عاودت صحيفة الجمهورية الصادرة عن مؤسسة الجمهورية للصحافة والطباعة والنشر، نشاطها مجددًا من مقرها الرئيسي بمدينة تعز (جنوب غربي اليمن)، بعد توقف دام أكثر من 8 سنوات، بسبب الحرب والصراع الدائر في البلاد منذ العام 2015 .
ودشّنت المؤسسة الصحفية العريقة عودتها بإصدار عدد خاص (استثنائي) من الصحيفة الورقية، بمناسبة الذكرى الـ61 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962، حيث تضمن العدد الخاص الذي جاء في 48 صفحة، موادًّا صحفية متميزة ومتنوعة، ركّزت في مجملها على المخاض المضني لاستعادة الجمهورية اليمنية، والوضع الذي وصلت إليه البلاد بسبب الحرب والصراع الدائر منذ أكثر من 8 سنوات.
وقال رئيس تحرير الجمهورية المعيّن حديثًا من قبل مجلس القيادة الرئاسي في عدن، بلال محمود الطيب، خلال حفل التدشين، إنّ عودة الصحيفة للعمل مجددًا بعد توقف دام أكثر من 8 سنوات، يعد إنجازًا كبيرًا، وخطوة مهمة في مسار المعركة الوطنية ضد الانقلاب الحوثي بحسب وصفه، مؤكدًا أنّ الصحيفة ستعمل على مواكبة التطورات، ومحاربة الأفكار الطائفية الهدامة.
وأكّد الطيب أن الصحيفة التي عاودت نشاطها بإصدار أول عدد ورقي منذ توقفها في العام 2015، بدأت من الصفر، وبإمكانيات شبه معدومة، لكنها ستعتمد -وفق حديثه- على اسمها وإرثها الريادي، والذي حمل مفاهيم وأفكار ثورة 26 سبتمبر الملهمة والثورية ضد الأفكار الإمامية.
يتحدث صحفيون شباب في مدينة تعز عن أهمية عودة صحيفة الجمهورية إلى الفضاء الصحفي والإعلامي في اليمن لريادتها وعراقتها في الصحافة اليمنية، إذ اعتبروا عودتها بمثابة جرعة أمل مهمة للصحفيات والصحفيين الشباب في لحظة فارقة تحتاج البلاد إلى مثل هذه الكيانات المؤسسية الصحفية المرجعية.
كانت مؤسسة الجمهورية للصحافة والطباعة والنشر من بين المؤسسات والوسائل الصحفية التي تضررت بسبب الحرب والصراع في اليمن، كما سبق ورصدته "خيوط"؛ إذ توقفت صحيفة الجمهورية بعد أكثر من نصف قرن من الإصدار، فيما تعرضت المؤسسة للنهب والتدمير والسطو، حيث كانت تمتلك منظومة من أحدث وأكبر المطابع والآلات في الشرق الأوسط، وأصبحت مجرد مبنى متهالك وأطلال شاهدة على تاريخها العريق في الصحافة اليمنية، وعلى ما لحق بها من دمار.
بحسب الطيب، فقد تعرض مبنى الصحيفة لنهب كامل، بدءًا من المعدات والأثاث، مرورًا بالأرشيف والوثائق، وانتهاءً بالمطابع التجارية، التي كانت تعد من أحدث المطابع التي تمتلكها اليمن.
ضرورة حتمية بعد غياب قسري
وتسببت الحرب والصراع في اليمن بأضرار وتبعات كارثية على الصحافة بشكل عام في البلاد، مع تشديد الخناق على العمل الصحفي، وانتهاكات عديدة طالت الصحفيين، تنوّعت بين القتل والاعتقال والتوقيف والتشرد والبطالة، فيما تعرضت معظم المقرات والمؤسسات الإعلامية للنهب والتدمير والإغلاق من قبل الأطراف المتنازعة.
وتعتبر الجمهورية من أبرز المؤسسات الإعلامية الرسمية في اليمن إلى جانب مؤسسة الثورة للصحافة، حيث تأسست في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 1962، وبرزت كمدرسة صحفية عريقة من خلال ما قامت به من تأهيل وصقل مهارات، وإتاحة الفرصة لعدد من الصحفيين والإعلاميين ممن أصبحوا كتّابًا صحفيين بارزين على الساحة اليمنية.
زكريا الكمالي، عضو الهيئة الإدارية لفرع نقابة الصحفيين اليمنيين في تعز، يؤكد لـ"خيوط"، على أهمية وضرورة عودة "الجمهورية" بالرغم من كونها عودة متأخرة بعد أكثر من ثماني سنوات من التوقف، حيث توقفت بشكل رسمي في 17 أبريل/ نيسان من العام 2015 مع بداية سيطرة الحوثيين واجتياحهم لمدينة تعز.
ويشير الكمالي إلى أنّ الجمهورية تعرضت لعملية نهب وتنكيل على مرأى ومسمع من الجميع، وتم إحراق أرشيفها الصحفي، والسطو على أرشيفها الإلكتروني من قبل الحوثيين، متمنّيًا عودة الجمهورية إلى سابق عهدها كما كانت فضاءً كبيرًا للفكر والتنوير، وحاضنة لكافة الأقلام الشابة الذين قدّمتهم تعز خلال سنوات الغياب القسري للجمهورية.
بدوره، يوضح طيب رشاد، عضو هيئة تحرير صحيفة الجمهورية، في حديثه لـ"خيوط"، أنّ اسم صحيفة الجمهورية اشتق من النظام الجديد الذي كان بعد الإمامة، وكانت وما زالت -بحسب رشاد- ناطقة باسم الثوار ضد الإمامة القديمة والجديدة، وفق تعبيره.
جرعة أمل
يتحدث صحفيون شباب في مدينة تعز عن أهمية عودة صحيفة الجمهورية إلى الفضاء الصحفي والإعلامي في اليمن لريادتها وعراقتها في الصحافة اليمنية، إذ اعتبروا عودتها بمثابة جرعة أمل مهمة للصحفيات والصحفيين الشباب في لحظة فارقة تحتاج البلاد إلى مثل هذه الكيانات المؤسسية الصحفية المرجعية.
تقول إيناس الحميري، كاتبة صحفية، لـ"خيوط": "عودة صحيفة الجمهورية الورقية لها معنى كبير للصحافة اليمنية حيث نأمل من خلاله الاستمرار في الإصدارات بعد الانتكاسة التي حدثت للصحيفة خلال الفترة الماضية بسبب تبعات الحرب والصراع".
من جانبه، يعتبر مكين العوجري، صحفي، في حديثه لـ"خيوط"، أن عودة الجمهورية تعني الكثير للوسط الصحفي وللقارئ؛ لما للصحافة الورقية من أهمية، وبالتحديد الصحافة الرسمية مثل الجمهورية، وهو ما عبّر عنه الحشد الصحفي أثناء تدشين العودة، وتطلعهم لاستمرارها دون توقف، وأن يتم إعطاء مساحة للصحفيين الشباب لتقديم ما لديهم من قدرات صحافية وإبداعية والأخذ بأيديهم.
ويشدّد العوجري على أهمية أن يتوجه الجميع لمتابعة صحيفة الجمهورية لما تحمله من إرث ومضامين ثرية متنوعة، وهي روح الجمهورية، وحاملة وعاء الوعي الجمعي منذ اندلاع الثورة السبتمبرية.