قرار كارثيّ يمنع تصدير الأسماك

تبعات قاسية يتحمّلها الصيّادون
صلاح بن غالب
March 18, 2023

قرار كارثيّ يمنع تصدير الأسماك

تبعات قاسية يتحمّلها الصيّادون
صلاح بن غالب
March 18, 2023
Photo by: Ali Jameel - © Khuyut

"قرار جائر على الصيادين وتداعياته ستكون كارثية على حياتهم بشكل كبير"، بهذه الكلمات بدأ الصياد حسن كريمي حديثه لـ"خيوط"، وهو أحد الصيّادين العاملين في مديرية الخوخة (جنوب محافظة الحُديدة) الواقعة على الساحل الغربي لليمن، مضيفًا أنّ مهنة الاصطياد مصدر رزقه الوحيد منذ أكثر من 30 عامًا مع كافة أفراد أسرته. 

وكانت الحكومة المعترف بها دوليًّا قد قررت في فبراير/ شباط الماضي 2023، حظرَ تصدير منتجات الأسماك والأحياء البحرية الطازجة، وفرض رقابة صارمة على منافذ التصدير لتنفيذ هذا القرار، بحُجّة معالجة نقص المعروض وكبح جماح الأسعار.

ويؤكّد الصيّاد كريمي أنّه في حال تطبيق هذا القرار بمنع تصدير الأسماك، فإنّ ذلك سيؤدّي إلى ركود في عملية تسويقه، وتكدُّسه في الأسواق المحلية، وتراجع مداخيلهم من هذه المهنة التي يقتاتون وأسرهم منها، إضافة إلى أنّ عملية التصدير إلى الخارج لا تشمل جميعَ الأصناف، بل أصنافًا محددة وبعضها موسمية.

ويتحدّث مسؤول في جمعية سمكية، لـ"خيوط"، عن أنّ من ضمن المتضرِّرين كذلك عمّالًا بالأجر اليوميّ يعملون في الشحن والتفريغ والتبريد للأسماك، إذ سيتسبّب مثل هذا القرار برميهم إلى جانب صيّادين، إلى رصيف البطالة.

أضرار متعدّدة

يؤكّد عددٌ من العاملين في الصيد والجمعيات السمكية أنّ عملية التصدير لا تتم إلّا بموافقة مسبقة من الدولة المستوردة، فدولة أريتريا مثلًا، لا تسمح بدخول الأسماك اليمنية إلّا بعد الحصول على رخصة مزاولة التصدير إلى أراضيها .

تكشف مصادر مطّلعة في هذا الخصوص لـ"خيوط"، عن دفع عشرات الصيادين مبالغَ مالية كبيرة بالدولار الأمريكي للحصول على رخصة مزاولة التصدير قبل صدور هذا القرار الحكوميّ، في حين هناك من كان ينتظر موسم الخريف حتى يسدّدوا ما عليهم من مديونية موسم الشتاء الماضي.

مئات الصيّادين معتمدون على هذه المهنة، وهي مصدر دخلهم الوحيد، فصدور القرار بهذه الصورة والكثير من الصيادين كانوا مستعدين لتصدير المنتج، سيساعد المستورد على التحكم بالصيّاد اليمني كما يريد، في البيع بثمنٍ بخس؛ وبالتالي سيتوقف الكثير منهم عن العمل، نتيجة تكدس المنتج وبخسهم في بيعه في حال التصدير.

ويقول عاملون في القطاع السمكي إنّ ارتفاع الأسعار ليس بسبب تصدير الأسماك إلى الخارج، بل إنّ التصدير بشكلٍ منظم ومحدّد لأنواع معينة، يُعدّ رافدًا ماليًّا مهمًّا للاقتصاد الوطني، وهو مجرب منذ عهود في ظلّ الحكومات السابقة للبلد، مع العلم أنّ الأسواق المحلية تستوعب كميات محدودة من الأسماك، وهذا متعارف عليه في أماكن الإنزال السمكي في أنحاء الجمهورية. 

ويستعرض كريمي معاناتهم كصيادين منذ انتشار وباء كورونا أواخر أبريل/ نيسان 2020، من ركود وكساد غير مسبوق لعملية بيع وتسويق الأسماك.

إلى جانب توقّف أعمالهم وجور الغلاء الفاحش، وتعرض العشرات من الصيّادين للاحتجاز من وقت لآخر من قبل خفر السواحل في المياه الإقليمية من قبل دول القرن الإفريقي، وموتهم غرقًا بعرض البحر، بينما لم يكن هناك أيّ مبادرات حكومية تعوّضهم وتجبر ضررهم.

من جانبه، يوضح الصيّاد حميد عبده، لـ"خيوط"، أنّ من أسباب ارتفاع سعر الأسماك بالسوق المحلية، الأزمات المتلاحقة للوقود وارتفاع أجور النقل والعمالة، ومعدات الاصطياد، فضلًا عن مواسم الرياح الشديدة.

مصدر رزق وثروة قومية

تمتلك اليمن شريطًا ساحليًّا يبلغ طوله أكثر من 2000كم غنيّ بالأسماك والأحياء البحرية تمتد فيه التداخلات والتضاريس الجبلية والرملية ومنحدرات الأودية التي تصب في البحر، وكوّنت خلجانًا والتي تشكّل في مجملها حوالي 20% من طول الشواطئ، وبذلك فإنّ طول الشريط الساحلي اليمنيّ يزيد على 2000كم، بحسب خارطة الثروة السمكية؛ ابتداءً من الحدود اليمنية-العمانية في بحر العرب، وحتى منتهى الحدود اليمنية–السعودية في البحر الأحمر، ويعتبر هذا القطاع من القطاعات الاقتصادية الواعدة .

في السياق، يقول الباحث في علوم البحار والموارد المائية، محمد عثيم، لـ"خيوط"؛ كان ينبغي لقرار منع التصدير أنّ يضع مصفوفة من البدائل تنظّم عملية البيع والشراء داخل الأسواق المحلية، ومن ثَمّ تنظم عملية التصدير كي لا يؤثّر تطبيق القرار على حياة الصيّاد الذي هو مرتكز القضية برمتها.

ويضيف أنّ مئات الصيّادين معتمدون على هذه المهنة وهي مصدر دخلهم الوحيد، فصدور القرار بهذه الصورة والكثير من الصيادين كانوا مستعدين لتصدير المنتج، سيساعد المستورد على التحكم بالصيّاد اليمنيّ كما يريد، في البيع بثمنٍ بخس؛ وبالتالي سيتوقف الكثير منهم عن العمل، نتيجة تكدّس المنتج وبخسهم في بيعه في حال التصدير.

وتعتبر بحار اليمن مصدرًا رئيسيًّا لتلبية احتياجات السكان من الأسماك التي تُعدّ عنصرًا أساسيًّا في غذاء مواطني المناطق الساحلية، كما أنّ الثروة السمكية تعتبر من أهمّ الثروات الطبيعية المتجدّدة، ومصدرًا هامًّا للدخل القومي، حيث يوجد في المياه الإقليمية اليمنية أكثر من 350 نوعًا من الأسماك والأحياء البحرية الأخرى؛ ممّا يؤهّلها لأن تكون دولة رئيسية في إنتاج الأسماك في المنطقة.

•••
صلاح بن غالب

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English