مخيلتي تصطك..
صورٌ تجمعني مع كائناتٍ لا أعرفها.
أنفلتُ في غيابي،
وكنتُ وجدتُ القصيدةَ في برميلَ قمامةٍ،
فتشنجتُ في ضجري وسخرتُ مني..
وتعددتْ أشكالُها في سيرتي.
لَكَمْ أريدُ أن ألتهمَ النجمةَ التي تحرسُ القمرَ الآن.
كل شيءٍ طليقٌ في أنفاسي،
فماذا يعملُ رسول حمزاتوف في جيبِ قميصي المعلقِ
ولمن أرفعُ هذه الكأس،
وما الذي يرتابُ بي هكذا؟
على الدوامِ يحضرُ حنيني،
وخسارتي أقوى من أي نجاح.
أنا فتحي أبو النصر..
أحيانًا أكونُ فأرًا لطيفًا وأحيانًا أكونُ تنينًا
أو نورسًا أو دولفينًا أو كنغرًا
أو كلبًا مقصوصَ الذيل،
لكنني فتحي (ابن زعفران) الذي ينصبُ لنفسهِ الكمائن.
يعرفني الجُندُ وخطباءُ المساجدِ
والشحاذون والموسيقيون
والأصدقاءُ الخاسرون والشعراءُ
إذ يبكونَ فيدركونَ ما هو المعنى.
أنا الذي أسعلُ الآنَ.. صدقوني أحبكم.
داخلي وخارجي أحبّ؛
مغمضًا ومحدقًا في الغرباءِ الكثيفين
في العزلةِ وكلامِ المقهى
عندما يطلبون مني التأويلَ أو يمارسون النميمةَ عليّ
بمكرٍ يشبهُ براءتي في القصيدةِ- وقتَ أركّبُ لها أجنحةً
لتحطَّ على صدورِ مَن سيغدرون بها-
يمكنني أن أحبَّ أيضًا
بوعيٍ وبلا وعي
بلا سببٍ وبنتائجَ كثيرةٍ
بلا تباهٍ
وكوليدٍ يموتُ أو كميّتٍ يلِد
حين أجوعُ وحين أخافُ
كما ندمٍ أو كطفلٍ يجري ويتعثر
كما ضوءٍ أعزلَ أو بسمةٍ مغلقةٍ على نفسها
مع ورودِ الحديقةِ ووردِ المزهريةِ الذابلِ
في الحُمّى وحين أتناولُ الأسبرين
في نومي وحين أحاولُ أن أنامَ فلا أستطيع
بمنظرِ البالوناتِ والطائراتِ الورقيةِ
وبمنظرِ المسافرينَ حين يلوِّحون
بساديةٍ وبمازوشية
بهدوءٍ وباندفاعٍ وبأنانيةٍ وبسموٍّ
مع كرسيٍّ وحيدٍ وفي زحامِ الشوارع
بعقيدةٍ وبدونها
بكفرٍ وبإيمانٍ
بكلماتِ بوذا الأخيرةِ، ومتتبعًا لأخبارِ الحروب
في مذاقِ الولائمِ كما في الخبزِ الجاف
في صوتِ الأذانِ وبدونِ دليلٍ في صوتِ المؤجر
في الشائعةِ المنتشرةِ وفي الصمت
مع الكتبِ القديمةِ وفي "الماسينجر"
حينَ أعرفُ بأنني لا أعرفُ
وفي شؤونِ الميتافيزيقا ضدَّ الديكتاتورِ
ومع عدمِ التزامي بالوطنِ وبالشعب
في تقديمي للعزاءاتِ وحينَ أمارسُ الاستمناء.
بإحساسٍ وبدونِ إحساسٍ
بلهفةٍ وبشراسةٍ وبشفقةٍ وببكاءٍ
حينَ أصحو في السادسةِ صباحًا وحينَ أقررُ النومَ لأيامٍ
بإفلاسي وحينَ أضاعفُ من شراءِ كروتِ التعبئةِ للموبايل
عندما أتمعّنُ في الخرائبِ أو أنجو في الرقصةِ التالية
كعجلةٍ لكلِّ القطاراتٍ وعندما أصلُ متأخرًا كعادتي
بشكلٍ معقدٍ وبمثابرةٍ على العطاءِ وبيأسٍ فادحٍ
حينَ أتذكرُ تاريخَ اليومِ أو أنسى أيامَ الأسبوع
بكلِّ أزمةِ الحضارةِ الحديثةِ وبسلاسةِ طفلٍ بدائيّ أرعنُ في بسمته.
متوترًا وخائفًا وشفافًا
أجدُ الحبَّ داخلي..
ويمكنني على الدوامِ أن أجدَهُ على بعدِ عشرةِ أمتارٍ أيضًا
أنا نظرتُكم السريةُ إليكم.
الدروبُ بناتي والسحرةُ أبنائي
ووحشةٌ وثنيةٌ تمكّنني من هذه السعادةِ الغريبةِ.
أحببتُ مرةً لوحةً تشكيليةً
ومرةً حافلةً عامةً
ومرةً طشتَ غسيلٍ
ومرةً شجرةَ زيزفونَ
ومرةً غرفةً على السطح
وأنا مصابٌ في كاحلي يمكنني أن أعبُرَ الوحلَ بحبّ
وحينَ أسجنُ نفسي إلى نفسي أتحررُ مني بحبّ
وعندما يصفعني جنديٌّ في مظاهرةٍ يمكنني أن أردَّها له بحبّ.
مثل اللهِ المتعبِ مثلي ليس لي إلا أن أحبّ.