انهيار منزل البردوني مرّ كتهدّم خرابة؛

ما مصير التوجيهات والوعود بإعادة بنائه؟
بلال قائد
August 17, 2020

انهيار منزل البردوني مرّ كتهدّم خرابة؛

ما مصير التوجيهات والوعود بإعادة بنائه؟
بلال قائد
August 17, 2020

قبل حلول الذكرى الـ21، لوفاة الشاعر والمفكر عبدالله البردوني، التي توافق الـ31 من أغسطس/ آب، تفاجأ الوسط الثقافي بانهيار منزله الواقع في منطقة التحرير.

  المنزل الذي شهد كتابة أولى الدواوين للشاعر البردوني، كانت وزارة الثقافة وجهت بشرائه بمبلغ 50 مليون ريال، في عهد وزير الثقافة الأسبق عبدالله عوبل، إلا أن الورثة لم يستجيبوا لإجراءات البيع، إضافة إلى الخلافات القائمة بينهم. 

  في حديثه لـ"خيوط"، حمّل وزير الثقافة في حكومة صنعاء، عبدالله أحمد الكبسي، ورثة الشاعر البردوني مسؤولية انهيار المنزل، وقال: "إن وزارة الثقافة التقت بورثة الشاعر البردوني أكثر من مرة لشراء المنزل وتحويله إلى متحف ومعلم ثقافي، إلا أن ورثة البردوني حالوا دون ذلك، وهو ما أدى إلى تدهور حالة المنزل وانهياره؛ بسبب إهمال الورثة للمنزل بعدم بيعه وتسليمه لوزارة الثقافة، وبعدم إقامة البيت وصيانته وهو ما نتج عنه انهياره".

  وأشار وزير الثقافة إلى أن لدى وزارة الثقافة "طموح لإعادة بناء المنزل بالطراز اليمني التقليدي، وتحويله إلى متحف ومعلم ثقافي يليق بشاعر وعلم اليمن الكبير عبدالله البردوني". وفي حين دعا ورثةَ البردوني للتجاوب مع وزارة الثقافة، طالب الجهات التي وعدت بالمساعدة في شراء منزل البردوني بالإيفاء بوعودهم، تكريمًا وتخليدًا لشاعر وأديب اليمن الكبير عبدالله البردوني.

وكان عضو المجلس السياسي الأعلى في سلطة أنصار الله (الحوثيين) محمد علي الحوثي، وجه في 8 سبتمبر/ أيلول 2019، أمين العاصمة حمود عباد، باستكمال إجراءات شراء المنزل وتحويله إلى متحف خاص بالشاعر البردوني، وَفقًا لوثيقة نشرتها صحيفة الثورة الرسمية حينها، وهو التوجيه الذي ظل حبيس الأدراج منذ ذلك الحين. 

  وفي ذات الصدد يحمل الشاعر محمد القعود، في حديثه لـ"خيوط"، أمانة العاصمة المسؤولية عن انهيار منزل الشاعر، وقال: "ندعو أمين العاصمة إلى تنفيذ التوجيه، والالتزام بما ورد في كلمته التي ألقاها في احتفال أقيم بمناسبة ذكرى البردوني بالمركز الثقافي بصنعاء". وأضاف القعود: "في نفس الاحتفال طالبت بوضع اليد على منزل البردوني وتعويض ورثته، وتحويل المنزل إلى متحف يحوي جميع مقتنياته؛ لأن إرث البردوني الثقافي ومنزله، هو إرث للشعب وللإبداع الإنساني، إلا أن العام مرّ دون نتيجة، ونحمل الورثة مسؤولية انهيار المنزل بسبب الإهمال وانشغالهم بالخلافات حول الإرث".

  وأشار بلاغ صحفي صادر عن وزارة الثقافة، إلى أن وزير الثقافة عبدالله الكبسي وقف على أطلال المنزل، محمّلًا ورثة الشاعر البردوني كل المسؤولية فيما آل إليه المنزل. وحسب البلاغ، فقد "بذلت الوزارة جهودًا كبيرة لإطلاق الإرث الإبداعي للشاعر الراحل، إلا أن تعنُّت الورثة أدّى بالحال إلى ما وصل إليه الآن".

  وحاولت "خيوط" التواصل مع ورثة الشاعر البردوني، إلا أن أحدًا لم يتجاوب في الحديث عن الأمر.

د. العودي: أدعو أفراد المجتمع اليمني أن يتحملوا مسؤوليتهم الأخلاقية ويفتحوا حسابًا شعبيًّا لإعادة تأهيل وبناء بيت أستاذنا الكبير، وتحويله إلى متحف عام يضم تراث الرجل المادي والفكري، كأقل ما يمكن من رد الاعتبار لهذا العظيم الخالد

  وحمّل عددٌ من الأكاديميين والأدباء والصحفيين، السلطات السابقة والحالية، مسؤولية انهيار المنزل (الإرث التاريخي والقيمة الأدبية) للمنزل.

  ودعا الدكتور حمود العودي، في منشور على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، المجتمع إلى تقدير مبدعيه. وقال العودي في منشوره: "هذا اليمني الفريد والمتفرد، الرائي الأكبر، والشاعر الأعظم منذ المعري، العابر للأمكنة والألقاب، عبدالله البردوني، هذا منزله الذي كان من الواجب أن يكون مَعلمًا ملهِمًا للأجيال تتبناه الدولة، لا يشرِّف أي سلطة أن يكون هذا مصيره، وكأنه يُراد له أن يصبح هكذا كما هو نتاج صاحبه الفكري والأدبي. لا أمل ولا رجاء من مناشدة الجهات المعنية، فنوجه نداءنا للناس في تقدير ملهميهم وحامليّ قضاياهم دون مساومة، ومن دفعوا في سبيل ذلك الكثير من الأذى بصبر ورضى".

ودعا أفراد المجتمع اليمني إلى "أن يتحملوا مسؤوليتهم الأخلاقية ويفتحوا حسابًا شعبيًّا لإعادة تأهيل وبناء بيت أستاذنا الكبير، وتحويله لمتحف عام يضم تراث الرجل المادي والفكري، كأقل ما يمكن من رد الاعتبار لهذا العظيم الخالد".

أما وزير الثقافة الأسبق خالد الرويشان، فشبّه انهيار بيت البردوني، بانهيار البلاد بأكملها. وجاء في منشوره على صفحته في "فيسبوك": "انهيار بلادٍ بأكملها! من فضلكم لا تجرفوا تراب هذا البيت! بل اجرفوا أنفسكم وانجرفوا بعيدًا مع سيول صنعاء وأمطارها. لا تجرفوا تراب هذا البيت! دعُوهُ شاهدًا عليكم، فكُلُّ حجرٍ هُنا أيقونةٌ قدّيسةٌ، وكلُّ قبضةِ ترابٍ إلياذةٌ كبرى لا تموت".

 وكتب ذاكرة اليمن البصرية عبدالرحمن الغابري، في صفحته أيضًا، جملةً لخّصت كل هذا الوجع الإنساني بانهيار المنزل: "لا لي ولا لكم، ولا للبطاط"، في إشارة لمثل شعبي يقال في الشيء الذي يذهب هدرًا.

وأضاف: "لا أتذكر أن الأستاذ العظيم عبدالله البردوني ذكر أحد من أقربائه سوى شقيقته". ويتساءل: "لا أفهم سر اختفاء دواوينه وكتبه من المكتبات في أنحاء الجمهورية"!

أما الكاتب سامي الشاطبي، فقد كتب لوحة بانورامية حول انهيار منزل البردوني حين كتب: "جنوبيون في صنعاء... شماليون في عدن".

"هدمت الأمطار منزل الشاعر عبدالله البردوني...، بدا لي المشهد من بعيد، حيث يختلط تراب المنزل بمياه الأمطار، متحوِّلًا إلى طين، ويسير مع جريان الماء إلى الجنوب، يروي الأرض اليمنية العطشى معرفة وأملًا...، البردوني لم يمت، فحتى طين منزله يروي عطش هذه البلاد".

وكانت اللجنة الوطنية لليونسكو بصنعاء، أعلنت عن تهدم وتضرر أكثر من 111 منزل، بشكل جزئي وكلي، جرّاء الأمطار الغزيرة والسيول خلال أواخر يوليو/ تموز، ومطلع أغسطس/ آب 2020، في صنعاء القديمة. ولم تذكر اللجنة مدينة زبيد، التي عانت كذلك من السيول التي جرفت بعض المعالم التاريخية فيها، وتضررت الكثير من المباني الأخرى. وقد وجهت هيئة المحافظة على المدن التاريخية، نداء استغاثة لإنقاذ مدينة صنعاء القديمة من الأمطار الغزيرة والسيول.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English