يُعَدُّ سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء حول العالم، حيث يصيب (2,1) مليون امرأة كل عام، وينتج عنه أكبر عدد من الوفيات بالمقارنة مع أنواع السرطان الأخرى التي تصيب النساء، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، مع الإشارة إلى أن الأرقام قد تتفاوت حسب المنطقة والعوامل المختلفة.
بالنسبة لليمن، يشكل سرطان الثدي ربع حالات السرطان التي يتم تشخيصها بين النساء، وفي أغلب الحالات يتم الكشف عنها بعد فوات الأوان لإمكانية احتواء المرض وتحسين نتائج البقاء على قيد الحياة للنساء المصابات بسرطان الثدي، خصوصًا في ظل تدني مستوى الخدمات الصحية في البلاد، وتدني الموارد المخصصة لهذا القطاع، الذي ساهمت الحرب والانهيار الاقتصادي في البلاد في دحرجته أكثر نحو الهاوية.
يتجلى ذلك -بحسب مختصين لـ"خيوط"- في العوز الشديد في توفر أجهزة التصوير الإشعاعي للكشف المبكر عن سرطان الثدي في المشافي اليمنية، باستثناء مستشفى الجمهوري ومستشفى الكويت بصنعاء، وهو ما يجعل استيعاب الأعداد الكبيرة من المرضى أمرًا مُتعذرًا أو يستلزم وقتًا أطول.
طيلة عقود ظلَّ تعليل الأسباب المؤدية إلى سرطان الثدي في المجتمع العلمي، يتمحور حول دراسة الأسباب الوراثية والنظام الهرموني لدى المرأة، إلا أن التطور المتصاعد في أساليب وأنواع ومنهجيات البحث التجريبي -منذ التسعينيات حتى الآن- حول علاقة التلوث البيئي ونمط الاستهلاك الحديث بالإصابة بسرطان الثدي، قادَ إلى الكشف عن علاقة مؤكدة بين دخول البلاستيك في حياتنا والإصابة بالسرطان.
بحسب منظمة الصحة العالمية؛ يعتبر سرطان الثدي السببَ الرئيسي للوفيات المرتبطة بالسرطان بين النساء على مستوى العالم، حيث يسبب حالة وفاة واحدة من كل ست حالات وفاة بين الإناث. وفي كل عام، يمثل سرطان الثدي حوالي 25% من جميع أنواع السرطان التي تُشَخَّص لدى النساء.
ومن الضروري -كما تشدد "الصحة العالمية"- أن تكون النساء من جميع الأعمار، على دراية بتغيرات الثدي من خلال الفحص الذاتي المنتظم للثدي. ويؤدّي التشخيص والعلاج المبكران إلى تحسُّن كبير في معدلات النجاة، وينبغي أن تفكر النساء اللاتي تزيد أعمارهن على 50 عامًا في إجراء تصوير الثدي بالأشعة، بانتظام، في المرافق التي تقدم خدمات الفحص. كما ينبغي للمهنيين الطبّيين اغتنام كل فرصة لإجراء الفحوص السريرية للثدي لدى النساء في مرافق الرعاية الصحية، لا سيّما في البيئات المحدودة الموارد.
البيسفينول القاتل
طيلة عقود، ظلَّ تعليل الأسباب المؤدية إلى سرطان الثدي في المجتمع العلمي، يتمحور حول دراسة الأسباب الوراثية والنظام الهرموني لدى المرأة، إلا أن التطور المتصاعد في أساليب وأنواع ومنهجيات البحث التجريبي -منذ التسعينيات حتى الآن- حول علاقة التلوث البيئي ونمط الاستهلاك الحديث بالإصابة بسرطان الثدي، قادَ إلى الكشف عن علاقة مؤكدة بين دخول البلاستيك في حياتنا والإصابة بالسرطان، وتحديدًا سرطان الثدي.
من أبرز الأبحاث والدراسات التي أجريت وأثارت صدى عالميًّا، كانت لفريق من الباحثين، من "جامعة فيينا" عام 2022، استخدم فيها الباحثون تقنيات متطورة لاستخراج وتحليل الجزئيات الدقيقة في عينات الدم، تم تجميعها من 22 شخصًا سليمًا، حيث أظهرت النتائج أن 80% من العينات كانت تحتوي على جزيئات بلاستيكية، مثل البيسفينول (BPA)، وهي المادة المستخدمة في تصنيع البلاستيك.
الدراسة ذاتها أشارت إلى أن وجود البلاستيك في الدم، يمكن أن يرتبط بمخاطر صحية، بما في ذلك تأثيرات محتملة على النظام الهرموني للمرأة، وزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي وسرطان البروستاتا.
نتائج هذه الدراسة جاءت تأكيدًا لدراسة سابقة قام بها باحثون من جامعة هارفارد عام 2013، اضطلعت بدراسة وتحليل مستويات "البيسفينول" في عينات دم لنساء تتراوح أعمارهن بين 20 و70 سنة، أظهرت نتائجها أن النساء اللواتي كان لديهن ارتفاع في نسب البيسفينول – BPA كن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي.
في حديث لـ"خيوط" تقول الدكتورة حياة الشميري- طبيبة مهتمة بالتوعية من خطر الإصابة بسرطان الثدي: "رغم عدم قطعيَّة الدراسات التي أُجريت في هذا الصدد، فإنه في كل الأحوال يتعيّن علينا التعامل باعتبار الأمر واقعًا، والابتعاد -قدر المستطاع- عن البلاستيك في حياتنا اليومية، كالطعام المُعلَّب، واستخدام الأواني البلاستيكية للطعام، سواء للتسخين أو التبريد".
إعادة تدوير
منذ بداية الألفية الجديدة، ومع تعاظم الأصداء الدولية لمناصرة قضايا البيئة والمناخ، أصبحت كثير من دول العالم تحاول احتواء الضرر الناجم عن استخدام البلاستيك، باللجوء إلى توفير بدائل صديقة للبيئة وأقل ضررًا على الإنسان والنظام الإيكولوجي.
بحسب الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس، فإن معدل استهلاك اليمنيين للأكياس البلاستيكية في اليوم الواحد، بحسب تقديرات فريق النزول الميداني والتفتيش البيئي، بلغ نحو 150 مليون كيس يوميًّا، وبمعدل استهلاك سنوي يتجاوز 54 مليار كيس بلاستيكي.
خلافًا لذلك، يعد اليمن أحد أكثر بلدان العالم نأيًا عن الاهتمام بالصحة البيئية، فضلًا عن الإغفال التام عن العمل على الحد من مخاطر الملوثات البلاستيكية، علمًا أن الإنتاج المحلي للبلاستيك يشهد انتعاشًا لافتًا خلال السنوات الأخيرة، حيث تنتشر مصانع البلاستيك في أكثر من محافظة يمنية، وأغلبها يعتمد بشكل كبير في المواد الأولية على إعادة تدوير المخلفات البلاستيكية التي يتم جمعها من النفايات، وإعادة تصنيعها في أشكال بلاستيكية أخرى.
تدعو الدكتورة الشميري إلى عدم استخدام الأكياس البلاستيكية، والبحث عن بدائل لمواد أكثر استدامة وصديقة للبيئة؛ يأتي ذلك في الوقت الذي يُعدُّ فيه اليمن أحد أكثر البلدان استخدامًا للبلاستيك، مع غياب الحد الأدنى من المحاذير الصحية التي من شأنها التقليل من مستوى المخاطر، وذلك يشمل كل شيء تقريبًا في الحياة اليومية، دون اكتراث للعواقب الصحية الخطيرة، بما فيها مرض السرطان.
نطاق واسع
بحسب الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس، فإن معدل استهلاك اليمنيين للأكياس البلاستيكية في اليوم الواحد، حسب تقديرات فريق النزول الميداني والتفتيش البيئي، بلغ نحو 150 مليون كيس يوميًّا، وبمعدل استهلاك سنوي يتجاوز 54 مليار كيس بلاستيكي.
جدير بالذكر أنّ مادة بيسفينول المكوِّنة للبلاستيك، لا يقتصر تأثيرها فقط على الجانب المباشر المتصل بالغذاء كالتعبئة والتغليف ونحو ذلك، إنما تجد الملوثات البلاستيكية طريقها إلى جسم الإنسان بطرق مختلفة، بما في ذلك تلوث التربة والمياه والأحياء البحرية التي تتغذى على مخلفات البلاستيك، والتي تعدّ جزءًا مهمًّا من مصادر الغذاء للإنسان، الأمر الذي يكشف مدى الضرر الناجم عن استخدام البلاستيك على نطاقٍ واسع يشمل كل شيء في حياتنا تقريبًا.