لم يكن هناك خيارٌ آخر أمام مريم شجاع (ناشطة في المجال الإنساني منذ 2011)، إلا الهجرة من حرب اليمن إلى جمهورية أوكرانيا. مريم سيدة يمنية/ أوكرانية؛ فهي من أبٍ يمني وأمٍّ أوكرانيةٍ، حيث كانت أمها مستقرة في مدينة صنعاء اليمنية، حتى بداية الحرب في اليمن في مارس/ آذار 2015.
لدى مريم ثلاثة أطفال؛ لينا (17 سنة)، ليلى (12 سنة)، ويزن (7 سنوات). في حديثها لـ"خيوط"، تقول إن حياتها السابقة في اليمن كانت آمنة ومستقرة، إلا أن الوضع لم يعد كذلك بعد اندلاع الحرب بالنسبة لها ولأسرتها، حيث تم نقلها مع أولادها في طائرة إجلاء لتستقر في مدينة "فينيتسا"، ويستقر شقيقها في العاصمة الأوكرانية "كيِيف" عام 2015.
طوال سبع سنوات عاشتها مريم في أوكرانيا، كان أمامها الكثير من الأحلام لتحقيقها في الوطن البديل _كما تصفه_ بعيدًا عن واقع الحرب والخوف اللذين عاشتهما في اليمن، إلا أن ذلك تغير كليًّا مع اندلاع الحرب الأخيرة في أوكرانيا، والقصف الذي طال مدنها من جانب روسيا.
"اليمني الذي لا يحمل الجنسية الأوكرانية إنسان بلا وطن، بلا أرض، عاش الخوف والذعر مرتين، وضعه مؤلم أكثر من أي شخص آخر"، تصف مريم.
اضطرت مريم إلى مغادرة أوكرانيا لتنفذ بحياتها؛ ولكونها تحمل الجنسية الأوكرانية، سهُل عليها الحصول على اللجوء بشكلٍ أسرع، بعكس شقيقها الذي يحمل الجنسية الأوكرانية فقط، إذْ كان خروجه من أوكرانيا صعبًا، وظل عدة أيام في ظل ظروف صعبة من الناحية النفسية والمعيشية والخوف، إلى أن تم معالجة موضوعه من قبل السفارة اليمنية في المجر، التي غادر إليها من كييف، بعد جهود حثيثة.
وتضيف مريم لـ"خيوط"، أن جوازها اليمني لم يُفِدها في تسهيل أمور خروجها من أوكرانيا، موضحةً أن "أداء السفارات في بعض الدول، لم يكن يرتقي إلى مستوى الوضع الذي عاشه اليمنيون في أوكرانيا، فيما يتعلق بسرعة القيام بمهام عاجلة لحل مشاكلهم، ونقلهم من المناطق التي شهدت مواجهات؛ الأمر الذي جعل كثيرًا منهم عالقين في ظروف خطرة".
يلفت "الكحصة" إلى حدوث تمييز عنصري تجاه كثير من الجنسيات غير الأوكرانية _بمن فيهم العرب_ أثناء محاولتهم النجاة، وكذلك رفض السماح لهم بصعود القطارات ووسائل النقل إلا بعد مرور الأوكرانيين أولًا.
البحث عن لجوء جديد
سامي الكحصة، هو الآخر أحد الطلاب اليمنيين الناجين من حرب أوكرانيا. انتقل سامي _كما يقول لـ"خيوط"_ إلى العاصمة الأوكرانية في بداية العام الجاري، لدراسة الدكتوراه في الهندسة المعمارية بجامعة "الكركك"، لكنه لم يلبث حتى اندلعت الحرب في أوكرانيا، فاضطر إلى مغادرة كيِيف مع مجموعة من أصدقائه اليمنيين، بعد أن أصبح بقاؤهم هناك أشبه بانتظار "الموت المؤكد نتيجة القصف بمختلف الأسلحة الثقيلة"، حد وصفه.
عن معاناتهم حين انتقلوا إلى الحدود الأوكرانية البولندية هربًا من الحرب في أوكرانيا_ يذكر الكحصة أنها كانت شاقة؛ تعرض حينها لإصابة بليغة في كتفه الذي تعرض للخلع، نتيجة التدافع على البوابة الحديدية مع الحدود البولندية، لافتًا إلى حدوث تمييز عنصري تجاه كثير من الجنسيات غير الأوكرانية _بمن فيهم العرب_ أثناء محاولتهم النجاة، وكذلك رفض السماح لهم بصعود القطارات ووسائل النقل إلا بعد مرور الأوكرانيين أولًا، "كيمنيين لا يوجد من يمثّلنا أو يحمينا أو يدافع عنا في مثل هذه الظروف الطارئة"، يُعلِّق.
الحال لا يختلف كثيرًا لدى عدنان الشيوحي (27 سنة)، وهو طالب يمني يدرس منذ عام في قسم الحاسوبIT ، بجامعة "الكركك" في العاصمة الأوكرانية، إلى حين استعرت الحرب؛ قرر الانتقال إلى أي دولة أوروبية، بدءًا بألمانيا، إلى أن استقر حاليًّا في بلجيكا. يقول عدنان لـ"خيوط": "قدمنا أوراق لجوء، وحين استلامها سنرتب بعدها للدراسة وأمور الحياة".
ويبلغ عدد المبتعثين اليمنيين في أوكرانيا، نحو 350 طالبًا (من الجنسين)؛ منهم من يدرس على نفقة الدولة، وآخرون على حسابهم الخاص، في حين يبلغ عدد المبتعثين في روسيا 750 طالبًا، منهم 65 يدرسون في العاصمة موسكو، وفقًا لحاتم محمد أبو حاتم، رئيس منصة صوت المبتعث اليمني (رابطة الطلاب اليمنيين في روسيا)، لـ"خيوط".