بدت مظاهر الاحتفال بعيد الفطر باهتة في معظم الدول الإسلامية والعربية، نتيجة الحظر الحكومي المفروض لمواجهة فيروس كورونا المستجد، وهو ما أظهرته بعض الصور ومقاطع الفيديو المتداولة على مواقع التواصل لشوارع خلت من المارة في أول أيام العيد.
لكن هذه المظاهر ربما حضرت بكامل طقوسها في اليمن، حيث ازدحمت عشرات المساجد والساحات العامة لأداء صلاة العيد على نحو يكسر قيود التباعد الاجتماعي التي أعلنت عنها السلطات في جميع محافظات الجمهورية .
في مدينة تعز (جنوب غرب اليمن) ، رصدت “خيوط” ملامح فرح السكان هناك وسط حضور طاغٍ للأطفال رفقة آبائهم، بينما انتشرت عربات الآيسكريم بأنغامها العيدية العالية عند أطراف وأزقة المدينة، في مشهد أظهر نوعاً من البهجة لدى الناس رغم قصرها وضآلتها.
فرحة مجهضة
أحمد هزاع (42 سنة)، تحدث لـ”خيوط” عن صعوبة تجاهل الأهل والأصدقاء وعدم تقديم واجب الزيارة أو المصافحة باليد على الأقل خلال أيام العيد، رغم تأكده من وجود الوباء وخطورته.
من جانبه يرى المصور أحمد باشا أن الوعي العام في المدينة انقسم إلى نصفين: بين مصدّق بالجائحة العالمية مفضّلاً الحجر المنزلي في العيد، وبين من ينكر وجود الوباء فخرج لأداء الصلاة والزيارات الاجتماعية.
ويتذكر الباشا في حديثه لـ”خيوط” معاناة مدينة تعز خلال سنوات الحرب الخمس، والتي بدأت فصولها في مارس /آذار 2015، عندما كان العالم يعيش أعياده بكل أريحية وابتهاج، بينما تغرق المدينة في أوجاعها.
وقال الباشا إن ملامح الحياة كانت لتوها عادت لتعز في العام الرابع للحرب (2019) من خلال انتظام صرف رواتب الموظفين وعودة بعض النازحين إلى منازلهم، بالإضافة إلى التطور الملحوظ في افتتاح الحدائق والمتنزهات، لكن كورونا أجهض كل ذلك، حسب تعبيره.
أنشطة ملغية
شهدت مدينة تعز خلال العاميين الماضيين تحديداً، أنشطة ومهرجانات عيدية مميزة نفذها مكتب الثقافة داخل المدينة ونالت استحسان الكثيرين حتى في خارجها.
لكن الأمر هذا العام يبدو مختلفاً في ظل التفشي المستمر لفيروس كورونا، إذ أعلنت السلطات في مدينة تعز إلغاء كافة الأنشطة التي كان من المقرر إقامتها، داعية المواطنين للالتزام بالإجراءات الوقائية، ومشددة على ضرورة إغلاق الأماكن العامة، والمتنزهات خلال أيام عيد الفطر.
مدير مكتب الثقافة في تعز، عبدالخالق سيف يرى أن مدينة تعز لا تزال تتصدر المشهد الثقافي، رغم كل الظروف القاسية التي تشهدها، مضيفاً أن “المبدعين” في المدينة سيقدمون عرضاً مسرحياً متلفزاً على قناة حضرموت، وهو العرض الذي بثته القناة الثلاثاء 26 مايو/ أيار 2020، بعنوان “الخلاص”. وعبر سيف، وهو مؤلف مسرحيات وشاعر، عن أمله في أن تعرض المسرحية في مسرح المدينة بعد انتهاء جائحة كورونا.
مكتب الإعلام، التابع للحكومة المعترف بها دولياً في تعز، أعلن أن عدد الإصابات بفيروس كورونا في المحافظة بلغ 32 حالة إصابة مؤكدة، وسبع وفيات، وأربع حالات تعافي، حتى الثلاثاء 26 مايو/ أيار 2020.
” أُغلقت متنزهات الصغار لتتسع متنفسات الكبار. “هكذا علق الإعلامي، معتصم الجلال لـ”خيوط “، وهو يصف لامبالاة الكثير من الأهالي وخروجهم خلال أيام العيد نحو مناطق الريف الخضراء المحيطة بالمدينة.
وأضاف الجلال أنه رغم التحذيرات التي أطلقتها السلطات المحلية في تعز لتجنب التجمعات، إلا أن ذلك لا يلاقي تجاوباً فعلياً.
ويقضي غالبية الناس في اليمن أول أيام العيد في مجالس القات عند الظهيرة، بينما ينام آخرون حتى حلول المساء، كروتين يومي فرضه مسبقاً شهر رمضان.
واجب مهني في كل الأزمنة
من النادر حصول كل موظفي قطاعي الصحة والأمن على إجازات عيدية أو موسمية، نظراً لأهميتهما في خدمة المواطنين طوال أيام العام.
غمدان الربيع، أحد كادر التمريض بمستشفى الثورة العام، قال لـ”خيوط” إن “الواجب المهني والإنساني يقضي بمواصلة العمل الطبي خلال كل الأزمنة والمناسبات، فكيف إذا تعلق الحال بزمن الوباء”.
وتابع الربيع حديثه بأن “هناك مناوبات منسقة بين فريق الكادر الطبي على مدار الساعة وبحسب الإمكانيات المتاحة”.
وفي ذات السياق تحدث صفوان أحمد، وهو صيدلي يعمل في القطاع الخاص، مشيراً إلى الخطورة التي يقف على مقربة منها العاملون في القطاعات الصحية هذه الأيام.
وأضاف صفوان، أن استمرار انتشار فيروس كورونا فرض عليه الامتناع عن السفر في هذا العيد إلى قريته كما اعتاد أن يفعل غالباً، ليبقى بالنسبة له “العمل خير عبادة”، حسب تعبيره.
ويرتفع مؤشر الإصابات بفيروس كورونا في مدينة تعز بشكل متسارع بحسب تحديثات يومية للجنة الطوارئ، ما يزيد من القلق العام إذا ما ظلت طقوس العيد تمارس دون توقف.
وأعلن مكتب الإعلام في تعز، التابع للحكومة المعترف بها دولياً، عبر الصفحة الرسمية لمديره نجيب قحطان في “فيسبوك”، أن عدد الإصابات بفيروس كورونا في تعز بلغ 32 حالة إصابة مؤكدة، وسبع وفيات، وأربع حالات تعافي، حتى الثلاثاء 26 مايو/ أيار 2020.