في الوقت الذي توقفت فيه المطارات اليمنية عن العمل، تعرض مطار عدن الدولي، في نهاية العام 2020، لهجوم بثلاثة صواريخ، اتهمت الحكومة المعترف بها دوليًّا جماعة أنصار الله (الحوثيين) بإطلاقها على المطار.
وأثار الهجوم الذي خلف قرابة 26 قتيلًا وعشرات الجرحى ردود فعل منددة، وبينما أكد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، أن الهجوم دليل على وجوب الوصول إلى السلام في البلد الذي تمزقه الحرب، أدانت كلٌّ من بريطانيا والسعودية والإمارات الهجوم.
يعتبر استهداف أطراف الصراع للمطارات المدنية، سواءً بالحصار أو الهجوم المباشر، انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية، إذ عدّه ميثاق الأمم المتحدة عملًا عدوانيًّا، أما اتفاقية شيكاغو فقد وصفته بالسلوك العدائي المرفوض تجاه حركة الطيران المدني وسلامة المدنيين، بينما يحظر القانون الدولي الإنساني استهداف مرافق البنية التحتية، مثل المطارات والطرق والجسور، ويعدها أعيانًا مدنية.
بالتالي، فإن توقف مطار عدن أو سيئون عن العمل لأي سبب، سيكون بمثابة ضربة أخرى في جسد البلد المنهك؛ لأنهما النافذتان المتبقيتان لليمنيين على العالم.
ومنذ أغسطس/ آب 2016، فرض التحالف العربي، بقيادة السعودية والإمارات، حظرًا على جميع الرحلات من وإلى مطار صنعاء، الخاضع لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وخلف هذا الحظر أثرًا إنسانيًّا جسيمًا على المدنيين لا سيما المرضى المحتاجين إلى السفر للعلاج في الخارج.
ومع تفاقم الوضع الإنساني في البلاد، وتزايد أصوات المتضررين، أعلن الناطق الرسمي للتحالف العربي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، عن إعادة تسيير رحلات إنسانية من وإلى مطار صنعاء الدولي، لنقل المرضى، ولكن الأمر لم يتم، وظل الوضع المأساوي على ما هو عليه.
عملت الحرب على خلق أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويهدد استمرارها بوضع أكثر قتامة.
في منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2020، ودّع الشاب غيلان محمد الجرافي والده البالغ من العمر 55 عامًا، الذي توفي إثر إصابته بسرطان الحلق.
قال غيلان لـ"خيوط": "كان ما يزال هناك أمل بأن يعيش والدي إن تلقى العلاج في الهند ولكن المطار مغلق".
أضاف غيلان (29 سنة): "في منتصف العام 2018، ذهبت به إلى القاهرة، وكانت رحلة شاقة من صنعاء إلى عدن، 18 ساعة لم تكن كافية لقطع مسافة تقدر بـ380 كيلومتر". عشرات النقاط الأمنية التابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) وقوات الانتقالي، بالإضافة إلى أن وعورة الطريق جعلت الأمر أكثر صعوبة. بعد عودتنا أقسم والدي على أنه لن يسافر إلى مطاري عدن أو المهرة مرة أخرى، ولو كلفه هذا حياته"، وبالفعل مات والد غيلان في صنعاء.
في العام الماضي (2020) حاول الطفل خليل حاشد علي يحيى سيلان (13 سنة)، السفر عبر مطار صنعاء إلى الخارج من أجل عملية زراعة كِلْية، وظل ينتظر ولم يفقد الأمل، حتى وهو يعيش بكِلية واحدة لم تعد تعمل سوى بنسبة 10 بالمئة.ئ
تعرض مطار صنعاء للإغلاق التام أكثر من مرة، حتى أمام حركة المساعدات الإنسانية لعدة أسباب، من بينها قصف طائرات التحالف بقيادة السعودية والإمارات على مدرج المطار
شرح خليل معاناته مع المرض ومعاناة الانتظار من أجل السفر إلى الخارج منذ أكثر من عام ونصف لمنظمة مواطنة لحقوق الإنسان، بالقول: "نحن ننتظر رحلة الجسر الجوي منذ عام 2018. أنا مريض ولا أستطيع السفر من عدن أو سيئون، وفي إحدى المرات أعادونا من المطار، وكنا داخل الطائرة فعلًا عندما رفض التحالف إقلاع الطائرة".
يعاني مرضى الفشل الكلوي، ضمن أكثر الفئات الإنسانية الأشد وجعًا، بفعل عوامل كثيرة جعلت هذا النوع من الأمراض الأكثر تعقيدًا. فإلى قلة أجهزة الغسيل الكلوي، هناك تدهورٌ في هذه المعدات التي تعمل فوق طاقتها، وهناك منع تام لدخول مثل هذه المعدات، أو حتى قطع غيار بعض الأجهزة التشخيصية. وباستثناء الرحلات الإنسانية الخاصة بالأمم المتحدة وبعض المنظمات الإنسانية الدولية، فإن المطار مغلق أمام جميع الطائرات.
ومع بداية الحرب أغلق التحالف العربي المنافذ البرية والجوية إلى اليمن، لمنع ما قال إنه تدفق الأسلحة على جماعة أنصار الله (الحوثيين) من إيران.
وتحتاج إعادة فتح المطار إلى اتفاق يبدو بعيد المنال حاليًّا بين أطراف الصراع الذين يتبادلون الاتهامات بالمسؤولية عن الكارثة الإنسانية في البلاد.
ويعد مطار صنعاء الدولي منفذًا أساسيًّا لنقل مساعدات أممية وأخرى لمنظمات دولية، كالصليب الأحمر، وأطباء بلا حدود، إضافة إلى نقل الموظفين الأمميين.
وتعرض مطار صنعاء للإغلاق التام أكثر من مرة، حتى أمام حركة المساعدات الإنسانية لعدة أسباب، من بينها قصف طائرات التحالف بقيادة السعودية والإمارات على مدرج المطار، وأحيانًا أخرى بسبب نفاد الوقود، بحسب ما تقوله سلطات صنعاء.