على خلاف الطوابير والأسراب المعتادة في اليمن؛ من طوابير المشتقات النفطية إلى طوابير الغاز المنزلي، إلى طوابير المساعدات الغذائية والمياه.
لم تكن هذه آخر المآسي وليست أولها، ولكنها شكل قبيح لوضع وحياة يقاسيها شعب تفيض بلاده بالخيرات والموارد المستنزفة والمهدرة. وضع يشعل في النفس الغضب والسخط من معيشة أشبه بالعذاب.
قد يكون ذلك منظرٌ معتادٌ لأبناء بلد ما زالوا يتنقلون من طابور إلى آخر؛ بحثًا عن أساسيات الحياة هي من أدنى الحقوق، فلا تلبث تنتقل من وجه إلى آخر إلا وصادفت طابورًا، وفي تارة أخرى تجد نفسك أنت بين إحدى هذه الحشود وهذه الطوابير.
وفي كل مرة ترى طابورًا يختلف مبتغاه ومقصده عن الآخر، فمثلًا؛ عند مرورك بشارع التسعين بمديرية الحالي بالحديدة، ترى طابورًا مختلفًا لتلك الطوابير في مقصدها شبيهة في أسبابها المتعددة التي لا تقتصر على الإفقار والحرب والنزوح.
ترى أنظار المترقبين ترف كلما مرت ناقلة، ترنو بأن تكون هي من ستقف بالقرب منهم؛ للبدء بتوزيع الثلج المنتظر بلهفة
ترى النساء يقفن في صف، والرجال في صف آخر، وبينهما أطفال في ذروة الظهيرة، كما كان الحال في شهر رمضان الماضي وما هو مشاهد حاليًّا، منتظرين السيارة التي تأتي بالثلج المجاني من أحد فاعلي الخير.
ترى أنظار المترقبين ترف كلما مرت ناقلة، ترنو بأن تكون هي من ستقف بالقرب منهم؛ للبدء بتوزيع الثلج المنتظر بلهفة. يأخذه كلٌّ منهم ليتمكن من العودة إلى ذويه للانتظار مرة أخرى، ولكن لسماع صوت أذان المغرب، ليطفئ الظمأ ويكتب الأجر.
قد لا يكون هذا أقسى ما يعانيه أبناء مدينة الحديدة، ولكنه صورة جديدة لنتاج الإفقار والحرب، ورغبة أبنائها بالقليل من رشفة ماء بارد تطفئ عطشًا وقتيًّا جسديًّا، فقط؛ بينما ما زالت حياتهم مشتعلة بنار الحاجة والعوز والحرب.