تدخلت الأمم المتحدة في اليمن خلال صراعات متعددة، بدءاً بحرب ثورة 26 سبتمبر 1962، وخلال العامين (1963-1964)، في ذروة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، ثم في حرب صيف 1994، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وبدء ممارسة أمريكا دور القطب العالمي الواحد، ثم منذ العام2012، وحتى اللحظة، كان التدخل الأممي يتزامن مع صراع إقليمي يدور على الساحةاليمنية، ويتميز بتداخل أدوار الفاعلين المحليين مع الفاعلين في الإقليم، مع محاولات للقوى الكبرى لممارسة دور في المشهد الإقليمي. لكن نتائج التدخل الأممي كان منذ الستينات والتسعينات دون أثر حقيقي على الأرض، ولم يغير في معادلة الصراع،وبالمثل، تدخله الأخير المستمر حتى اللحظة.
مسار الربيع اليمني: من الحلمإلى الكابوس
عندما خرج الشباب للتعبير عن أحلامهم وطموحاتهم في ساحات التغيير اليمنية مطلع العام 2011، لم يكن ذلك فقط ضمن موجة الربيع العربي، فقد كانت اليمن منذ سنوات تمر بمتوالية من الأزمات الاقتصادية، والخلافات السياسية بين السلطة والمعارضة الممثلة بتكتل أحزاب اللقاء المشترك، أدت إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية مرتين، وتلويح المؤتمر الحاكم بإجراء الانتخابات منفردا لولزم الأمر، وبدون تحقيق مطالب المشترك بتعديل السجل الانتخابي، وخلق بيئة انتخابات تكفل تكافؤ الفرص بين الأحزاب السياسية وتمنع توظيف المؤتمر مؤسسات الدولة في حملته الانتخابية.
كانت ملامح تفكك الكتلة الصلبة للقوى التقليدية الشريكة في السلطة خارج الأطر الرسمية أكثر وضوحا، خاصةبين الرئيس السابق صالح واللواء علي محسن الأحمر وقبيلة حاشد، وكان الجيش اليمني منقسما بين تلك القوى بشكل غير مسبوق، وتعزز ذلك بإعلان اللواء الأحمر الانضمام لثورةالشباب في مارس 2011، وأصبحت العلاقة المتوترة بين السلطة والمعارضة علاقة خصومةواضحة، حين تبنت الأخيرة مطالب شباب التغيير، وأصبحت، برغبتهم أو بدونها، معبرةعنهم ومستندة عليهم شعبيا، كورقة قوة أمام صالح الذي طالب الشباب برحيله، ونظامهالذي طالبوا بإسقاطه.
لم يكن المجتمع الدولي بعيدا عن الأحداث اليمنية، وكانت دول الجوار وأهمها السعودية ترصد الوضع اليمني عن كثب، وأصبحت العلاقة بها مكسبا لمن يستطيع توظيفها لمصلحة موقفه أكثر، سواء السلطة أو المعارضة، خاصة والعلاقات غير الرسمية بين الدول الأخرى والقوى والجماعات اليمنية كانت شيئا معتادا، وأبرز أمثلتها علاقة اللجنة الخاصة السعودية مع عدد من أبرز قيادات الدولة اليمنية مدنية وعسكرية، وتلك التي تمتلك النفوذ خارج الأطر الرسمية كالقوى الدينية والقبلية.
عمت الاضطرابات كلا من مصر وتونس وسوريا وليبيا، خلال 2011، لكن قرب اليمن من دول الخليج، استدعى اهتماماً سعودياً خليجياً مرتفعاً، وكانت الرياض قلقة من طبيعة البديل الذي سيحكم اليمن، أكثر من قلقها على رحيل صالح
تبلور الموقف الخليجي والدوليمن الوضع اليمني
كانت واشنطن عبر سفيرها بصنعاء تتابع الأحداث اليمنية، وتشارك في رسمها أحيانا، فرغم تعزيز دعمها لقوات مكافحة الإرهاب بقيادةأقارب صالح، كانت تدعو إلى الحل السلمي وتلبية "مطالب الشعب بالتغيير"،وخلال السنوات (2012- 2014) كان هادي يستند على الدعم الأمريكي والأممي، وكان الوصول إليه صعبا من أي مسؤول يمني، بينما كان بإمكان سفير واشطن والمبعوث الأممي حينها، جمال بنعمر، الوصول إليه بسهولة، لدرجة تفاخره بعلاقته بهما، واعتماده عليهما بدلا من الاعتماد على الدعم الشعبي، حسب الكاتب والدبلوماسي مصطفى النعمان،في سلسلةمقالات عن المرحلة الانتقالية في اليمن نشرها في إندبيندنت العربية خلال 2019.
عمت الاضطرابات كلا من مصر وتونس وسوريا وليبيا، خلال 2011، فيما عرف بـ"ثورات الربيع العربي"، لكن قرب اليمن من دول الخليج وآبار النفط، استدعى اهتماما سعوديا خليجيا مرتفعا، وكانت الرياض قلقةمن طبيعة البديل الذي سيرث صالح في حكم اليمن، أكثر من قلقها على رحيل صالح، فعملت دول الخليج على تبني ما عرف لاحقاً بالمبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن، وهي الدليل الإرشادي الأول للتدخل الأممي في اليمن منذ 2011 حتى الآن.
أثناء مساعي الموافقة على المبادرة، وبعد توقيعها، أصبح مجلس التعاون الخليجي وأمينه العام عبداللطيف الزياني، والمبعوث الأممي الخاص إلى اليمن جمال بنعمر، أبرز المسؤولين عن الملف اليمني، مع سفراء ماعرف بالدول العشر الراعية لعملية الانتقال السياسي، وهي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ودول الخليج عدا قطر، إلا أن التباين بين أهداف دول الخليج وأهداف الأمم المتحدة في اليمن شكل مصدراً دائماً للتوتر منذ 2011، حسب هيلين لاكنر، فيكتابها "انتقال اليمن سلمياً، من الحكم الاستبدادي: هل كان النجاح ممكنا؟"2016.
تضمنت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذيةمرحلتين لتنفيذ انتقال سياسي سلمي في اليمن، الأولى تبدأ بتشكيل حكومة وفاق وطني توزع حقائبها مناصفة بين حزب المؤتمر الحاكم وأحزاب المعارضة، وتنحِّي صالح عن الحكم مقابل منحه حصانة ضد أي مساءلة، وانتخاب هادي رئيساً دون منافس، وتشكيل لجنةأمنية وعسكرية لإقرار الأمن وإنهاء النزاعات المسلحة، وأن تبدأ المرحلة الثانيةبعقد مؤتمر حوار وطني شامل لمناقشة أبرز القضايا الوطنية، تمثل مخرجاته أساس الصياغة دستور يمني جديد، وقانون انتخابات، تجرى بموجبه انتخابات وطنية ينتهي بها عهد هادي في فبراير 2014.
المبادرة الخليجية، الفشل غيرالمعلن
إن تشكيل حكومة من طرفين متصارعين بالتقاسم، كان وصفة مثالية للفشل المؤكد، خاصة مع وجود رئيس ورئيس حكومة يفتقران لدعم أية قوة اجتماعية أو عسكرية والكاريزما اللازمة للقائد في المراحل الصعبة.
لم يحسم مؤتمر الحوار قضايا مهمة مثل عدد الأقاليم الاتحادية وتشكيل لجنة صياغة الدستور والقضية الجنوبية وإصلاح المؤسسة العسكرية، والعدالة الانتقالية، بينما اقتصرت مخرجاته المتوافق عليها على قضايا كان يمكن نقاشها في مرحلة استقرار الدولة كالموروث الثقافي والقضايا التنموية
مثل وجود رجلين بهذه المواصفات على رأس الدولةوالحكومة عاملا جوهريا للفشل، وأتاح للقوى غير الدولية لعب أدوار أكثر خطورة قوضت سلطة الدولة. فالمرحلة الثانية من العملية الانتقالية المزمنة وفق المبادرةالخليجية، كانت أكثر تعقيدا وفشلا، رغم استمرار تبشير المبعوث الأممي والدول الراعية بالنموذج اليمني الناجح للانتقال السياسي، بينما كانت اليمن تدريجيا تغرق كل يوم حتى سقطت في حرب مستمرة منذ خمس سنوات.
تأخر عقد مؤتمر الحوار الوطني عن موعده، وطالت فترة انعقاده لأشهر إضافية. وبدلا من انتهاء الحوار وصياغة الدستور وقانون الانتخابات وإجرائها عمليا قبل فبراير 2014، انتهى الحوار في يناير 2014، بـ1800بند من المخرجات، ولم يحسم أهم القضايا التي أسندت إليه، بما فيها عدد الأقاليم الاتحادية للدولة اليمنية المستقبلية، وتشكيل لجنة صياغة الدستور، والقضيةالجنوبية، وإصلاح المؤسسة العسكرية، والعدالة الانتقالية، واقتصرت مخرجاته التي حصلت على الموافقة من المشاركين على قضايا هامشية كان يمكن نقاشها في مرحلةاستقرار الدولة عبر لجان فنية متخصصة، كالموروث الثقافي والقضايا التنموية.
"في دراسة أعدتها جامعة Radboud الهولندية عن نتائج مؤتمر الحوار، أرجعت فشله في منعالصراع إلى عوامل عدّة، منها غياب الشفافية في إجراءات إشراك الأعضاء غيرالحزبيين، والفشل في تحييد وتجريد الجماعات المسلحة قبل بدء المؤتمر،... وعدم تمتع قيادة مؤتمر الحوار بالديمقراطية والميل كلياً في اتجاه المبعوث الدولي إلى تحديدمسار القضايا المصيرية".
أسندت إلى إدارة الأمم المتحدة للشؤون السياسيةمهمة دعم عملية الحوار والانتقال السياسي في اليمن، وأصبح للمبعوث الأممي مكتب خاص في صنعاء قوامه عدد من الموظفين، وآخرين من المستشارين في مجالات عدة لمساعدةاليمنيين في مختلف خطوات الانتقال السياسي وعلى مستوى لجان مؤتمر الحوار. ومن هناأصبح للمبعوث الأممي بنعمر أهمية أعلى، ما سمح له في كثير من الأحيان بتجاوز دوره كوسيط والدخول في تفاصيل كان يفترض تركها لليمنيين وحدهم، وبدا دور الحكومة غائبا عن المشهد إلا في ممارسات الفساد وتقاسم المناصب بالمحاصصة، لتصبح الأزمةالاقتصادية والانفلات الأمني أبرز ملامح المرحلة.
تعامل المجتمع الدولي والقوى المحلية بنوع منالخفة وعدم الجدية مع القضايا الجوهرية، حيث استمرت النزاعات المسلحة أثناء عقدجلسات الحوار الوطني، ثم تسارعت وتيرتها بعد إعلان مخرجاته، لتسيطر جماعة أنصارالله (الحوثيون) بالقوة على المناطق من صعدة إلى عمران خلال الأشهر التالية للحوار.ثم سيطروا على صنعاء في سبتمبر 2014، وتم وضع هادي وحكومته تحت الإقامة الجبرية فييناير 2015، ومن ثم استدعائه دول الخليج للتدخل العسكري بقيادة السعودية في مارس2015، بعد فراره إلى عدن، وتراجعه عن استقالته المعلنة في يناير 2015.
كان موقف هادي غامضا خلال واحدة من أخطر مراحلاليمن، وقال عن سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيون) على عمران، أنها (عمران)"عادت إلى حضن الدولة". كما كان موقف المجتمع الدولي والمبعوث الأممي بنعمرالذي وصف سيطرة الحوثيين على العاصمة بأنها "فلتة تاريخية" سيترك تفسيرها للمؤرخين. قال ذلك في ذات الوقت الذي رعى فيه توقيع اتفاق السلم والشراكةفي نفس اليوم الذي سيطرت فيه الجماعة على صنعاء، وكان ذلك الاتفاق هو ذاته الذيقال عنه هادي إنه مكّن البلاد من تجاوز "المحنة الكبيرة" التي كادت أنتعصف بالوطن وأحلام أبنائه. بعد أربعة أشهر على توقيع ذلك الاتفاق، أعلن هادي استقالته وأصبح تحت الإقامة الجبرية، ودخلت البلد في محنة أشد من تلك التي قالهادي أنها تجاوزتها.
القرارات الأممية بشأن اليمن
الآن، وبعد تسعة أعوام على التدخل الأممي الثالث في اليمن، وعشرات الرحلات المكوكية للمبعوثين الأمميين: جمال بنعمر، إسماعيل ولدالشيخ، ومارتن جريفيث، حول العالم، وعقد ثلاث جولات من المفاوضات بين أطراف الصراع في الكويت وسويسرا والسويد، وإصدار حزمة قرارات أممية وعدد من التقارير والإحاطات،تغير المشهد اليمني كثيرا، ولكن في الاتجاه المعاكس للأهداف الأممية المعلنة،وتطورت الأحداث من صراع سياسي إلى صراع عسكري بتدخل إقليمي مباشر، ويبدو أن الجهودالأممية أصبحت نوعا من التوثيق لمسار الصراع اليمني أكثر من كونها جهودا لإنهاءالصراع، وغالبا ما أدت التفاهمات التي لا تمر عبر نافذة القنوات الأممية أكثرتأثيرا في المشهد اليمني.
صدر القرار 2014 في أكتوبر 2011، كأول قرار دعا للتوقيع على المبادرة الخليجية وتنفيذ الانتقال السياسي، والتحقيق في مقتل عدد من المتظاهرين وانتهاكات حقوق الإنسان، وكان سياقه الوظيفي حينها تعزيز دور المبعوث الأممي، والضغط لتوقيع المبادرة الخليجية.
وصدر القرار 2051 في يونيو 2012، دعا لمشاركةجميع الأطراف في عملية الانتقال السياسي بمن فيها تلك التي لم تكن طرفا فيالمبادرة الخليجية، وحذر المعرقلين لتنفيذ قرارات هادي، بمن في ذلك قيادات عليا في الأمن والجيش، من إمكانية اتخاذ تدابير ضدهم وفقا للمادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة،وهي من مواد البند السابع. كما حث القرار على تقديم المساعدات لليمن وصياغة تشريعات للعدالة الانتقالية، ووقف العنف، وفي سياق القرار الأممي تمّ تمرير قرارات الرئيس هادي بتغيير عدد من القادة الذين لم يُضمن ولاؤهم للقيادات الجديدة للجيش، وممارسةدوره كمؤسسة وطنية لحماية البلد.
في فبراير 2014، صدر القرار 2140، الذي نص على أن مجلس الأمن يتصرف وفقا للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة لأول مرة، باعتبار الحالة في اليمن تمثل تهديدا للأمن والسلم الدوليين، وطالب باستكمال خطوات الانتقال السياسي وصياغة دستور وفقا لمخرجات الحوار، ثم قانون جديد للانتخابات يتم بموجبهما إجراء الانتخابات العامة "في الوقت المناسب"، وتنتهي معها ولاية هادي التي انتهت وفقا للمبادرة الخليجية والقرار 2051 في نفس الشهر الذي صدر فيه القرار.
يمكن وصف دور الأمم المتحدة في اليمن خلال النزاع الدائر بأنه محاولة لإدارة الصراع وليس حله، بحيث يظل تحت السيطرة، بينما تُقدم لكل طرف بعض الترضيات بين فترة وأخرى
فرض القرار عقوبات تجميد أموال وحظر سفر ضد من يمثل خطرا على الأمن والسلام والاستقرار في اليمن، من أفراد وكيانات، وعلى أن تقوم لجنة تشكل بموجب القرار بتسميتهم، ويشكل فريق خبراء لمساعدتها، ولاحقا تمت تسميةكل من الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وأبوعلي الحاكم وعبدالخالق الحوثي القياديين العسكريين في جماعة أنصار الله (الحوثيين) كمعرقلين لعملية الانتقال السياسي في اليمن، وتم إخضاعهم للعقوبات الأممية المعلنة، في نوفمبر من نفس العام.
بعدها بعام كامل، صدر القرار 2201 في 15 فبراير2015، بعد الإعلان الدستوري لجماعة أنصار الله (الحوثيين) المتضمن حل البرلمان وتشكيل لجنة ثورية، في السادس من نفس الشهر. أدان القرار الأممي حل البرلمان والاستيلاء على المؤسسات الحكومية من قبل الجماعة، واعتبرها إجراءات أحادية تقوض عملية الانتقال السياسي. كما عبر عن قلقه من احتجاز الجماعة للرئيس هادي ورئيس الحكومة حينها خالد بحاج وبعض الوزراء، ووضعهم قيد الإقامة الجبرية، ومن استيلاء أنصارالله (الحوثيين) على وسائل الإعلام التابعة للدولة، وحث على الانخراط في عمليةتفاوض بوساطة أممية تعيد العمل بموجب المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوارواتفاق السلم والشراكة، لمواصلة عملية الانتقال السياسي.
بعد أيام قليلة صدر القرار 2204، في 24 فبراير2015، مدد فترة العقوبات المفروضة بموجب القرار 2140، ولجنة الخبراء المتعلقة به،وحث على مواصلة جهود البعثة الأممية بالتعاون مع الشركاء الدوليين، وهو مخصص أساسا لتمديد ولاية الخبراء الدوليين.
بعد أيام من تدخل التحالف بقيادة السعوديةعسكريا في اليمن، صدر القرار 2216، 15 إبريل 2015. وقد دعم القرار تدخل التحالف بموجب طلب من هادي- الرئيس المعترف به دولياً- ، وأكد على شرعيته، وطالب في سياق القرار، بشكل أساسي، جماعة أنصار الله (الحوثيين) بالانسحاب من مؤسسات الدولة،وسحب قواتها من المدن التي استولت عليها، وإعادة الأسلحة التي استولت عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، ووقف الممارسات التي تندرج ضمن سلطات الحكومة، ووقفاستفزاز دول الجوار، والإفراج عن وزير الدفاع في حكومة بحاح والمعتقلين معه،والعودة للمفاوضات الجارية بوساطة أممية. كما دعا القرار لحماية واحترام حصانةالبعثات الدبلوماسية لدى اليمن، والمساعدة على إجلاء الرعايا الأجانب.
القرار 2266 في فبراير 2016، والقرار 2342، فيفبراير 2017، والقرار 2402 فبراير 2018، كلها صدرت لتمديد العقوبات وفترة عملاللجنة والخبراء القائمين عليها.
آخر قرار تضمن إجراءات عملية، كان القرار 2451،الصادر في ديسمبر 2018، وخصص لدعم اتفاق ستوكهولم بين أطراف الصراع اليمني برعاية أممية، والذي تضمن بنوداً تختص بوقف التصعيد العسكري في الحديدة، وتشكيل لجنةمراقبة أممية، ضمن ملفات أخرى كقضايا المحتجزين (الأسرى)، وفك حصار تعز. لم يتم إحراز أي تقدم يذكر في البند الأخير، مع تنفيذ جزئي لملف المحتجزين وملف الحديدة اقتصر على وقف التقدم نحو الميناء، مع استمرار خرق وقف إطلاق النار، وعدم استئناف جولة المفاوضات المقررة في يناير 2019، بموجب اتفاق استوكهولم، والقرار الأممي.تلت ذلك قرارات تفصيلية لتطبيق بنود الاتفاق، كالقرار 2452،في16 يناير 2019، الذي قرّر فيه إنشاء بعثة مراقبةعسكرية خاصة لدعم اتفاق الحديدة في اليمن، والقرار 2481،في 15 يوليو 2019، بتمديد عمل البعثة.
إدارة الصراع
بينما كانت دعوة المبعوثين الأمميين عادة إلى سلام شامل، ومفاوضات تضمن العودة إلى العمل السياسي في البلد، فقد تحولت جهودهم إلى العمل على ملفات مستقلة في جغرافيا محددة؛ قدم اسماعيل ولد الشيخ مبادرةللسلام بدت من مضمونها محاولة لتأمين الحدود السعودية أكثر من كونها محاولة لإخراج اليمن من أتون الحرب، بالمقابل، اكتفت مشاورات السويد أواخر 2018، في مرحلة مارتنجريفنث، على وقف معركة الحديدة، وفشلت جهود ما يتعلق بقضية تعز واستكمال ملف الأسرى.
يمكن وصف دور الأمم المتحدة في اليمن خلال النزاع الدائر بأنه محاولة لإدارة الصراع وليس حله، بحيث يظل تحت السيطرة، بينما تُقدم لكل طرف بعض الترضيات بين فترة وأخرى، ما دفع الأطراف اليمنية لاعتبار المبعوث غيرمرغوب فيه أكثر من مرة. هذا الاختلال الجوهري في طبيعة العلاقة بين الوسيط وأطراف النزاع أثر على جهود التسوية في اليمن، خاصة بعد أن تعددت أطراف النزاع، وتغيرت موازين القوى ومناطق السيطرة على الأرض، وظهرت قوى جديدة بمطالب وقدرات وهياكل جديدة.وكلما تطور الوضع حاول المبعوث الأممي التطبيع معه كأمر واقع، وتحولت تقاريراللجنة الأممية للعقوبات والخبراء المساندين لها إلى عمل روتيني وظيفي لتوثيق وعرض المستجدات، دون التدخل الحقيقي على الأقل لإبقاء الصراع ضمن معادلته التي بدأ بها.
رغم كل ما سبق، يظل موقف الأطراف اليمنية تجاه بعضها هو الأهم لحسم الصراع في البلاد، رغم ارتباط هذه الأطراف بمواقف ومصالح دول إقليمية. وما لم يتم تغيير مواقف الأطراف اليمنية تجاه بعضها، فلن ينجح أي مبعوث أو تدخل أممي في إيقاف الحرب وإحلال السلام.
الصورة لـ UN Photos.