ناشدت رابطة أمّهات المخفيّين قسرًا في عدن، وزيرَ العدل بدر عارضة والنائب العام قاهر مصطفى، في الحكومة المعترف بها دوليًّا، وكلَّ الجهات المعنية بقضية المخفيّين قسرًا والمعتقلين تعسُّفًا في عدن بالكشف عن مصيرهم، وإنهاء معاناتهن، فقد نال منهن التعب والبحث والمتابعة في كل مكانٍ، بدون أيِّ حلٍّ أو جدوى.
وأكّدت الرابطة في بيان مناشدة للسلطات المعنية، اطلعت عليه "خيوط"، أنّ أمّهات وأهالي المخفيّين قسرًا والمعتقلين تعسّفًا، ومنذ سبعة أعوام، تحترق قلوبهن ظلمًا وقهرًا على فلذات أكبادهن في سجون عدن، وذلك بسبب المماطلة في ملفات المعتقلين، وعدم تنفيذ الإجراءات القانونية والإفراج عنهم، وكذلك عدم التحقيق في قضية المخفيّين قسرًا، وإظهارهم والكشف عن مصيرهم.
وقالت الرابطة: "غادرَتْنا أمّهاتٌ كُنّ معنا وهن يتمنّين رؤية أبنائهن، ولكن ذهبن ذهابًا أبديًّا ولم تقرّ أعينهن برؤيتهم"، متسائلةً: "أَلَا يكفي هذا الفراق وهذا القلق، أَلَا نجد من يبثّ السلام لقلوب الأمّهات ويزرع بصيص الأمل في أرواحهن؟!".
وحسب الرابطة، فإنّ هناك (59) مخفيًّا قسرًا، و(41) معتقلًا تعسُّفيًّا، بمحافظة عدن (جنوب اليمن)، لما يقارب سبع سنوات دون تحقيق العدالة لهم لينالوا حريتهم الكاملة.
سجلّ مُخزٍ
يطالب حقوقيّون وناشطون الأممَ المتحدة والمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياتهما الإنسانية والقانونية تجاه قضية المختطفين والمحتجزين والمختفين قسرًا، وضمان تقديم مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن إلى العدالة لضمان المساءلة.
أطلقت والدة المخفي قسرًا "محمد مبروك" صرخة مناشدة لمن وصفتهم بأصحاب الضمير الحي ووزير العدل والنائب العام وكل الجهات المعنية بقضية المخفيّين قسرًا والمعتقلين تعسفًا في مدينة عدن.
وتأتي جماعة أنصار الله (الحوثيين) في طليعة السلطات المتهمة في اليمن، بارتكاب الممارسات والانتهاكات التي تطال حقوق الإنسان في اليمن، فضلًا عن كونها تنتهج -بحسب منظمات حقوقية- سلوكًا قمعيًّا خطيرًا حين عمدت إلى تغييب المدنيّين في ظلام معتقلاتها، تاركةً بذلك مئات العائلات أيضًا في الظلام ومتاهة المأساة. إذ لا تزال تحتجز الكثير بدون أيّ مسوغات قانونية، من بينهم أربعة صحفيين محكوم عليهم بالإعدام، في حين لا تقلّ شأنًا عنها السلطات الحاكمة في عدن ومناطق الحكومة المعترف بها دوليًّا، المُشكَّلة مناصفةً مع المجلس الانتقالي الجنوبي، النافذ الفعلي في إدارة هذه المناطق.
وتصف منظمات حقوقية سجلّ أطراف النزاع في اليمن بالمخزي في مجال حقوق الإنسان، داعيةً إلى إنشاء آلية دولية مستقلة للتحقيق في جميع انتهاكات حقوق الإنسان، واتخاذ خطوات جادّة نحو المساءلة وإنهاء حالة الإفلات من العقاب.
وتكشف منظمة مواطنة اليمنية لحقوق الإنسان، عن توثيقها خلال العام 2022، ما لا يقل عن 1066 واقعة انتهاك ضدّ المدنيّين والأعيان المدنية، بعضها تصل إلى أن تكون جرائم حرب.
في حين، قُتل ما لا يقل عن 388 مدنيًّا؛ بينهم 134 طفلًا و19 امرأة، وأُصيب ما لا يقل عن 880 مدنيًّا، بينهم 383 طفلًا و70 امرأة، وتسبّبت هذه الوقائع في أضرار واسعة النطاق للبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمرافق الخدمية.
هل هم أحياء أم أموات؟
إلى ذلك، أطلقت والدة المخفي قسرًا "محمد مبروك" صرخة مناشدة لمن وصفتهم بأصحاب الضمير الحي ووزير العدل والنائب العام وكل الجهات المعنية بقضية المخفيين قسرًا والمعتقلين تعسفًا في مدينة عدن.
وقالت "أم مبروك" في مناشدتها، التي ظهرت في تسجيل مصور، عاينته وتأكّدت منه "خيوط": "باسم أمهات المختطفين والمخفيّين قسرًا، أناشدكم بالله يا أصحاب الضمير الحي في اليمن، يا وزراء يا مسؤولين، انظروا إلى قضيتنا وأفرِجوا عن عيالنا واستجيبوا لمطالبنا، واكشفوا عن مصير أولادنا المخفيين؛ هل هم أحياءٌ أم أموات".
ونفّذت رابطة أمهات المختطفين الأربعاء 8 فبراير/ شباط 2023، وقفةً احتجاجية أمام النيابة العامة بمدينة عدن، للمطالبة بالكشف عن مصير المخفيين قسرًا، وعدم المماطلة في ملفات المعتقلين، وتنفيذ الإجراءات القانونية، والإفراج عنهم.
وفي نهاية الوقفة، قابلت الأمّهات النائب العام القاضي "قاهر مصطفى" وقدّمن شكاويهن، والذي بدوره قام بالتوجيه للنيابة الجزائية المتخصصة وإلى رئيس اللجنة الوطنية، لمتابعة القضية.
وذلك في الوقت الذي يخلو فيه اليمن من وجود آلية دولية مستقلة للمساءلة بعد إنهاء ولاية فريق الخبراء البارزين؛ الأمر الذي يزيد من إفلات المنتهكين من العقاب ويجعل إمكانية تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا يبدو بعيد المنال.
وتدعو منظمات حقوقية الدولَ الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى الإسراع بإنشاء آلية تحقيق جنائية دولية مستقلة لليمن وتفويضها بتوثيق الانتهاكات التي ترتكبها أطراف النزاع، وتقديم تقارير عامة، وكذلك جمع الأدلة وحفظها وتحليلها، وبناء ملفات للمنتهكين في المستقبل وآلية لإجراءات التقاضي.
وتؤكّد منظمة مواطنة اليمنية لحقوق الإنسان، أنّها وثّقت انتهاكات ارتكبتها جميع أطراف النزاع في اليمن: أنصار الله (الحوثيين)، والقوات الحكومية المعترف بها دوليًّا، والقوات المسلحة والجماعات التابعة لها، وكذلك المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، والقوات المشتركة في الساحل الغربي.
العديد من المنظمات الحقوقية لم تتوقف طوال السنوات الماضية عن مطالبة أطراف الصراع في اليمن بالكف عن انتهاك القانون الدولي الإنساني، وسرعة إطلاق سراح جميع المعتقلين تعسُّفيًّا والكشف عن مصير المختفين قسريًّا لديها دون أي تأخيرٍ قد يضاعف المخاطر التي تهدّد حياتهم أو إطالة تقييد حرياتهم وحرمانهم من حقوقهم وكرامتهم الإنسانية.
وقد أدّى إنهاء ولاية فريق الخبراء البارزين الخاص باليمن إلى غياب آليات المساءلة الدولية المستقلة؛ ممّا زاد من تكريس سياسة الإفلات من العقاب للمنتهكين، وجعل إمكانية تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا تبدو بعيدة المنال.
وتحثّ "مواطنة" الدولَ الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى سرعة تشكيل آلية تحقيقٍ جنائية دولية مستقلة خاصة باليمن، تختص ولايتها بتوثيق انتهاكات أطراف النزاع، ورفع التقارير العلنية، وجمع وحفظ وتحليل الأدلة، وبناء ملفات لأجل القيام بإجراءات التقاضي الجنائيّ مستقبلًا.
بحسب رئيسة المنظمة، رضية المتوكل: "كان عام 2022 عامًا مأساويًّا آخر بالنسبة للمدنيين والمدنيات في اليمن. شكّلت فجوة المساءلة في اليمن سببًا رئيسًا في تمادي أطراف النزاع للاستمرار في سلوكها الإجرامي لانتهاك حقوق الإنسان وخنق الحريات العامة والشخصية".
في انتظار الحلّ الإنسانيّ
وعرضت رئيسة رابطة أمّهات المختطفين، أمة السلام الحاج، مؤخرًا في مدينة الرياض، لدى لقائها كلًّا من السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر، ومبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، السويدي هانس غروندبرغ؛ الرحلة الطويلة لأمّهات المختطفين ومعاناتهن لأكثر من ثماني سنوات، وهن في انتظار الحلّ الإنسانيّ العادل لقضية أبنائهن المعتقلين والمخفيّين قسرًا.
كما تطرّقت الحاج للحديث عن أنشطة الرابطة المستمرة، في سبيل إنقاذ أبنائهن المختطفين الذين يتعرّضون للتعذيب الجسديّ والنفسيّ، لدى جميع جهات الانتهاك في اليمن.
وشدّدت الحاج على الحقّ الإنسانيّ الذي لا يمكن المساومة فيه، وهو إطلاق سراح جميع المختطفين والمعتقلين والمخفيّين قسرًا دون قيد أو شرط من جميع السجون ولدى كل الأطراف، ورفض الرابطة لعمليات التبادل التي يتم بموجبها الإفراج عن المختطفين المدنيّين مقابل مقاتلي جبهات الحرب.
الجدير بالذكر، أنّ العديد من المنظمات الحقوقية لم تتوقف طوال السنوات الماضية عن مطالبة أطراف الصراع في اليمن بالكف عن انتهاك القانون الدولي الإنساني، وسرعة إطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفيًّا، والكشف عن مصير المختفين قسريًّا لديها، دون أي تأخيرٍ قد يضاعف المخاطر التي تهدّد حياتهم أو إطالة تقييد حرياتهم وحرمانهم من حقوقهم وكرامتهم الإنسانية.
وخلّفت الحرب أوضاعًا معيشية وصحية مزرية للغاية، وتركت اليمنيين لقمة سائغة للموت جوعًا -في أشدّ بلدان العالم فقرًا وتدنّيًا لمستوى دخل الفرد؛ حيث تعاني الأمهات المرضعات والأطفال من سوء التغذية، وانعدام الأمن الغذائي، وتفشي الأمراض المعدية، واستفحال الندوب النفسية لملايين السكان المتضرِّرين من الأزمة الإنسانية في اليمن، التي تُعدّ أسوأ أزمة إنسانية في العالم منذ عقود، حسب تقديرات الوكالات الدولية.