1351هـ 1932م/ 18/ 6/ 1421هـ - 16/ 9/ 2000م
وُلد الأستاذ المناضل يوسف الشحاري وتوفي في مدينة الحديدة، وهو أديب سياسي درس في المدرسة السيفية في مدينة الحديدة، ثم انتقل إلى مدينة تعز والتحق بكلية الشرطة، وبعد تخرجه منها برتبة ملازم عمل مديرًا للأمن في مدينة اللحية (شمالي مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر) سنة 1958، ثم التحق بمدرسة الأسلحة بالكلية الحربية في مدينة صنعاء، ثم عمل مدرسًا في كلية الشرطة في مدينة صنعاء، وبعد قيام الثورة الجمهورية التي أطاحت بالنظام الملكي سنة 1962 عين مديرًا لأمن الحديدة، ثم نائبًا لمدير كلية الشرطة بصنعاء، كما عمل ضابطًا لأمن إذاعة صنعاء، ثم مديرًا للتحرير في صحيفة الثورة، ثم بدأ في العمل النيابي نائبًا منتخبًا عن مدينة الحديدة عام 1972، وانتخب نائبًا لرئيس مجلس الشورى، ثم نائبًا لرئيس مجلس الشعب التأسيسي المعين سنة 1979، ثم انتخب عضوًا في هيئة رئاسة مجلس النواب بعد قيام الوحدة اليمنية عام 1990، ثم عين مستشارًا لرئيس الجمهورية 1992، ثم عين عضوًا في المجلس الاستشاري للرئاسة سنة 1997.
اتسمت حياته بالبساطة والتواضع والصراحة، وكان إلى جانب كونه سياسيًّا لامعًا في تيار الحركة القومية أصبح من مؤسسي حزب المؤتمر الشعبي العام، وانتخب عضوًا في اللجنة الدائمة لهذا الحزب في جميع دوراته، ثم انتخب عضوًا في اللجنة العامة للحزب.
كان أديبًا شاعرًا من مؤسسي اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وانتخب رئيسًا له في مؤتمره السابع، وأعيد انتخابه في المنصب نفسه. كان جهوري الصوت، قوي التأثر بشعر أبي الطيب المتنبي().
وذكر المؤرخ زبارة جده العلّامة أحمد بن محمد الشحاري، عن تاريخ نشر الثناء الحسن قائلًا: "كان كثير الرغبة والإقبال على تحصيل العلم، فانتفع به كثير من الطلبة، وما شغله ما هو فيه من الثروة العظيمة والبيع والشراء عن ذلك، بل جمع الله له بين الدين والدنيا، وكان قوّالًا بالحق لا يخاف أحدًا من أرباب الدولة فمن دونهم، ذا دين رصين إذا سمع المؤذن ترك أشغاله الدنيوية وقام مسارعًا إلى الصلاة".
ثم ذكر حفيده يوسف الشحاري، فقال: "يوسف بن أحمد بن محمد الشحاري نائب رئيس مجلس الشورى أديب صدوق عفيف نزيه انتخبته الحديدة بأغلبية ساحقة"().
وقال الأستاذ إبراهيم المقحفي عنه: "يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن حسن الشحاري نائب رئيس مجس الشورى الأسبق، وهو أديب صدوق عفيف نزيه انتخبته الحديدة بأغلبية ساحقة، وله دوره النضالي المعروف. عرفته دروب الثورة كبطل، وساحة السلطة التشريعية كنائب جسور، والقرطاس والقلم يشهدان بوطنيته وإخلاصه كوحدوي وديمقراطي فكرًا وممارسة، يدافع بقوة الحق عن قضايا الوطن والمواطن مع تميزه بالبساطة والتواضع. وقد حرصت مؤسسة العفيف على تقديم باقة طيبة من أشعاره في كتاب مطبوع بعنوان "يوسف محمد الشحاري.. رعد وبرق". كذلك فقد كتب عدد من الباحثين والدارسين عنه وعن بعض أدواره النضالية ومكانته الأدبية كشاعر باعتباره واحدًا من ألمع شعراء القصيدة الكلاسيكية في السبعينيات من القرن المنصرم. فقد كتب عنه الأستاذ عبدالباري طاهر يقول: "يوسف الشحاري من الشعراء القلائل الذين لا يستطيع الناقد أو القارئ الذي يعرفه عن قرب أن يصنع فاصلًا ولو موسيقيًّا بين يوسف المناضل والإنسان، وبين يوسف الشاعر، فيوسف الإنسان كان متواضعًا إلى حد نكران الذات. كان واحدًا من ضباط الثورة وأحد أبرز قياداتها الأمنية، ولكنه من الذين يعيشون على الأرض هونًا. كان أصحاب مدينته (الحديدة) يسمونه المدير أبو فوطة؛ فهو يخالطهم إلى حد الاندماج؛ فهو بحق واحد من الناس، ولكنه يمتاز عنا جميعًا بأنه الإنسان الباسل الذي نذر نفسه لقضيةٍ آمن بها فلم يتعيش بها، ولم يجعلها حرفة، وهو ضابط أمن يحتل المراتب الأولى، ولكنه في كل لحظة ابن الشعب يحمل هموم البسطاء، وينافح عن قضاياهم، ويتعرض للمعتقلات والسجون والمكائد؛ لأنه دائم الزلزلة للاستبداد والطغيان والظلم".
ومن المحطات الرئيسية في حياته:
عرفه اليمن رمزًا للنقاء والشجاعة والإخلاص"().
من مؤلفاته:
مجموعة شعرية صدرت عن مؤسسة العفيف الثقافية صنعاء عام 2004م.
وصدر عنه بعد وفاته كتابًا بعنوان "الشحاري حياة حافلة بالنضال والإبداع"، وشارك الأستاذ عبدالله خادم العمري في إعداد كتاب عنه بعنوان "الشحاري نبض أمة".
من شعره قوله في رثاء الأستاذ الشاعر المناضل البردّوني:
يا بقايا صلابة في جناني
ارحلي في زوابع الطوفانِ
كنت زادي إذا الدروب ادلهمت
وملاذي في العاصف الغضبان
ارحلي غاب من قبست إبائي
منه والشامخات في عنفوانِ
غاب من قزَّم التفاهات في الفكر
وأزرى بصولة الطغيانِ
غاب غاب الصدق الأصيل، فنوحي
يا بلادي على الأغر اليماني
غاب كل الضمير ما غط يومًا
في سبات المغالط الأفعوانِ
أو بقايا وكم تعايت رؤوس
حين فاحت موائد السلطان
أيها النعش ليتك اليوم تدري
جيدًا ما حملت من أكوانِ
أيها القبر ليتك اليوم تدري
أن في ساعديك زهو الزمان
ومن آخر ما كتب الأستاذ الشحاري يعاتب نفسه:
الوداع الوداع يا بن الشحاري
بعد عمر يفيض بالأوزارِ
الوداع الوداع يا بن الشحاري
فترجل عن صهوة الأسفارِ
ولتواجه ما جئته من شرورٍ
منتنات فاقت على كل عارِ
جئتها واعيًا وأمعنت فيها
في جموح البركان والإعصار
جئتها واعيًا وأقذر جرم
أن تعيه بعد انطفاء الأوار
جئتها واعيًا وأعرف عني
ذقت منها الأشهى من الأوطارِ
جئتها واعيًا وأدرك أني
قد تصيدتها بكل اختيارِ
فلتواجه حقيقة الأمر واقرأ
ما يضم الكتاب من آثارِ
ليس فيه غير الحقيقة قالت
واضح الفعل خافي الأسرار
حسب روحي أني أوضح أمري
وأزيح الستار عن بعض عارِ
يا إلهي وأنت أدرى بأمري
فارحم الروح من لظى الأوزار
ليس لي غير رحمة منك تمحو
كل جرم أتيته باختيارِ
رثاه عدد من الشعراء، منهم الدكتور عبدالعزيز المقالح الذي قال فيه:
هو في القلب مثواه
لا في التراب
وفي شاشة العين صورته
لا تغادر ساحتها
في بهاء الضوء والظل
ترمش أفكاره وأحاديثه
فسلام له وسلام عليه
ورثاه الدكتور سلطان الصريمي بقصيدة قال فيها:
جفت دموعي وفاض الحزنُ بالألمِ وجف حبر الأماني الخضر والحلمِ
أنوح والحزن أعيا مهجتي ومضى يصعد الندم المسكون بالندمِ
أقام بين ضلوعي مأتمًا لغدٍ أخاله كحصار القبر والظلمِ
وراح يغرس في صدري مخالبه يكاد يقتلني حزنًا على عشمي
وكيف لي أن أعيش اليوم معتركًا يغيب عنه سهيل المجد والعظم
وكيف لي أن أرى الأيام تمطرني بوابل من سهام الغدر والحممِ
لكنني ولهيب الحزن يحرقني أقمت من ذكرك المعصوم معتصمي
نحن الذي مات أما أنت معتليًا عرش الوجود وكالتاريخ لم تنمِ
ما مات من يعشق الأفعال في وطني يضيق من غضبة المظلوم والقلمِ()
المصادر: