لأكثر من أربع ساعات، استمر انعقاد مؤتمر المانحين لليمن 2020، الثلاثاء 2 يونيو/حزيران. المؤتمر الذي وصفه منظموه بـ”رفيع المستوى”، أخفق في جمع المبلغ الذي حدده المؤتمر والمقرر بـ2.41 مليار دولار.
وكانت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي تحدثت عشية انعقاد المؤتمر عن ضرورة توفير 2.6 مليار دولار كحد أدنى لتنفيذ خطة الاستجابة للأمم المتحدة في اليمن.
كما حذرت غراندي في أبريل/ نيسان 2020، من أن فیروس كورونا قد یصیب 55% من سكان اليمن، ولذلك فالبلد بحاجة إلى 300 ألف سریر طبي و200 ألف من أسرّة العنایة المركزة لمواجهة تداعیات الوباء.
وتعمل في الیمن 21 وكالة تابعة للأمم المتحدة و250 منظمة دولیة غیر حكومیة وشركاء منفذون محلیون. فيما أشارت تحذيرات أممية سابقة من توقف 30 برنامجاً من برامج الأمم المتحدة الإغاثية في اليمن بسبب نقص التمويل، وعراقيل يواجهها موظفو الإغاثة في الوصول إلى المحتاجين للمساعدات في جميع مناطق البلاد.
وكانت المملكة العربية السعودية دعت إلى هذا المؤتمر عبر الإنترنت بسبب تفشي جائحة كورونا في العالم، بالتعاون مع الأمم المتحدة ومشاركة ما يزيد على 126 جهة؛ منها 66 دولة و15 منظمة أممية، وثلاث منظمات حكومية دولية، وأكثر من 39 منظمة غير حكومية، بالإضافة إلى البنك الإسلامي للتنمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
وأسفر المؤتمر عن تعهد 30 من أصل 66 دولة بمبلغ 1.35 مليار من أصل 2.4 مليار دولار هو مجمل المبلغ الكلي الذي كان المؤتمر يسعى لجمعه، وبدا لافتاً عدم مساهمة كل من الإمارات وقطر والكويت والبحرين وعمان وتركيا.
وكان ممثلو الدول المانحة تحدثوا عن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن، وعن احتمالات إنحدارها نحو الأسوأ مع انتشار فيروس كورونا في البلاد، وانهيار المنظومة الصحية.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، كان في طليعة المتحدثين في افتتاحية المؤتمر، حيث دعا أطراف النزاع، للعمل مع مبعوثه الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، وفق مقترح التسوية الذي قدمه الأخير، ويتضمن ثلاثة عناصر، أبرزها وقف إطلاق النار.
وفيما يتعلق بالجانب الإنساني، بما في ذلك قطاع الصحة، قال غوتيريش: “يجب علينا الحفاظ على عملية المساعدة الإنسانية الكبرى الجارية بالفعل، وهي الأكبر في العالم، وفي الوقت نفسه تطوير برامج صحة عامة جديدة لمحاربة الفيروس وتقوية أنظمة الرعاية الصحية”.
وفي السياق، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، إن المؤتمر يسعى “لزيادة الوعي بالأزمة الإنسانية في اليمن، والإعلان عن تعهدات مالية لسد الاحتياجات الإنسانية”. وهو الشعار ذاته الذي رفعته المؤتمرات الثلاثة السابقة لمانحي اليمن. فيما ركز الجانب الأممي على حث المانحين على الوفاء بالتعهدات التي أعلن عنها العام 2019، في جنيف بمبلغ 2.41 مليار دولار.
وفي المؤتمر السابق، خاطب الأمين العام غوتيريش المانحين بأن” عقد مؤتمر ثالث للمانحين ليس أمرًا جيدًا أبدًا، نتمنى جميعًا أن لا نحتاج للعودة إلى هنا”.
غير أن غوتيريش اضطر كما يبدو، لدعوة المانحين إلى مؤتمر رابع، بالشراكة مع المملكة العربية السعودية، التي تلقفت المبادرة وأوكلت لمركز الملك سلمان للإغاثة القيام بالمهمة.
وقال وزير الخارجية فيصل بن فرحان آل سعود، إن بلاده قدمت مساعدات لليمن منذ 2014، بمبلغ 16.94 مليار دولار، وأن على المانحين الوفاء بتعهداتهم فيما يتعلق بمبلغ الـ2.41 مليار المخصصة لهذا العام.
وأضاف أن هذه التعهدات ستعين اليمن على “مواجهة التحديات الإنسانية والسياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والتنموية”. بينما أعلن المشرف مركز الملك سلمان عبدالله الربيعة تعهد السعودية بـ500 مليون دولار، منها 300 مليون من خلال وكالات الأمم المتحدة، و200 مليون من خلال أنشطة المركز مع “المنظمات الوطنية والمحلية والدولية”. وهذا هو نفس المبلغ الذي تعهدت به السعودية في 2019، و2018.
ولم تعلن دولة الإمارات، الحليف الأول للسعودية في حرب اليمن، عن أي تعهدات هذا العام. واكتفت وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي ريم الهاشمي، بالقول إن حكومة بلادها بدأت بتنفيذ تعهداتها بـ100 مليون$ منذ مارس/ آذار 2020- يونيو/ حزيران الجاري. وطالبت الهاشمي بـ”آليات جديدة وتوجهات مبتكرة” للعمل الإنساني في اليمن.
مارك لوكوك، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، قال من جانبه إن أغلب التعهدات المعلن عنها “حتى الآن” لا تزال غير مدفوعة. وتابع: “نطلب منكم تعهدات سخية تتناسب مع ما تم تقديمه العام الماضي، وضمانات للدفع على وجه السرعة”. كما حملت دعوته إلى “المرونة في التمويل” والسماح للوكالات الإنسانية بالتركيز على المناطق الأكثر احتياجاً للمساعدات، تلميحاً إلى وجود اشتراطات للمانحين في ما يتعلق بالتوزيع الجغرافي لأنشطة الإغاثة الأممية.
معين عبدالملك طالب الدول المانحة والأمم المتحدة بإعطاء تغطية العجز في المرتبات أولوية عاجلة، فيما تحدث عن “إضافة قرابة 120 ألف مستحق جديد بين موظفين ومتقاعدين على المستوى الوطني”، خلال العام 2019 فقط.
ونقل موقع الأمم المتحدة عن لوكوك قوله في المؤتمر: “نحتاج من السلطات، وخاصة في الشمال، إنهاء القيود غير المقبولة التي تعيق برامجنا، ولقد شاهدنا مؤخرا تقدماً ملموساً في عديد من القضايا. وهو أمر إيجابي ونريد البناء على ما تم تحقيقه لكننا لا نزال نحتاج إلى المزيد”. وفي كلا الحالتين، بدا حديث لوكوك عن “المرونة” تلميحاً إلى اشتراطات غير معلنة للتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، تعيق الوصول إلى مناطق الاحتياج الأكبر للمساعدات، وهي بالطبع المناطق التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله (الحوثيون). كما يشير بوضوح أكبر، إلى أن وصول الوكالات الإنسانية إلى جميع المحتاجين في مناطق سيطرة الجماعة، لا يزال مقيداً باشتراطات مقابلة من جانبها.
معين عبدالملك، رئيس الحكومة المعترف بها دولياً، قال في الكلمة التي ألقاها في المؤتمر، إن الحرب والأوضاع الاقتصادية المتردية في اليمن، وانخفاض أسعار النفط، “قلصت المورد الشحيح من التصدير”، خاصة في ظل الأوضاع المضطربة في مدينة عدن، التي تتخذها حكومته “عاصمة مؤقتة” لها.
وأضاف عبدالملك أن كل ذلك يهدد ما وصفها بـ”الإنجازات” التي قال إن حكومته “حققتها خلال السنوات الماضية”، وسرد ما اعتبره “قدراً يسيراً من التعافي” لحكومته، وبالأخص ما يتعلق بإجراءاتها منذ العام الماضي (2019)، بعد مؤتمر الاستجابة في جنيف. وقال إن ذلك ساعد في “استعادة نشاط مؤسسات الدولة (في عدن)، وانتظام حركة الاقتصاد والتجارة، ودفع رواتب الموظفين”.
وفي حين طالب عبدالملك الدول المانحة والأمم المتحدة بإعطاء تغطية العجز في المرتبات أولوية عاجلة، تحدث عن “إضافة قرابة 120 ألف مستحق جديد بين موظفين ومتقاعدين على المستوى الوطني”، خلال العام 2019 فقط.
وفيما يتعلق بالإمكانيات الطبية لحكومة عدن في مواجهة كورونا، قال إن الفحوصات المتوفرة لديها هي “أقل من 100 فحص لكل مليون مواطن”، إضافة إلى “150 جهاز تنفس صناعي، و500 سرير عناية مركزة على المستوى الوطني”، مذكراً بإحصائية منظمة الصحة العالمية أن 20% من مديريات اليمن لا يوجد لديها طبيب لتغطية احتياجاتها.
وهذا هو العام السابع منذ اتخذت الحكومة المعترف بها دولياً عدن عاصمة مؤقتة لها، بعد اجتياح جماعة أنصار الله (الحوثيين) للعاصمة صنعاء، وفرض سلطة أمر واقع في غالبية المحافظات الشمالية. الأمر الذي يضع أسئلة بشأن دقة الإحصائيات التي أوردها عبدالملك في سياق تعبير “المستوى الوطني”.
وتزامن انعقاد المؤتمر الرابع للمانحين 2020، مع انتشار جائحة كورونا في اليمن، بينما ظل المبلغ المطلوب من المانحين توفيره هو نفسه المعلن عنه في 2019، رغم تقدير لوكوك احتياج اليمن لمواجهة وباء كورونا بـ180 مليون$.
بالمقابل، قللت حكومة صنعاء التابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) من أهمية مؤتمر المانحين لليمن 2020، واعتبرته محاول لإطالة أمد الحرب.
ونشرت وكالة الأنباء “سبأ” التابعة لحكومة صنعاء، تصريحاً لـ”مصدر حكومي” قال إن “حل المأساة الإنسانية التي يمر بها اليمن لا يكمن في زيادة الدعم أو تخفيضه”، بل في وقف الحرب.
كما نشرت الوكالة تصريحاً لمصدر في وزارة الخارجية، قال إن المساعدات التي يتعهد بها المجتمع الدولي “لم ترقَ إلى مستوى الاحتياجات المتزايدة”.
وكان مجموعة من النشطاء اليمنيين نظموا إحاطة قبيل انطلاق المؤتمر بيوم، هدفوا من خلالها إلى تسليط الضوء على أهمية دعم اليمن في هذه المرحلة الدقيقة التي يواجه فيها فيروس كورونا بقطاع صحي متهالك وشبه منهار، مشددين على ضرورة الوفاء بالتعهدات وتنفيذها على الأرض، وقبل ذلك الضغط على أطراف الصراع لإنهاء الحرب في البلاد كشرط رئيس تتوقف عليه بقية المعالجات الهادفة لمساعدة اليمن.
ونوّه المشاركون في الإحاطة إلى أن 80% من سكّان اليمن يعتمدون اليوم على المساعدات الإنسانيّة؛ يعاني ما يقارب 20 مليون منهم من انعدام الأمن الغذائي؛ فيما لا يستطيع أكثر من نصف السكّان الوصول إلى مصادر المياه المُحسّنة، علاوةً على أن اليمن يعاني من نقص حاد في عدد الأطبّاء، الذين إمّا هُجّروا أو اعتكفوا بسبب نقص المعدّات وأدوات الحماية الشخصيّة.
وضخّ المانحون في غضون السنوات الثلاث الماضية، ما یقدر بـ 7.9 ملیار دولار لتلبیة الاحتیاجات الإنسانیة في الیمن. ووصفت هذه العملیة الإنسانیة بأنها الأكبر على مستوى العالم!
وفي نهاية مارس/آذار 2020، أعلنت الولایات المتحدة عبر وكالة التنمیة الدولیة (USAID) وهي ثاني أكبر مانح للعملیة الإنسانیة في الیمن بعد المملكة العربیة السعودیة بحسب المعلومات المعلنة، أعلنت أنها ستعلق مساعداتها جزئياً “حتى یكون دافعو الضرائب الأمریكیین على ثقة بأن مساعداتهم تصل إلى مستحقیها، وذلك بسبب تزاید التدخلات غیر المقبولة في المساعدات من قبل السلطات الحوثیة”.- حسب تعبير الوكالة.
وفي مؤشر آخر على جملة العراقیل المحلیة التي تواجه العمل الإنساني في الیمن، أبلغ مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجیة الأمریكیة (State/PRM) شركاءه باحتمال تعلیقه تقدیم المساعدات ما لم تتحسن البيئة بما یكفي لمواصلتهم العمل.
وتقدر المساعدات الأمریكیة للسنة المالیة 2019، بما يقارب من 737 مليون دولار بحسب خدمة الرصد المالي لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسیق الشؤون الإنسانية.(OCHA) وتراجع حجم الدعم الأمریكي لليمن منذ بدایة السنة المالیة 2020، جراء الخلافات بین الوكالات الإنسانیة وسلطات جماعة أنصار الله (الحوثيين) لیصبح ما يقارب من 173 مليون دولار فقط. وتقدر المساعدات الأمریكیة للیمن منذ 2015 بـ 2.6 ملیار دولار.
وتبع ذلك إعلان وزیر الخارجیة الأمریكي مایك بومبیو في السادس من مایو/ آيار 2020، عن مساعدات طارئة للشعب الیمني تقدر بـ225 مليون دولار، ستقوم هذه المساعدة التي تقدمها (USAID) بتمویل العملیات الغذائية الطارئة لبرنامج الغذاء العالمي (WFP) لیذهب أغلبها للمناطق التي تسیطر علیها حكومة الرئيس هادي المعترف بها دولیاً. وعلقت الولایات المتحدة جزءًا كبیراً من مساعداتها الإنسانية في شمال الیمن بسبب ما وصفته بـ”عدم الاستقلالیة في العمل جراء تدخل السلطات الحوثیة في ذلك”.
وتقدر المساعدات الأمریكیة للسنة المالیة 2019، بما يقارب من 737 مليون دولار بحسب خدمة الرصد المالي لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسیق الشؤون الإنسانية.(OCHA) وتراجع حجم الدعم الأمریكي لليمن منذ بدایة السنة المالیة 2020، جراء الخلافات بین الوكالات الإنسانیة وسلطات جماعة أنصار الله (الحوثيين) لیصبح ما يقارب من 173 مليون دولار فقط. وتقدر المساعدات الأمریكیة للیمن منذ 2015 بـ 2.6 ملیار دولار.
وتبع ذلك إعلان وزیر الخارجیة الأمریكي مایك بومبیو في السادس من مایو/ آيار 2020، عن مساعدات طارئة للشعب الیمني تقدر بـ225 مليون دولار، ستقوم هذه المساعدة التي تقدمها (USAID) بتمویل العملیات الغذائية الطارئة لبرنامج الغذاء العالمي (WFP) لیذهب أغلبها للمناطق التي تسیطر علیها حكومة الرئيس هادي المعترف بها دولیاً. وعلقت الولایات المتحدة جزءًا كبیراً من مساعداتها الإنسانية في شمال الیمن بسبب ما وصفته بـ”عدم الاستقلالیة في العمل جراء تدخل السلطات الحوثیة في ذلك”.
في 2019، وصل إجمالي المساعدات النقدیة إلى 370 ملیون دولار، حوالي ٪10 من میزانیة المساعدة الدولیة للیمن بالكامل
وفي تحقیق للأسوشیتد برس في میونخ، قال مدیر (USAID) مارك غرین إن “الحوثیين یضعون قیودًا تجعل من الصعب القیام بمساعدة الیمنیین، وهذا شيء مرفوض”.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2019، أرسلت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانیة للیمن لیز غراند رسالة إلى رئيس الوزراء المعیّن من قبل جماعة أنصار الله (الحوثیین)، عبدالعزیز بن حبتور تشكو فیها من قائمة طویلة من المطالب من سلطات الجماعة، من شأنها عرقلة أو تأخیر تسلیم المساعدات بحسب الأسوشیتد برس- وهو ما وصفته انتهاكاً للمبادئ الأساسیة في العمل الإنساني.
وفي 27 ینایر/ كانون الثاني 2020، صدر تقریر عن فریق الخبراء المعني بالیمن إلى مجلس الأمن بأن أنصار الله (الحوثیین) “یعترضون بشكل متزاید طریق إيصال المساعدات الإنسانیة، من خلال اعتقال وترهیب عمال الإغاثة، وكذلك من خلال وضع العقبات البیروقراطية”.
ووفقاً لموقع (The New Humanitarian) وجهت حكومتا الولایات المتحدة وبریطانیا في فبرایر/ شباط 2020، رسالة شدیدة اللهجة إلى مارك لوكوك، وكیل الأمین العام ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، طلب فیها موقفا حاسماً إزاء ما وصف بـ”الاحتیال” على المساعدات الأممیة من قبل سلطات جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وأن الحكومتين ستتخذان إجراءات “أحادیة” لخفض التمویل إذا لم یتم تقلیص عملیة الإغاثة في مناطق سيطرة الجماعة والتحكم فیها بشكل أفضل.
من جانبه، وصف عبدالمحسن الطاووس رئيس المجلس الأعلى لإدارة وتنسیق الشؤون الإنسانیة والتعاون الدولي (SCMCHA) التابعة لجماعة أنصارالله (الحوثيين) بأن هذا الإجراء یعد “استفزازیا” وأن المساعدات أساساً لا یستفید منها إلا نسبة قلیلة من المحتاجین.
وفي خطوة غیر مسبوقة عدّها مراقبون خطوة غیر مسؤولة وتنذر بوقف كلي للمساعدات الإنسانیة، طالبت جماعة أنصار الله (الحوثيون) عبر هيئة (SCMCHA) بضریبة 2% على كل المشاریع الإنسانیة للمنظمات الدولیة العاملة في الیمن، إذ تقدر بـ 60-80 ملیون دولار من حجم الدعم السنوي للهيئات الإنسانیة، معللین ذلك بأن الأموال ضروریة لتغطیة نفقات تشغیل المجلس كونه مسؤولاً عن تسهیل وتوزیع وتنظیم عمل المنظمات، فضلاً عن عبء تأمین كل المشاریع والموظفین الدولیین.
وكان رد غراند في رسالة رسمیة لـ(OCHA) حاسمًا بالرفض التام، ما أجبر هيئة (SCMCHA) على التراجع عن الضريبة في شهر فبرایر/ شباط 2020، فقط للسنة الجارية “على أساس إیجاد حلول بدیلة” كما في رسالة رسمیة بعث بها رئيس المجلس إلى مارك لوكوك.
وذكرت وكالة الأسوشیتد برس، في تحقيقها أن الأمم المتحدة ساهمت في بناء قدرات للهيئات الحكومیة لدى سلطات جماعة أنصارالله (الحوثيين) وبما یقدر بمئات الملایین من الدولارات، وهي ممارسة شائعة في البرامج الإنسانیة لضمان عمل تلك الهيئات وتغطیة التكالیف الإداریة والرواتب، وبعض الأموال ذهبت إلى رواتب للأطباء والمعلمین والموظفین.
ومنحت وكالة الأمم المتحدة للاجئين (UNHCR) أیضا هيئة (SCMCHA) التابعة لأنصار الله (الحوثيين) مبلغ ملیون دولار كل ثلاثة أشهر لاستئجار مكاتب وتكالیف إداریة، في حین أعطت وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة (IOM) للمكتب 200 ألف دولار أخرى للأثاث والأجهزة وخطوط الإنترنت.
وطلبت الأمم المتحدة العام المنصرم من جمیع وكالاتها الإبلاغ عن المبالغ التي كانت تقدم على هیئة تحویلات نقدیة مباشرة. ففي عام 2019، وصل إجمالي المساعدات النقدیة إلى 370 ملیون دولار، حوالي ٪10 من میزانیة المساعدة الدولیة للیمن بالكامل.
ووفقاً لجدول بیانات للأمم المتحدة حصلت علیها وكالة أسوشیتد برس، تم وضع علامة على حوالي 133 ملیون دولار في جدول البیانات بأنها “غیر مدققة”.
وفي السیاق ذاته، أبلغت اليونسيف (UNICEF) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) الوكالة نفسها بأن حوالات نقدیة لمستفیدین لم یتم العثور علیها. كما أظهرت وكالة الهجرة (IOM) ما یقدر بـ 25% من أصل 5 آلاف مستفید غیر مستحقین ضمن آلیة محددة سلفاً لتحویلات نقدیة قدرت بـ 2 مليون و735 ألف دولار في العام 2019.
وكان بعض رؤساء بعثات الوكالات الأممیة وبعض مدراء البرامج یوافقون على كثیر من متطلبات الـ(NAMCHA) الهيئة الوطنیة لإدارة وتنسیق الشؤون الإنسانیة ومواجهة الكوارث التي غيرت اسمها لاحقاً إلى الـ(ـ (SCMCHAمن أجل تنفیذ مشاریع ستحقق لاحقاً نقاطاً في سلم مسیرتهم المهنیة!
تقدر منظمة الصحة العالمیة أن 80% من خدماتها الصحیة ستتوقف أو ستقلل من دعم 189 مستشفى و200 مركز صحي أولي.
أدى ذلك بحسب موظفین عاملین في تلك الوكالات إلى تزاید طلبات السلطات وتدخلها أكثر في بنیة بعض البرامج والمشاریع والمسوحات المیدانیة والمطالبة بكشوفات هویات المستفیدين.
وفي 16 أبريل/ نيسان 2020، أشار مارك لوكوك، في إحاطته لمجلس الأمن بشأن الحالة الإنسانیة إلى أن من بین برامج الأمم المتحدة الرئيسیة البالغ عددها 41 برنامجًا، سیبدأ 31 برنامجًا بالإغلاق في الأسابیع القلیلة المقبلة إذا لم نتمكن من تأمین أموال إضافیة.
وطالب برنامج الغذاء العالميWFP) ) سلطات جماعة أنصارالله (الحوثیين) منتصف العام 2019 بنظام القیاس الحیوي (بیومتري) أو البصمة لتقدیم المساعدات وذلك لتفادي الازدواج ولضمان استلام المستحقین تلك المساعدات، ولم تستجب السلطات لذلك بسبب “أن ذلك یهدد الأمن القومي”.
وفي 9 أبریل/ نيسان 2020، أعلن البرنامج أن معظم الدعم الدولي من المساعدات التي يقدمها في المحافظات التي تسيطر عليها سلطات صنعاء، وتذهب إلى قطاع الغذاء سیخفض إلى النصف. فبدلاً من 12 سلة غذائية في السنة ستكون 6 سلال ابتداًء من منتصف أبریل/ نيسان 2020، بعد أن قطع المانحون التمویل بسبب مخاوف من أن الحوثیین یعرقلون توصیل المساعدات. ويقدم البرنامج سلالاً غذائية إلى أكثر من 12 ملیون شخص، 80% منهم في المناطق الخاضعة لسلطات جماعة أنصارالله (الحوثيين).
وبحسب الأسوشیتد برس تطالب جماعة أنصارالله (الحوثيون) الحصول على تصاریح للموظفین الیمنیین الذين يأخذون دورات تدریبیة ضمن برامج الأمم المتحدة في الخارج، وأن یتم الإبلاغ عن محتوى تلك الورش. یطالب المسؤولون الحوثیون أیضًا بالفصل بین النساء والرجال في البرامج التي تدیرها الأمم المتحدة في بعض المناطق.
وفي سیاق العلاقات المتوترة مع المنظمات الدولیة اتّهم محمد علي الحوثي، رئيس اللجنة الثوریة العلیا، في تغریدة له على تویتر في 9 مایو/ آيار 2020، وكالة الأمم المتحدة للهجرة (IOM) بأنها “هي من قامت بتسكین المواطن الصومالي المصاب بكوفید 19 في فندق في أمانة العاصمة” والذي توفي لاحقاً جراء إصابته بفيروس كورونا.
وفي المقابل عبرت منظمتي الهجرة والصحة العالمیة، في اليوم التالي لتصريح الحوثي، عن قلقهما إزاء “التمییز العنصري ضد المهاجرین غیر الشرعیین” في الیمن ووصمهم بناقلي الأوبئة، وهذا بدوره سیؤدي إلى كراهیة الأجانب وحالات الانتقام من هذه المجموعات الضعیفة.
وستقطع برامج التغذیة التي یستفید منها 260 ألف طفل یعانون من سوء التغذیة الحاد و2 ملیون طفل آخرین یعانون من سوء التغذیة المتوسط. كما تقدر منظمة الصحة العالمیة أن 80% من خدماتها الصحیة ستتوقف أو ستقلل من دعم 189 مستشفى و200 مركز صحي أولي.
وعلقت منظمات دولیة أخرى، تعتمد في عملیات الاستجابة الإنسانیة على المنح المقدمة من ( (USAID، منها میرسي كور، أوكسفام،(NRC)، (DRC) CARE))، منظمة إنقاذ الطفولة (Save The Children) جزءاً من خططها لبرامج الاستجابة الإنسانية، ومن سوء طالع الیمنیین أن كل هذا الدعم يتوقف في أحلك الظروف المأساویة وفي زمن كورونا، ما لم تتخذ السلطات في صنعاء موقفاً یتماشى مع قواعد العمل الإنساني.