ستون عامًا.. لم يتبدّد الأمل بعد

خيوط
September 24, 2022

ستون عامًا.. لم يتبدّد الأمل بعد

خيوط
September 24, 2022
الصورة ل: عبدالرحمن الغابري

قبل عامين، فتحت منصة "خيوط" ملفًا عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر (تحولات سبتمبر.. أين تعثّر التغيير خلال 58 عامًا؟)، قارب فيه مجموعةٌ من الكتّاب والصحافيين والأكاديميين جملةَ موضوعات اتصلت بالحدث الكبير، من زاوية الإجابة عن سؤال التعثر البائن للفعل الثوري ولعملية التغيير التي بشّرت بها.

قدّمت المنصة الملف وقتها بمقتضب قصير يعاين الحالة من زاوية أنّ "الحدث التاريخي الكبير كان قاسمًا مشتركًا بين السلطة والشعب، لكونه أسقط نظام الحكم الوراثي، وجاء بنظام الجمهورية الذي لا يجيز احتكار السلطة في فرد أو عائلة، أو يشترط صفات وراثية معينة في الوظيفة العامة؛ ابتداء من أصغر وحدة إدارية، وانتهاءً بأعلى قمة في هرم السلطة؛ مؤسسة الرئاسة؛ ثورة 26 سبتمبر التحول الوحيد في تاريخ اليمن المعاصر خلال الستين سنة الماضية، لكنها حدث مفصلي يفترض استقراء سرديته في ضوء ما آلت إليه نتائج الأحداث التاريخية الأخرى".

اليوم، تضيف المنصة لملفها التأسيسي ذاك، جملةً من المواد الجديدة والاستعادية والوثائقية بطابعها الصحافي والمقالي، تراكميًّا على ذات الملف، والذي تفتحه في الذكرى الستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر. صحيحٌ أنّ الملف يقوم على ذات القاعدة السابقة لجهة الغور عميقًا في سؤال التعثر، لكنه أيضًا لا يخلو من منحى احتفائي وتذكيري بالمناسبة التي تحاول مشاريع التجزئة الصغيرة التي صنعتها سنوات الأزمة والحرب، تجريفَها لصالح منطوقات عابرة تتغذى على استحواذات مبنية على العنف والاحتكار والاستبداد، ومحو تاريخ اليمنيين القريب والبعيد ليبدو حاضرهم لقيطًا.

يقال إنّ ثورة سبتمبر كانت هي مفصل الانتقال من (مملكة الظلام) إلى (جمهورية النور) مع ما ينطوي على هذا القول من ملبوسات رومانسية ذات توق نوستالجي، غير أنّ معاينة الحدث بعد ستة عقود من زوايا عدة، وأشملها، بطبيعة الحال، الظرفُ التاريخي الذي ولَّده، وطبيعة الأوضاع المتخلفة في بلد مغلق ودفعته لتجاوزها، لَتُبيّنُ للجميع أنّه كان فعلًا ثوريًّا مكتمل الأركان لإزاحة بنية شديدة التخلف تتخذ من الخرافة والكيد الديني والإفقار مسلكًا لحكم اليمنيين واستعبادهم.

تعرضت، هذه الثورة، في منعطفات عدّة، لكثير من المؤامرات الداخلية والإقليمية والدولية منذ أول يوم لولادتها، ووصلت إلى شنّ حرب طويلة عليها بطرق شتى، ليس فقط في جانب المجابهات العسكرية المباشرة بين المدافعين عنها وبين أعدائها وجميع المتربصين بها، بل وحروب اقتصادية وتشنيع معنوي وحصار، ومع ذلك تسلح المدافعون عنها بإيمانهم الكبير بمشروعها التغييري، وتسلح أعداؤها بذهب وبارود القوى الرجعية التي رأت في الثورة مشروعًا كبيرًا يهدّد وجودها بالتقويض.

أُفرغ النظام الجمهوري من مضامينه الثورية إمّا بالإزاحة لرموزه، أو تبديل منهاجه، أو بالارتهان السياسي لقوى متخلفة في الداخل والخارج، وشكَّلت، هذه الإفراغات، مع الوقت معضلات صلبة، عملت بميكانيزماتها الذاتية القوية لتبقي الجمهورية والثورة شعارًا مناسباتيًّا للاستهلاك في كل مراحل السلطات المتعاقبة. معضلات صارت انسدادات شتى، ثم عثرة كبيرة صعُب تجاوزها بالأدوات البالية.

ومع ذلك نقول إنّ أمل استعادة وهج الثورة وتنصيعه في الوعي الجديد لم يتبدّد بعد، فالأوضاع التي ثارت عليها ثورة سبتمبر يعاد إنتاجها بلبوس شتى، والطبقة السياسية التي حكمت بالخرافة والمخاتلة والكيد تتناسل اليوم في حياة اليمنيين.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English