كان لشهر أكتوبر من العام 2019، حضورٌ قوي في نفوس شبان شمروا عن سواعد الجد، وساروا بخطى ثابتة نحو مبادرة مجتمعية (خيرية) لخدمة المجتمع. كان الطريق الدولي الرابط بين محافظة أبين ومحافظة شبوة حكاية من سُمر الوجوه الذين حزّ في نفوسهم كثرة الحوادث فيه، فأبوا إلا أن يرمموه بما جادت به تبرعات الميسورين في المنطقة، ومن هنا كانت الانطلاقة التي لم تتوقف.
لم يكن لهذا الفريق أيّ انتماء سياسي أو توجه حزبي أو ميول لأي كيان، بل كانوا مستقلين ومجردين تمامًا من كل تلك الشوائب، واتخذوا من الأعمال الخيرية كيانًا ومظلة يستظلون تحتها، مما أكسبهم حضورًا مميزًا.
فريق (إشراقة أمل) بات في نظر المجتمع رديفًا أساسيًّا لأعمال السلطات المحلية التي خذلته، فأصبح يقوم بما لم تقم به هي، وبات وجهة وملاذًا للكثيرين التي نمت بدواخلهم بذرات التطوع الخيري.
الانطلاقة
رئيس فريق إشراقة أمل أكّد في تصريح لـ"خيوط"، أنّ بداية المبادرة كانت فكرة منطلقة من كثرة الحوادث المميتة في الطريق الدولي الرابط بين محافظة أبين ومحافظة شبوة، وتحديدًا في منطقة العرقوب الجبلية، حيث تكثر فيها الحفر بشكل مخيف. موضحًا أنّ المبادرة انطلقت لردم حفر الطريق بإمكانيات بسيطة لا تتعدى التراب والزيت، بدعم من فاعلي خير، لتستمر ما يقارب شهر، وتجاوزت مدينة شقرة.
ويضيف البرشاء في حديثه لـ"خيوط": "ثم أتت فكرة تسمية الفريق ليتحول من مبادرة واحدة إلى فريق بعشرات بل مئات المبادرات، التي تنوعت وتعددت، ابتدأت من ردم حفر الطريق الدولي ثم إزالة الأشجار الضارة على جانبيه، ثم التدخلات في المدارس ببناء فصول دراسية، وتأهيل حمامات، وتوفير سبورات وأجهزة منظومة طاقة شمسية، وبناء محارق للقمامة، ثم التوعية بفيروس كورونا في مديرية لودر ومودية والوضيع، ومدارس لودر بشكل عام، والمشاركة الفاعلة في كافة الأنشطة بفريق شبابي طبي وإعلامي، وآخرها توزيع الحقيبة المدرسية التي تدخل عامها الثالث في مدارس لودر الريفية.
عام التميز
في مارس من العام 2020، أثناء اجتياح فيروس كورونا للبلاد، قام فريق إشراقة أمل بواجبه الإنساني تجاه أبناء المنطقة الوسطى من خلال إطلاق حملة توعية بمكبرات الصوت، وتوزيع "بروشورات" على عزل وقرى المنطقة، تُعرِّف الناس بخطر الفيروس وكيفية الوقاية منه.
وفي شهر 2 من العام نفسه (2020)، انخرط الفريق في الأعمال التي تساعد على النهوض بالعملية التعليمية، بَدءًا بتأهيل حمامات مدرسة دوفان للبنات في منطقة الصرة، وانتقالًا إلى توزيع الحقائب المدرسية للطلاب الفقراء والمحتاجين والنازحين الذين لا يستطيعون شراءها بحكم الظروف الصعبة التي يمرون بها.
حضور مؤثر
ولفتت الأعمال الخيرية التي يقوم بها فريق إشراقة أمل منذ انطلاقه، انتباه المجتمع، فبدأ التفاعل معها من قبل مختلف الشرائح، التي أبدت ارتياحًا للأعمال الإنسانية المنفذة تزامنًا مع غياب تام للجهات المختصة في هذا الشأن.
الكاتب ناصر الوليدي أشاد بالدور الذي يلعبه فريق إشراقة أمل بمناطق أبين الوسطى، من خلال تصريح لـ"خيوط"، حيث قال الوليدي: "إنّ هذا الفريق قام بدور ريادي لم تقم به السلطة المحلية في المحافظة، منذ توليها زمام الأمور". موضحًا أنّ الفريق كسب قلوب الناس بالأعمال الإنسانية، واستطاع أن يكون في الواجهة المحمودة.
وأضاف الوليدي: "فريق يعمل بإخلاص وبجهود ذاتية دون أن يتلقى أيَّ دعم من جهات الاختصاص المنوط بها القيام بهذه الأعمال، لكن للأسف لم نرَ أية تحركات داعمة له حتى يمضي أكثر بأعماله المجتمعية".
ودعا الوليدي في ختام تصريحه، وزارةَ الشؤون الاجتماعية والعمل لدعم فريق إشراقة أمل وتحويله إلى مؤسسة إنسانية تقديرًا للجهود التي بذلوها خلال سنوات عدة، خدمةً لأبناء محافظة أبين.
أنيسة الهبة، مديرة مدرسة الشهداء بمديرية لودر، عبّرت عن امتنانها للفريق، قائلةً إن الفريق وضع بصمة في المديرية، وهو الفريق الوحيد الموجود على أرض الواقع في جميع مديريات وقرى المنطقة الوسطى بما يقدمه من خدمات للمجتمع؛ كترميم الطرقات، وبناء فصول في بعض المدارس، وغيرها من الأنشطة الفاعلة. وأكّدت أنّ الفريق يعمل بروح عالية ويبذل جهودًا جبّارة، إلا أنه لا يجد أي دعم أو لفتة ثَناء من السلطة المحلية وإدارتها.
تعرية السلطة
على مدى خمسة أعوام متتالية، استمرّ فريق إشراقة أمل التطوعي بأعضائه الستة، يعمل دون كلل أو ملل وبجهود ذاتية، في الوقت الذي تقف فيه السلطة المحلية بمحافظة أبين، موقف المتابع الصامت، دون أن تقدم له أي دعم في جانبيه المادي والمعنوي، علمًا أنّ هؤلاء الشباب قاموا بعمل مكتب الأشغال في المحافظة من خلال ردم الخط الدولي، وبعمل مكتب التربية من خلال بناء حمامات لبعض المدارس وتوزيع حقائب، وبعمل مكتب الصحة أثناء فترة كورونا. استطاع الفريق أن يجسد كل هذه الأعمال ويكون المعلم، والمهندس، والطبيب، فيما بقية سلطة أبين تتجاهل جميع الأعمال التي قدمها الفريق؛ فهل سيطول الصمت؟