حانت اللحظة الفاصلة التي يترقبها العالم منذ أكثر من 4 سنوات، بل منذ نحو 7 عقود، موعد الافتتاح الرسمي لمونديال قطر 2022، بجنون المباريات والتوقعات والشغف، أول مونديال يقام في الوطن العربي.
في كل نسخة من كأس العالم ينشغل المهووسون بكرة القدم والرياضيون أجمع، وغيرهم أيضًا من محبي عالم المستديرة، وأمهاتنا اللواتي يفضلن الحياكة بكأس العالم. هذا الحدث الجامع لكل العالم بمختلف مستوياتهم الفكرية والثقافية والرياضية، يشجعون ويختارون منتخباتهم، يتوقعون المباريات ويهذون كالمحمومين في انتظار لحظة الفوز، ولكن هذه المرة حتى اللحظة لا يزال الناس والإعلام في ذهول عارم بمونديال استثنائي لم يعهده من قبل، وكيف أصبحت هذه المنطقة الصغيرة وجهة العالم بأضوائها اللامعة وأبراجها الحديثة مما لا شك فيه أن قطر قبل المونديال لن تكون نفسها بعد المونديال.
هذه المرة حصلت قطر، هذه الدولة الصغيرة جغرافيًا، على شرف لم تنله أيّ دولة عربية أو أيّ من دول المنطقة على الإطلاق. إنها أول دولة عربية تستضيف حدثًا كبيرًا بهذا الحجم لم يخرج منذ عقود من نطاق الدول الكبرى في العالم، فهذه البلاد الصغيرة لن تعكس ثراءها الكبير ومتعة حضور كأس العالم فيها فقط، فبكل تأكيد سترسخ هويتها المقصودة التي سعت لها منذ زمن طويل باستغلال مكتمل لفرصة الترويج للثقافة العربية وثقافتها الخاصة ومؤشرات نتائج رؤيتها الوطنية 2030 بهدف تحويل قطر من مجرد "منطقة" كما أسماها الكثيرون إلى دولة متقدمة قادرة بامتياز على تحقيق التنمية المستدامة لاستقطاب رجال المال والأعمال، وبلد سياحي فاخر من الطراز الرفيع.
أبقت قطر حدودها مفتوحة وطرقها سالكة العبور بفضل تصالحها مع دول الجوار لتنقل مشجعي هذا المونديال وزوارها من جميع أنحاء العالم الى أي مكان يرغبون فيه
بجانب ذلك، تعمدت قطر بطرق كثيرة على تغير الكثير من التنظير والتنميط السلبي للعرب في خضم إبهار العالم من حيث البنية التحتية والاستعداد التام للبطولة وقدمت مزيجًا من الإبهار والدهشة، ما بين كرم الضيافة والأمان ولطف التعامل. هكذا ترسل قطر بدهشتها بالتنظيم، رسالة لكل العالم للتعريف بثقافة وموروثات منطقة يجهلها العالم الغربي الذي يرسم حولها دائرة من الشكوك والريبة والتجاهل.
فبالرغم من غيرة ورهان بعض الدول من فشل قطر بتحمل هذه المغامرة الجريئة لاستضافة حدث عالمي خاصةً خلال فترة الخصام مع دول الجوار كالسعودية والإمارات، برزت هنا قوة قطر وأسلوبها الناعم بتحسين علاقتها مع الجوار وفك حصارها باستضافتها للجميع دون أي تمييز او استثناء. ولاحتضان الجميع جهزت قطر بنية تحتية ضخمة، مدن سكنية، وفنادق مزودة بأعلى خدمات ومعاير الرُقي على صحرائها البرية القاحلة وأرست على بحرها لأول مرة فنادق عائمة زاهية الخيال فاقت معاير النجمات الفندقية على متن باخرة لاستيعاب ما لا يقل عن 6 آلاف شخص. ليس هذا إلا مجرد مثال يحاكي ما قدمته قطر لهذا المونديال عاكسًا ثراءها وقدراتها الفائقة على كافة المستويات.
في السياق ذاته، أبقت قطر حدودها مفتوحة وطرقها سالكة العبور بفضل تصالحها مع دول الجوار لتنقل مشجعي هذا المونديال وزوارها من جميع أنحاء العالم الى أي مكان يرغبون فيه.
لقد انتصرت قطر وها هي تكتسي بأزهى حُلة وبألوان الأضواء المتراقصة بعيون العالم من عشاق المستديرة التي الهبت قلوب وحناجر وهوس الجميع في كل بقاع الأرض.