بدأ موسم الأمطار هذه السنة بغزارة في اليمن، لكنه لم يخلُ من الفجائع . فالصواعق، وقصف الرعود الشديدة، المصاحبة لنزول المطر، تثير الفزع، لاسيما لدى سكان البوادي والأرياف، حيث للرعد دويٍ رهيب.
وعلى الرغم من فرحة المزارعين في مديرية "بلاد الطعام" (شمال محافظة ريمة)، بهطول الأمطار، إلا أن أخباراً حزينة، داهمت القلوب، عندما وصلهم نبأ الصاعقة الرعدية، التي ضربت قطيع ماشية يملكها (آل مفلح) في أطراف عزلة "بني شرعب الطاعة"، وأودت بـ40 رأساً من أغنامهم في لمح البصر.
يقول عبدالله محمد حسن، أحد جيران الأسرة المنكوبة: "شيء مفزع ومخيف، ولكن لا رادّ لأمر الله، فهذا قدر الله، حيث خسرت هذه الأسرة ما يقارب الثلثين من ما يملكونه من القراش (المواشي)".
في المكان نفسه، ضربت صاعقة رعدية راعي هذا القطيع نفسه. كان ناصر حسين، (48 سنة)، يعتمد على قطيع أغنامه كمصدر رئيسي لمعيشته وعائلته، لكن الصاعقة الرعدية فصلته عن قطيعه قبل سنتين، وإلى الأبد. هذه المرة، ضربت الصواعق الرعدية قطيع الأغنام، التي يعيش عليها أولاده اليتامى.
بحسب إفادات شهود عيان لـ"خيوط"، فإن اثنين من الرعاة، هربا باتجاه البيت وسط المطر، وتركا الأغنام مكانها، وما هي إلا لحظات حتى قُصف المكان وبعثر البرق قطيع الماشية التي كانت متزاحمة لحظة هبوب عاصفة المطر الغزير. عندما هرع الأهالي إلى المكان على إثر دوي صوت الصاعقة، عثروا على الأغنام والخراف النافقة وقد تشظت وتبعثرت، واحترق بعضها، بينما وجدوا عدداً منها ميتة وليس عليها أي أثر، سوى الدخان وهو ينبعث من أنوفها وأفواهها.
ويعزوا الكثير من المواطنين أسباب تركز الصاعقة في ذلك المكان، إلى كثافة الأشجار، وتكاثر ألواح الطاقة الشمسية في المنطقة بشكل كبير، دون اتخاذ تدابير احترازية، لتفريغ الصواعق من شحناتها القاتلة.
المئات من ألواح الطاقة الشمسية توجد في تلك المنطقة، حيث يتم الاعتماد عليها كبدائل لضخ المياه من الآبار، لا سيما في ظل الأزمات المتلاحقة في توفر الوقود- "الديزل"- وارتفاع سعره بشكل كبير. لكن وزارة الكهرباء أوضحت لوسائل الإعلام، أن لا تأثير كبير للطاقة الشمسية كجالبات للصواعق. إذ أن الأشجار المرتفعة قد تكون عرضة لخطر الصواعق بشكل رئيسي، وكذلك البيوت ذات الطوابق العالية.
الصاعقة"تحدث عندما يكون التفريغ الكهربائي بين أسفل السحابة ذات الشحنات السالبة مع الشحنات الموجبة على سطح الأرض، ما يؤدي إلى حدوث وميض يمتد من الأرض إلى أعلى، وهو ما يسمى بالبرق
قبل عامين أفادت، وزارة الكهرباء، أنها لم تتلق أي بلاغات عن تعرض منازل محددة للصواعق بسبب الألواح الشمسية، لكنها نصحت الوزارة بتركيب "التأريض كإجراء احترازي". وبسبب تدني مستوى وعي الناس بأهمية مانعات الصواعق، بقيت ألواح الطاقة الشمسية بدون "التأريض" الذي يمثل طوق نجاة لا يقدر قيمتها إلا عند الحاجة.
وفي مارس/ أذار 2020، نشرت مواقع خبرية تسجيل فيديو تم تداوله حينها، ويتحدث فيه مصوره عن صاعقة رعدية ضربت لتوها قطيع أغنام بقرية صومان في رداع (وسط اليمن).
وكثير من الناس في عموم البلاد لا يهتمون باتخاذ وسائل حماية في البيئات الريفية، خاصة مع استمرار زحف التمدن نحوها بصورة متسارعة. فمنذ مطلع الألفية الثالثة، ثم الانعطافة الحادة للبلاد منذ العام 2011، مروراً ببداية مسار الحرب، لا تزال السلطات القديمة والجديدة، منشغلة عن مواكبة الريف بالخدمات الضرورية لإيقاع الحياة الراهن فيه.
وأحدثت الحرب الدائرة منذ ست سنوات هجرة ارتدادية لكثير من سكان المدن باتجاه الريف، ويعيشون كعائدين إلى مسقط الرأس، أو كنازحين إلى بيئة ريفية صديقة.
ولم يواكب انتشار ألواح الطاقة الشمسية كمصدر للكهرباء، إجراءات حماية كافية، خاصة المنظومات الكبيرة، مثل المستخدمة لضخ المياه من الآبار الجوفية.
ولمزيد من الفائدة لقراء "خيوط"، فإن "التأريض"، "هو الربط الكهربائي المتعمد مع الأرض لنقاط الحياد أو الهياكل والأجزاء المعدنية من التجهيزات والإنشاءات الكهربائية التي يجب أن تكون في حالة العمل الطبيعية غير واقعة تحت تأثير التوتر الكهربائي. ويتم ذلك بوساطة شبكة أو نظام التأريض".
وهو عبارة عن سلك يتصل بكل جهاز في المنزل، ويتم توصيله إلى سيخ نحاسي يسمى "إلكترود" يغرس في الأرض، وطوله يتراوح ما بين 120 سم إلى 150 سم، وبالتالي يتم قياس المقاومة الكهربائية، فإذا زادت، فذلك بسبب التربة غير المناسبة، وبالتالي يجب الاستعانة في هذه الحالة بمواد كيميائية، مثل كبريتات المغنسيوم، وكبريتات النحاس وكلوريد الصوديوم (ملح الطعام).
ووفقاً لبعض إرشادات السلامة من الصواعق، فإن الصاعقة "تحدث عندما يكون التفريغ الكهربائي بين أسفل السحابة ذات الشحنات السالبة مع الشحنات الموجبة على سطح الأرض، ما يؤدي إلى حدوث وميض يمتد من الأرض إلى أعلى، وهو ما يسمى بالبرق". وبحسب المهندس عبدالملك محمود، وهو خبير ومهندس يعمل في مجال الطاقة الشمسية، فإن :مانعات الصواعق لا تمنع الصاعقة، لكنها تسهل مرورها إلى الأرض بأمان حيث يتم تفريغها".
ومع استمرار هبوب الأمطار، يستمر قلق الناس من الصواعق والرعود، لكن كثيرون لا يهتمون لمعرفة التدابير الوقائية التي من شأنها أن توفر ما يشبه طوق نجاة من الصاعقة. ومن الإرشادات الوقائية مثلاً؛ إذا كنت داخل سيارة "ابق في الداخل واغلق النوافذ ولا تلمس أي جزء من الإطار المعدني أو الزجاجي للسيارة". واذا كنت في المدينة: "ابق على بعد أمتار قليلة من النوافذ المفتوحة وصناديق الكهرباء والأجهزة الإلكترونية.. ابحث عن منطقة بعيداً عن الأشجار والأسوار المعدنية والأنابيب والأجسام طويلة القامة".
واذا كان الشخص في المنزل، فلا يستحم أثناء الرعد أو البرق وعليه أن يتجنب استخدام الهواتف إلا في الحالات الضرورية:" اذا ضرب البرق منظمة خطوط الهاتف فيمكن ان تنتقل عبرها الشحنات إلى هاتفك.. اغلق النوافذ واجلس القرفصاء وابتعد عن جذوع الشجرة، ولا تدع يدك تلمس الأرض".