هي واحدة من قصص الفتيات اليمنيات اللواتي أجبرتهن ظروف الحياة على أن يتركن مقاعد الدراسة والانخراط في ميادين العمل، لا سيما رعي الأغنام.
سميرة (اسم مستعار)، صبية في ربيعها العاشر. البنت الوحيدة في أسرتها مع أخويها الاثنين، تسكن في إحدى قرى مديرية عيال سريح بمحافظة عمران (شمال اليمن). في أوقات سابقة حدثت مشاكل بين القبيلة التي تنتمي إليها والقبيلة المجاورة لقريتها على خلفية نزاع على أراضٍ زراعية، انتهت بتدخل أجهزة الدولة وحل النزاع بين القريتين، وتم الاتفاق على أن تبقى تلك الأرض لرعي الأغنام للجميع، وعاش -بعدها- أبناء القبيلتين في سلام.
في كل صباح، تغدو سميرة مع فتيات القرية لرعي الأغنام، وكانت هي أصغرهن، وقد اعتادت أن تذهب وتلك الفتيات لرعي الأغنام وفقًا للعادات السائدة في القرى والأرياف، وألّا تذهب الفتاة بمفردها، وقد يتطلب الرعي -أحيانًا- أن يذهبن إلى مسافة بعيدة قد تصل إلى ثلاثة كيلو مترات من قريتهن، فيخرجن صباحًا ويعدن عند المغيب.
توصي الأم سميرة، عند كل صباح ألّا تذهب بعيدًا؛ لأنها كان تشفق عليها عندما تعود وترى الإرهاق والتعب باديَين عليها. في صباح الـ13 من يونيو/ حزيران 2021، وكالعادة، انطلقت سميرة مع قريناتها، لكن هذه المرة إلى الأرض التي كانت متنازَعًا عليها سابقًا، وهناك قام ثلاثةُ شبان ملثمون كانوا على مقربة منهن، بالهجوم عليهن دون أدنى رحمة.
هربت زميلات سميرة، ولم يستطيعوا اللحاق بهن، بينما تأخرت الأخيرة عليهن، فوقعت فريسة لهم. قام أحدهم باغتصابها، غير آبه بصراخها، فيما استطاعت بقية الفتيات الهاربات الإفلات وطلبن النجدة من سيارة كانت مارّة بالقرب من تلك الأرض.
هرع من في السيارة إلى نجدة سميرة، لكن الأشخاص كانوا قد هربوا نحو إحدى القرى، واحتموا فيها، وحين تم المطالبة بهم امتنع شيخ القرية عن تسليمهم. ذاع صيت الجريمة في أرجاء المنطقة، فقام والد سميرة بإبلاغ الأجهزة الأمنية التي باشرت بتعقب الجناة، خاصة بعد أن أفاد التقرير الطبي بتعرض الفتاة للاغتصاب.
وبسبب من الخلافات القبَلية، تدخّل مشايخ ووجهاء المنطقة، وتم اللجوء للحكم القبَلي العرفي لحل القضية بين الطرفين. نعم، اتفقوا جميعًا، وتركوا سميرة في معاناتها، وكأن شيئًا لم يكن، بالرغم من أنه كان لهذا الفعل بالغ الأثر على الطفلة؛ إذ صارت منعزلة وتقضي ليلها ونهارها في مضاعفات ما بعد الصدمة، ولا تنفك الهواجس المرعبة تطاردها.
(تعاون نشر مع مواطنة)