ولدووجد في أرضه اليمن، ليصبح أهم وأبرز أعلامها، وبه ومن خلاله اتسعت خارطة اليمنالثقافية حيث امتدت من أقصى الأرض إلى أقصاها.
عبدالعزيز المقالح، قبل أن يكون دكتور، عاش طفولته شغوفاً بالمعرفة مطلعاً على مجملالكتب التي كانت تصل سرّاً إلى اليمن. تشرّب والتهم من مكتبة والده الكثير منالمعارف، خصوصاً في مجالات الأدب والفنون جميعها.
حين سُجنوالده صالح المقالح في سجن حجة، ذهب عبدالعزيز، الطفل، لمشاركة والده الزنازينالرهيبة والقيود الغليظة. لقد سَجن الإمام والده فكان عبدالعزيز السجين الطفل..الكبير في ثقافته ومعارفه .
عبدالعزيز المقالح أحد أهم من بثت إذاعة صنعاء صوته مجلجلاً في إذاعة البيان الأوللثورة ٢٦ سبتمبر المجيدة.كبر عبدالعزيز فكراً، ونضج ثقافةً وموهبةً في شتىمجالات الإبداع.
نبغ شعراً،وأجاد إعلامياً، ونمنم بريشته لوحات تشكيلية غاية في الجمال. وهذه الموهبة لا أحديعرف عنها سوى القليل من أصدقائه، وأنا أحدهم.
حياةعبدالعزيز المقالح متشبّعة بالفكر والأدب والفلسفة؛ سخّر كل تلك الإبداعات لأجلوطنه اليمن. وعروبياً، كان الدكتور عبدالعزيز المقالح يصدح بإبداعاته مباركاًالشعب المصري الشقيق وجيشه، في انتصاراته على الجيش الإسرائيلي عام 1973، بقصائدعدة أولها "العبور".
مناقب كثيرة جداً للدكتور عبدالعزيز المقالح لا يتسعهذا الحيز لحصرها. قرأتللدكتور عبدالعزيز قصائد لا تزال مرسومة فيعقلي وقلبي، مذ كنت فتىً أيام حصار السبعين يوماً لصنعاء.شُغفتبشعره ونضاله وتمنيت حينها أن التقيه. وبالفعل، التقيته بشوق عام ١٩٧٨، فكان أوللقاء تعارفي حميم، بعده توطدت العلاقة حتى أصبحنا صديقين؛
ومع ذلك، فأناالتلميذ وهو الأستاذ، أناالأخ الصغير وهو الأخ الكبير،أنا اليتيم وهو أبي، أنا العاطش المتعطشللفنون، وهو النهر الذي يسقيني ويرويني، أنا المتحمّس للصدامات، للمشاغبات مع بعضقيادات الدولة، دون أن أحسب العواقب والأضرار التي كان يمكن أن تحبطني، وهو أفق الحكمة الواسع الذيطرت في فضائه مبتعداً عن الحماقات، سالكاً دروب المعرفة والسلام والفنون بأصنافها.
هذه المشاعرالتي أُكنّها لصديقي الأعظم ليست وليدة اليوم؛ لقد زُرعت ونمت وكبرت فيذاكرة الفتى اليتيم منذ النشأة .
الدكتورعبد العزيز المقالح ليس أديباً ومفكراً كبيراً وحسب، إنه إنسان بكل ما تعنيه الإنسانية، إنه أباً لليتيم، صديقاً لمن لا صديق ولاصداقات له، مربّياً للمواهب في بساتينه الغنّاء، يستقي المبدعون الشباب من سنابلهوثماره اللذيذة، جميع إبداعاتهم.
لقد كانحظي كبيراً وكثيراً وحسناً، أن الدكتور العزيز عبدالعزيز، هو من فكّ أسري الذي أرادهلي البعض دون أن تكون لي علاقة بهم، فأخذ بيدي وفتح لي أبواب العالم كي أنطلق نحوالتفرغ للإبداع والارتواء المعرفي، عبر القراءة والتأهل وممارسة أنشطتي بصورةيومية، وإقامة المعارض الفوتوغرافية العديدة التي كان أولها تحت رعايته ودعمه. إنه صندوق اليمن الثري بالإبداعات،وكنزها الذي ستتقلد الأجيال المتعاقبة جواهره.
مشاعر فياضة بالمحبة، غزيرة وكثيفة وكبيرة، أُكنّها لهذا الإنسان العظيم. وأرجو من زمن السلام والاستقرار الآتي، أن يتح لي البوح بها بأية وسيلة. لك أخي الكبير وصديقي الحميم وأبي العزيز: دكتور عبدالعزيز المقالح كل الحب. وكلما فاح عبير وعطر هذه الأرض، أنت هدفه ومستقرّه الأبدي.