفيروس: العاملين في القطاع الصحي والمحلات التجارية ومحلات الصرافة وسائقي التاكسي، والجنودِ المرابطين في النقاط.
بعد أن وصَلَنا خبرُ ظهور أول حالةٍ مصابةٍ بفيروس كورونا (كوفيد19)، عقدْنا اجتماعاً طارئاً بأعضاء الحملة الرئيسيين، ووقفْنا على أهم الإجراءات الحكومية، والثغرات التي تتخلها، لتسد الحملةُ وفريقها تلك الثغرات
يضيف حسان: "بطبيعة الحال، الجزء المادي كان الصعوبةَ الأبرزَ التي تحول دون نجاح الفكرة، لكن حاولنا تجاوزَ ذلك من خلال البحث عن داعمين، سواء من الجهات الرسمية أو من التجار، الذين بادروا –مشكورين- للدعم؛ وإن كان محدوداً. فسعَيْنا لتحفيز التجار عن طريق إضافة العلامات التجارية لهم على ملصقات عبوات المُعَقِّم. وقد تمكّنّا من إنتاج ثلاثة آلاف عبوة حتى الآن".
ظهور أول حالة
بعد إعلان أول حالة إصابة بفيروس كورونا في محافظة حضرموت، صباح الجمعة 10 أبريل 2020، تحركتْ كافةُ الجهات لأخذ الإجراءات اللازمة. وكان لزاماً على شباب الحملة أن يكون لهم دورٌ في هذا الوضع. يقول أبو بكر حسان: "بعد أن وصَلَنا خبرُ ظهور أول حالةٍ مصابةٍ بفيروس كورونا (كوفيد19)، عقدنا اجتماعاً طارئاً بأعضاء الحملة الرئيسيين، ووقفْنا على أهم الإجراءات الحكومية، والثغرات التي تتخلها، لتسد الحملةُ وفريقها تلك الثغرات". توصَّل أعضاءُ الحملة إلى أن أهمَّ ثغرةٍ في الإجراءات الحكومية هي عدمُ شمولها تجمُّعات الصلوات في المساجد، وخاصةً في مناطق وادي حضرموت. حينها، قاموا بالتواصل مع الفرق المنتشرة في مناطق الوادي، وتم تزويدهم بمَرَشّاتٍ تحتوي على مادة الكلور، لتبدأ الحملةُ مشروعَ تعقيم المساجد عقب كل صلاةٍ تحت شعار "وطَهِّرا بيتيَ".