أقامت منصة خيوط مساء الثلاثاء المنصرم ندوة إلكترونية عن وضع الدراما اليمنية تحت عنوان (صناعة الدراما اليمنية الواقع والطموح) ناقش خلالها المشاركون عدد من القضايا الهامة المتعلقة بالدراما اليمنية، إضافة لفتح باب النقاش مع الجمهور الذي انضم للندوة عبر تطبيق الزوم.
زخم الحضور.. ثراء النقاش
أدار الندوة الصحفي، بسام غبر، فيما ألقى علي جميل كلمة افتتاحية عن خيوط، وتحدث محمد الحبيشي عن أهمية الفكرة والسيناريو في الدراما، من جانبه تطرق المخرج هاشم الهاشم، عن الشركة المنتجة دونت شن، إلى دور الإنتاج والإخراج في الخروج بدراما متكاملة، وتناولت الفنانة سالي حمادة التمثيل كمهنة ورسالة يقتضي أن يراعي فيها الممثل الجوانب النفسية والاجتماعية جنبا إلى جنب مع الجوانب الفنية، وتكللت الندوة بطرح الناقدة السينمائية هدى جعفر، التي قدمت عرضا تفصيليا عن دور النقد للارتقاء بالدراما وتقويمها وتصويب جوانب الخلل فيها، واختتم الندوة الصحافي والأكاديمي، نشوان العثماني، الذي تحدث عن دور الإعلام في صناعة دراما قوية. هذا وقد تغيب الفنان، عامر البوصي، عن الندوة لأسباب خاصة.
في افتتاح الندوة أشار علي جميل إلى أن "خيوط " نظمت هذه الندوة بالتزامن مع تزايد الأعمال الدرامية اليمنية الموسمية، وذلك من أجل السعي إلى تسليط الضوء على الدراما ورفده بالنقد والمقترحات من أجل الوصول إلى إنتاج فريد ومحترف، ونوه جميل إلى أن "خيوط" تسعى إلى إنتاج محتوى تفاعلي وخلق اتصال ثنائي الاتجاه تربط المتخصصين بالجمهور الملتقى.
من جهته لخص الحبيشي مشاكل الدراما اليمنية في نقطتين اساسيتين الأولى تتعلق بالكاتب الذي عادة ما يتساهل في التعامل مع الكتابة الدرامية، إذ يفترض بالكاتب معرفة ماذا يريد أن يكتب؟! ولمن يوجه كتابته؟! وهذا يتطلب إلمامًا شاملًا بالموضوع محل المعالجة. ويرى الحبيشي أن النقطة الثانية متعلقة بالبيئة المحيطة للكاتب نفسه، وهو ما يتسبب له باضطرابات وإرباك متكرر يصاحب تفكيره أثناء الكتابة وهذا بدوره يشتته ويضيع فكرته الرئيسية البعيدة كليا عما أراد كتابته.
وشدد الحبيشي على ضرورة إلمام كتاب السيناريو عند الكتابة بشخصيات العمل الدرامي بشكل كلي، ومعرفة حالاتها النفسية والاجتماعية، وعكس ذلك في السيناريو. وأكد في حديثه على ضرورة اطلاع الكتاب وممارستهم المستمرة، كسبيل وحيد وجوهري لتطوير الذات.
سالي حمادة: نعاني من مشكلة غياب مؤسسات وشركات الإنتاج، واحتكار جهات معينة له، الأمر الذي ينعكس في تسييس وتوجيه العمل الدرامي لخدمتها وخدمة أطراف بعينها، وبالتالي التدخل في النص المكتوب، ما ينعكس على أداء الممثلين كنتيجة حتمية وبديهية، لكن المشكلة الأخطر هي وجود نص جيد مع مخرج تقليدي وهو ما يقتل الفكرة والعمل ككل.
النجمة التلفزيونية، سالي حمادة، من جانبها أشارت إلى مشكلة غياب مؤسسات الإنتاج، واحتكار جهات معينة له، الأمر الذي ينعكس على تسييس وتوجيه العمل الدرامي لخدمتها وخدمة أطراف بعينها، وبالتالي التدخل في النص المكتوب، ما ينعكس على أداء الممثلين كنتيجة حتمية وبديهية، لكن المشكلة الأخطر هي وجود نص جيد مع مخرج تقليدي وهو ما يقتل الفكرة والعمل ككل. وتتفق حمادة مع الحبيشي في موضوع مراعاة الكتاب للبعد النفسي للشخصيات المختلفة، وضرورة تشريح الشخصيات تشريحا دقيقا منذ بداية كتابة السيناريو، من أجل اختيار الممثل المناسب لهذه الشخصيات.
من الخطأ اعتماد المخرج على الورق
ومن ناحية إنتاجية إخراجية قال المخرج هاشم الهاشم في مداخلته: إن الإخراج هو الأساس في أي عمل، ويرتكز عليه كل عمل فني، مشيدا ببعض الأعمال الدرامية الأخيرة التي وصفها بـ "الجيدة" من الناحية الإخراجية رغم وجود أخطاء وقصور في بعض الجوانب الأخرى، محملا المخرج مسئولية متابعة شخصيات السيناريو منذ بداية كتابة النص، والخوض في تفاصيلها والعمل على صناعتها بشكل جيد وهذا العمل يتطلب وقتا وجهدا كبيرا من المخرج، إذ إن من المخل الاعتماد على نصوص جاهزة قد تظهر العمل بشكل سيئ.
ويؤكد هاشم على ضرورة تطوير المخرج لنفسه ومتابعة أهم الأعمال الفنية في مختلف الساحات ونقدها وتعلم مهارات جديدة باستمرار دون كلل أو ملل.
استبعاد الأخلاقيات
فيما قالت الناقدة السينمائية هدى جعفر: يفتقر اليمن لوجود نقاد متخصصين في المجال الفني، وهو ما يتطلب من الذين يريدون التخصص الاهتمام ومتابعة هذا المجال، إلى جانب الإلمام بالثقافات والعلوم المختلفة، وليس الاكتفاء بمتابعة الأفلام وحسب، لأن ذلك لا يصنع ناقدا، بل مهتما.
ونوهت جعفر إلى أهمية استبعاد الأخلاقيات في النقد، في مقابل التركيز على الجوانب المهنية والنفسية والاجتماعية لتقييم أي عمل فني، مؤكدة أن النقد الشخصي الانطباعي لا يسمى نقدا، ما لم يكن مبنيًا على مضمون العمل الدرامي المتمثل في النص والأداء.
الإعلام في سبيل الارتقاء الدرامي
من جانبه تحدث نشوان العثماني، صحفي وأكاديمي، عن أهمية دور الصحافة والإعلام في إبراز الدراما وتشجيعها ونقدها، مؤكدا على ضرورة وجود قنوات ومساحات تواصل بين الإعلام والدراما من أجل إخراجها من بؤرة الدراما الموسمية.
وفي ختام الندوة استقبل المشاركون بعض الاستفسارات من قبل الجمهور، حيث قالت أماني حسن، الباحثة في مجال الدراما، إن الباحثين الأكاديميين في الجانب الفني والسينمائي يجدون صعوبة في الوصول للمتخصصين نظرا لشحة تواجدهم، أو لعدم تعريف الإعلام بهم في مجال الدراما والتمثيل من أجل مناقشة القضايا المختصة بهذا الجانب. وبخصوص ذلك تسأل أحد الذين حضروا الندوة عن مشكلة الدراما الكوميدية في اليمن وتحويلها إلى دراما تهريج، حيث قالت سالي حمادة إن العمل الكوميدي مهم جدًا ومن أصعب الأعمال إلا أن هناك عدم قدرة على التعامل مع هذا النوع من قبل الكثيرين سواء من الكتاب أو الممثلين نظرا لصعوبته.
وفي ختام الندوة أشاد المشاركون بالأعمال الدرامية الأخيرة، التي وصفوها بالجيدة مقارنة بأعمال السنوات السابقة، رغم وجود الكثير من المشاكل التي تواجه الدراما اليمنية، من بينها نقص التمويل، وعدم وجود شركات إنتاج متخصصة، وشح الدعم الكافي من مختلف الجهات.