بعد أيام قليلة من إسدال ستار مؤتمرالمانحين لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن 2020، تتوالى التساؤلات القادمةمن محافظة تعز -المدينة الأكثر تأثراً بالحصار والحرب- عن جدوى المؤتمرات والخططفي إنهاء معاناة سكان المحافظة، فيما لا يزال الحصار المفروض عليها من قبل جماعةأنصار الله (الحوثيين) منذ العام 2015، قائماً.
في هذا الصدد قال نبيل جامل، مديرعام مكتب وزارة التخطيط والتعاون الدولي في تعز، التابع للحكومة المعترف بهادولياً، إن قيادة المحافظة تقدمت بخطة للاستجابة الإنسانية الطارئة منذ 2018 وحتى2020، بالإضافة إلى رفع احتياجات المحافظة من المشاريع التنموية المستدامة إلى كلمن وزارة التخطيط، ومكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، واللجنة العليا للإغاثة.وبحسب جامل، فقد ركزت هذه الخطط بشكل رئيس على أربعة قطاعات مهمة هي: التعليم،الصحة، المياه والإصحاح البيئي، والأمن الغذائي.
واستدرك جامل: "لكن لا يتماستيعاب هذه الاحتياجات ضمن خطط المانحين إلا بنسبة لا تتجاوز 5%، فيما يتم تنفيذمشاريع بناء على تقييمات ومسوحات تنفذها المنظمات، بعض هذه المشاريع ليس منأولويات المحافظة".
آليةصرف المنح والمساعدات
في هذا الصدد، قال رئيس مركزالدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، إن تعز "تعاني من حصار كل الأطراف"،وأن وضعها لدى هذه الأطراف غير واضح تماماً، حتى فيما يتعلق بالتمويلات والمنحالمالية المخصصة من قبل المانحين، مشيراً إلى أنه يتم صرف هذه المساعدات عبر وكلاءالأمم المتحدة ومنظمات دولية مركزياً، وبالتالي لا تحظى المدن الرئيسية، ومنها تعزسوى بالفتات. وأشار نصر إلى أن ذلك يستدعي إعادة النظر في طريقة توزيع هذه المنح والمساعدات،وتوزيعها لامركزياً وفقاً لاحتياجات السكان والمتطلبات العامة للمحافظات.
ويتفق جامل مع هذا القول، ويتابع:"نحن في مكتب التخطيط لا نعلم كم هي المبالغ المخصصة لمحافظة تعز، وهذا خلليكشف ضعف السلطة المركزية وغيابها على الأرض، ما يؤدي إلى تعدد نوافذ التعامل معالمنظمات".
الوضعالصحي كأولوية في تعز
يواجه القطاع الصحي في تعز شحّة فيتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية في المستشفيات الحكومية العاملة، خاصة في ظلانتشار الأوبئة والحميات وتفشي فيروس كورونا (كوفيد – 19).
آدم الجعيدي مدير مركز العزل الصحي الحكوميفي مدينة تعز قال لـ"خيوط" إن الوضع الصحي في المدينة "مأساوي بسببالكثافة السكانية الكبيرة في المحافظة"، خاصة مع شحّة الإمكانيات والركاكة فيإدارة الملف الصحي من قبل السلطات الرسمية.
وأشار الجعيدي إلى أن ما تملكه المدينة كلها هو11 جهاز تنفس صناعي، 8 في مركز العزل "شفاك" و3 في المستشفى الجمهوريفقط.
تحدياتمتعددة
في سياق التحديات التي تواجهها مدينةتعز، ومديرياتها الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، نبّه رئيس مركزالدراسات الاقتصادية، مصطفى نصر، إلى ما سماها "مشكلات متعددة" تواجههاالمحافظة المنقسمة جغرافيا بين طرفي النزاع. فبالإضافةإلى أنها "تواجه أزمة تفشي فيروس كورونابقطاع صحي منهار، هناك أيضاً تحديات اقتصادية بحاجةماسة إلى مساعدات مالية أكبر، وفقاً لما تحكيه الإحصائياتوالدراسات المتعلقة بهذا الشأن، ما يحتم تركيزالمنح المالية لحلحلة ولو جزء من هذه التحديات المتراكمة".
وقال الدكتور الجعيدي إنالضغط الذي يواجهه القطاع الصحي في تعز، يلعب فيه الوعي دوراً كبيراً،وأنه "كان بالإمكان تفاديه بأبسط الأمور". وكررالجعيدي تصريحات بشأن الشائعات التي قال إنها تبث الخوف في نفوس الأهالي من تعاملالسلطات الصحية في مراكز العزل، لافتاً إلى أن ذلك تسبب في عدم ذهاب المرضىإلى مراكز العزل، وبالتالي، "تفاقم الحالات وتحميلالقطاع الصحي فاقد الدعم العبء الكبير".
بليغ التميمي، رئيس مؤسسة "فجرالأمل الخيرية للتنمية الاجتماعية" في تعز، تحدث لـ"خيوط"، عن المتطلباتالتي يفترض توفرها كأساسيات لمواجهة الجائحة وعلى رأسها الأدوية، الوجباتالغذائية، وفرق الرش والتعقيم، وحملات التثقيف والتوعية الصحية، مشيراً إلى أن ذلك"يحتاج إلى ميزانيات خاصة، هي في الحقيقة غير متاحة".
منسق منظمة الغذاء العالمي: المنظمة تتكبدنفقات مضاعفة خلال نقل المساعدات الإغاثية من عدن إلى تعز عبر طريق "هيجةالعبد"
كما تحدث لـ"خيوط"، منسق الغذاءالعالمي في تعز،أكرم هدوان، عن أن "المنظمةتسعى جاهدة لتوزيع الغذاء المخصص لسكان المحافظة، رغم المعوقات في طريق "هيجة العبد" (طريق ثانوي يربط مدينةالتربة في محافظة تعز بمدينة عدن عبر محافظة لحج). وقال هدوان إن معوقات الطريقهذه، "تكبّد المنظمة نفقات مضاعفة يمكن الاستفادة منها وتوفيرها، بل إنهيتسبب في أحايين كثيرة، في منع وصول المساعداتلمستحقيها". وفي حين لم يذكر هدوان هذه المعوقاتصراحة، لكن حديثه عن "النفقات المضاعفة"، يشير إلى إتاوات تدفعهاالمنظمة في الطريق لتسهيل مرور شحنات المساعدات.
نسمعجعجعة ولا نرى طحيناً
الصحفية ملاك الحكيمي وصفتتكرار عقد مؤتمرات المانحين بالضجيج غير المجدي، وهو مدلول المثل الذي أوردته فيحديثها لـ"خيوط": "نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً".وتساءلت الحكيمي عن مصير الأموال التي يعلن عنها كتعهدات لدعم اليمن؟ "المواطن لم يرَ شيئاً، خصوصاً نحن أهالي تعز، فالقطاعات جميعها تعاني، لكني أعتقد أن هذهالمساعدات تذهب إلى منظمات ومستفيدين قلة، فيما تبقى المدينة في صراع الحاجةوالحرب". أضافت.