كانت وما زالت محافظة حضرموت (شرقي اليمن) نقطة التقاء لكل أبناء الوطن اليمني الكبير، ومتنفساً لجميع اليمنيين منذُ اندلاع الحرب، وما رافقها من محاولات لاجتياح عدن (العاصمة المؤقتة) للحكومة المعترف بها دولياً في العام 2015.
شكلت محافظة حضرموت، وتحديداً، مطار سيْئُون الدولي، ومنفذ الوديعة البري، شرياناً رئيسياً لاتصال اليمنيين بالعالم الخارجي، إلى جانب مطار عدن بالطبع. ومثلما تم فتح منفذ الوديعة مؤقتاً لدخول اليمنيين العالقين في الحدود مع العربية السعودية، رغم الانتقادات لفتح المنفذ، استقبل مطار سيئون، مطلع يونيو/ حزيران 2020، أربع رحلات للخطوط الجوية اليمنية؛ ثلاث رحلات قدمت من الأردن، أقلّت 450 شخصاً، والرابعة من جمهورية مصر، وصل على متنها 153 شخصاً، وفقاً لمسؤول الإعلام في المطار أمجد باحشوان.
توجسات من عودة العالقين
ويخضع القادمون عبر مطار سيئون لإجراءات مشددة، كما قال ضابط الوقاية الصحية بالمطار، الدكتور عبدالرحمن السقاف. وأوضح السقاف لـ"خيوط" أن الواصلين من خارج اليمن "يتم إدخالهم على دفعات وفق بروتوكول محدد إلى صالة الوصول، حيث يقوم بعض الشباب المتطوعين بتعقيمهم بمادة الميثانول قبل الدخول إلى الصالة". وأضاف أن فريقاً آخر يتولى مهمة تعقيم الأمتعة، وبعد ذلك يتم إخراج القادمين إلى عيادة فيها مختصّون لفحص شهادات خلوّ الوافدين من فيروس كورونا (تقارير فحص الـPCR)، كما يتم فحص درجة حرارة المسافر، وفي حالة الاشتباه بالحالة، يتم تحويلها إلى مركز العزل في المطار.
وبحسب ضابط الوقاية الصحية بمطار سيئون، فإن المسافرين الذين يجتازون مراحل هذه الإجراءات في المطار، ينقلون مباشرة إلى حافلات في ساحة المطار، كل بحسب المحافظة التي يقطن فيها. كما تأخذ منهم السلطات في المطار تعهداً كتابياً بالبقاء في الحجر المنزلي لمدة 14 يوماً. وبشأن احتمالات مخاطر الإصابات الكامنة في الأشخاص القادمين من الخارج، قال السقاف: "هؤلاء لا يشكلون خطراً على الناس لأن لديهم تقارير تفيد بخلوّهم من الفايروس من الدول التي قدموا منها".
استقبلت محاجر الوديعة حوالي 500 عالق كدفعة أولى تم وضعهم في الحجر، غير أن لجان الاستقبال تفاجأت بالسماح لعدد آخر بالتوجه إلى مناطقهم خارج إطار البرتوكولات المعتمدة من قبل لجنة الطوارئ العليا لمواجهة كورونا
الخطر القادم من الوديعة
ويشكل منفذ الوديعة الحدودي مع المملكة العربية السعودية، التي توجد فيها أكبر جالية يمنية، هاجساً يؤرق السلطات الصحية والمحلية بمحافظة حضرموت. لذلك، قامت سلطات المحافظة بتجهيز محاجر صحية في المنفذ لاستقبال مصابين أو مشتبه بإصابتهم بكورونا من بين العالقين في منطقة "شرورة" الحدودية.
وتم فتح المنفذ في مايو/ أيار 2020، مؤقتاً، بموجب توجيهات من الرئيس المعترف به دولياً عبدربه منصور هادي، وفي إطار التنسيق مع المملكة العربية السعودية، لتمكين الراغبين العودة إلى اليمن.
وأفادت مصادر رسمية في حضرموت لـ"خيوط"، أن سلطات منفذ الوديعة استقبلت قرابة 500 شخص، "كدفعة أولى"، تم وضعهم في الحجر الصحي. غير أن لجان الاستقبال تفاجأت بالسماح لعدد آخر بدخول الأراضي اليمنية، والتوجّه مباشرة نحو مناطق سكنهم، في مخالفة لـ"البرتوكولات المعتمدة من قبل لجنة الطوارئ العليا لمواجهة كورونا"، ما دفع اللجنة إلى إغلاق المنفذ مرة أخرى.
دخول دون فحص PCR
وأفادت المصادر أن رئيس اللجنة الوطنية العليا للطوارئ ومواجهة كورونا، الدكتور سالم الخنبشي، أصدر توجيهات لمدير منفذ الوديعة الحدودي بالسماح للعالقين في الأراضي السعودية، بالعبور مع الاكتفاء بالفحص الحراري لهم، وأخذ تعهدات كتابية على كل من يظهر عليه ارتفاع درجة الحرارة، بحجر نفسه في البيت لمدة 14 يوماً.
وقوبلت هذه التوجيهات باستهجان في الأوساط الاجتماعية والحكومية في حضرموت. وانتقد المهندس محسن علي عمر باصرة، نائب رئيس مجلس النواب اليمني في الحكومة المعترف بها دولياً، إدخال العالقين في الأراضي السعودية عبر منفذ الوديعة بدون فحوصات أو شهادات خلوّ من الفيروس من بلد القدوم، وهي الإجراءات التي طبقتها سلطات مطار سيئون. واعتبر باصرة إدخال العائدين من الخارج بدون شهادات أو فحوصات "جريمة بحق الشعب اليمني".
ولاحقاً على دخول العائدين من السعودية عبر منفذ الوديعة، وجّه محافظ حضرموت، اللواء فرج سالمين البحسني، "الجهات المختصة بوادي وساحل حضرموت"، بمنع دخول القادمين من المحافظات الأخرى. كما أصدر البحسني توجيهات باستحداث نقاط عسكرية على مداخل محافظة حضرموت، لتشديد إجراءات الدخول إليها، وتعزيز الإجراءات الصحية في النقاط العسكرية.
إمكانيات محدودة
أكثر من 100 حالة اشتباه بمحافظة حضرموت حتى صباح الخميس 10 يونيو/حزيران 2020، لم تستطع السلطات الصحية التأكد منها لعدم وجود فحص PCR، لأكثر من ثمانية أيام، منذ مطلع يونيو/ حزيران، كما تجاوز عدد المصابين 128، فيما بلغ عدد الوفيات 51 شخصاً، وفق آخر إحصائية رسمية.
وفي آخر إحصائياتها، قالت الأمم المتحدة إن نسبة الوفيات بفيروس كورونا في اليمن تقترب من 25% من حالات الإصابات.
وبحسب بيان صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية باليمن، فإن معدل الوفيات "مرتفع بشكل مثير للقلق، حيث بلغ 24.77 بالمئة".
وفي 11 يونيو/ حزيران 2020، أعلنت السلطات الصحية في الحكومة المعترف بها دولياً، أن إجمالي الإصابات بكورونا بلغت 486 حالة، بينها 112 وفاة منذ ظهور أول حالة في البلاد، في 10 أبريل/ نيسان 2020.
ووفقاً للبيان الأممي، فإن "أكثر من 75% من الحالات المؤكدة هم رجال وأشخاص في الفئة العمرية ما بين 45- 59".
ولفت البيان إلى أن مدينة عدن (جنوب) تحتل المرتبة الأولى في انتشار الفيروس، حيث تم الإبلاغ عن 130 حالة، تليها حضرموت (شرق) بـ126.
وذكرت الأمم المتحدة أن التقارير تواصل الإشارة إلى أن مئات الأشخاص في البلاد يموتون بأعراض تشبه كورونا.