حينما ظهر ألبوم أيوب طارش العبسي (ما احلى هواك) مطلع التسعينيات، كان الفنان يتدارك بعض النصوص التي كان يحتفظ بها للشاعر الراحل عبدالله عبدالوهاب نعمان بعد ثماني سنوات من رحيله، والذي شكل معه ثنائيًّا فنيًّا فارتبطا بحالة "سيمائية غير مشوهة" صعُبَ تفكيكها، وأسسا معًا للون غنائي جديد، صار مع الوقت إضافة نوعية للتنوع الغنائي في الجغرافيا اليمنية، عُرف باللون التعزي بخصوصيته "الحُجَريَّة"(1).
كان التجديد الموسيقي في تجربة الفنان، واضحًا في الألبوم الذي ضمّ أغانيَ أخرى للفضول وغيره من الشعراء، مثل (حنين المفارق لراشد محمد ثابت، قسمة ونصيب لأحمد الجابري، جوال لفهد بن محمد، وقصيدتَي باعدوا من طريقنا وما هلنيش للفضول، فتشت لك يا حبيب لمحمد أحمد منصور، وأحبابنا في جيرون لأحمد أبن علوان وغيرها).
يقول الناقد محيي الدين علي سعيد، عن قصيدة (ما احلى هواك):
الفضول من الشعراء الذين وجدوا في أنفسهم الحاجة العنيفة للبقاء في أفياء الحب ونشوته التي تسكر القلب من الفرح والسعادة، وإذا ما أحب كان حبه متعبًا وبينهما أشواق وأشجان وسراب، يحسبه الفضول الظمآن حبًّا حتى إذا جاءه لم يجده إلا سرابًا ووهمًا، لكنه سراب جميل يعلل النفس بالآمال(2):
ما احلى هواك لكن حولك أشواك سواك نكَّاني بها ونكاَّك
جُرحت لكن ما أزال أهواك والحب عافى جرحتي وعافاك
خلي الندى فوقك عليك يهمي واترك همومك لي فأنت همَّي
شاشل غُرمك بالهوى وغُرمي قسمك حناني والجراح قسمي
ما انتش ملومي أنت أو خصيمي كيف أحسبك أو أكتبك غريمي
وأنت زرع الحب في صميمي أزهرت واعشوشبت في هثيمي
وأنت من بين الضبا ريمي أتاملك بين الضبا وأرعاك
يا أنت يا من أنت لا أسمي يا صدق حبي لا سراب وهمي
ويا خليطي في دمي ولحمي أغويتني حتى حروف اسمي
ما تكتتبش إلا إذا تهجاك
هذه القصيدة باندياحها العاطفي الباذخ، سهُل استخدامها سياسيًّا في ذروة الأزمة التي سبقت حرب صيف 1994، حينما نشرت أول الأمر صحيفة أهلية صورة لعلم الجمهورية اليمنية الوليدة في صفحتها الأخيرة، ونشرت تحته مطلع القصيدة، وكأنها كتبت أيضًا للتعريض السياسي الصارخ.
رابط الاستماع للأغنية:
___________________
(1) الثنائية من خصوصية الجغرافيا واللغة إلى الاحتكار المحبب؛ الفضول وأيوب نموذجًا https://almahriah.net/opinions/90
(2) الظمأ العاطفي والهم الوطني في شعر الفضول وألحان أيوب، الطبعة ثالثة 2009، دار عبادي للطباعة والنشر، ص 133-134.
