تعرض المصور الفوتوغرافي المخضرم، الفنان عبدالرحمن الغابري، للاحتجاز في قسم شرطة مدينة صنعاء القديمة، بعد منعه من تصوير أحد المباني الأثرية في المدينة التاريخية، كما صادرت السلطات الأمنية في المدينة كاميراته ومعداته، واحتجزت فريقه الميداني إلى جانبه.
وفي تفاصيل قصة المنع من التصوير والاحجاز ومصادرة معداته، قال الفنان عبدالرحمن الغابري لـ"خيوط"، إنه ذهب مع فريقه صباح الأربعاء 29 سبتمبر/ أيلول 2021، إلى مدينة صنعاء القديمة لتصوير بعض المباني من أجل إنتاج فيلم عن "المعنى الجمالي لليمن"، لكنه تفاجأ بمجموعة أشخاص توافدوا إلى المكان حتى وصل عددهم أكثر من 10، منعوه من الاستمرار في التصوير، قبل أن يقتادوه وفريقه إلى قسم الشرطة.
وأضاف أنه عرض عليهم وعلى إدارة قسم الشرطة، الترخيص الرسمي الذي لديه بالتصوير دون جدوى، واستمر احتجازه وفريقه منذ ما قبل الظهر حتى المساء.
ويمارس الفنان عبدالرحمن الغابري مهنة التصوير منذ أكثر من 50 سنة، ما جعل غالبية مثقفي وصحفيي وأدباء اليمن يلقبونه بـ"عين اليمن وذاكرتها"، وذلك نظرًا لطول زمن احترافه التصوير الفوتوغرافي وأرشيفه الهائل من الصور التي وثقت تحولات الزمان والمكان على مدى نصف قرن.
قال الغابري واصفًا التعسّف الذي طاله وفريقه: "لم تنفع كل التدخلات للإفراج عنا وعن معداتنا، وبالكاد أطلقوا سراحنا عند حلول المساء، أما المعدات فلا تزال محتجزة
"هذه أول مرة أتعرض للمنع من التصوير ومصادرة كاميراتي"، قال الفنان الغابري بمرارة، مذكّرًا بأن آخر وظيفة له في وزارة الثقافة كانت "مستشار الفنون البصرية"، ناهيك عن كونه أول مصور فوتوغرافي يسجل أعماله ضمن المصنفات الفنية للوزارة.
وعلى مدى فترة عمله في التصوير الفوتوغرافي، عُرف عبدالرحمن الغابري على نطاق واسع، سواء على مستوى كبار مسؤولي الدولة وكبار الفنانين والمثقفين، أو على مستوى جمهوره المحب لفنّه وأخلاقه العالية.
وقال الغابري واصفًا التعسّف الذي طاله وفريقه: "لم تنفع كل التدخلات للإفراج عنا وعن معداتنا، وبالكاد أطلقوا سراحنا عند حلول المساء، أما المعدات فلا تزال محتجزة حتى هذه اللحظة": (الثالثة عصر الخميس 30 سبتمبر).
وتابع: "ذهبت للتصوير ومعي ترخيص رسمي وموظف من الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية، وتصريح من السلطة المحلية في صنعاء القديمة، ومع ذلك تعرضنا لهذا التعسف وتقييد الحريات"، مشيرًا إلى أن السلطة المحلية بصنعاء القديمة ووزارة الثقافة بكل موظفيها ومسؤوليها مستاؤون مما حدث، وأن إدارة قسم الشرطة رفضت كل التدخلات الرسمية للإفراج عنه وفريقه ومعداته، سواء من قبل السلطة المحلية أو من قبل وزارة الثقافة، وأنها اشترطت للإفراج عنهم توجيهًا من وزارة الإعلام.
وفي حين قال الغابري إنه ليس مصورا صحفيًا وأن ترخيص مزاولة مهنته صادر عن وزارة الثقافة، أشار إلى أن وزارة الإعلام تشترط دفع مبلغ ثلاثة ملايين و500 ألف ريال لإصدار الترخيص. "أمارس التصوير الحر، وأركز على جمال بلادي لكي أبرزه في كل مكان وفي كل محفل، لا أستطيع دفع مبلغ كهذا." قال الفنان الغابري.
وقوبل التعسف الذي طال الفنان عبدالرحمن الغابري وفريقه، بموجة استياء وتنديد واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى صفحتها في موقع فيسبوك كتبت الفنانة التشكيلية أمنة النصيري: "كل التضامن مع الفنان الكبير والرجل المثقف عبدالرحمن الغابري ذاكرة اليمن البصرية ، وأحد أبرز المصورين العرب ، والذي تعرض للإعتداء في صنعاء القديمة هو وفريقه من المصورين ، أثناء خروجهم لإلتقاط مشاهد من المدينة في إطار أحد مشاريعه الإبداعية التي توثق جماليات الأمكنة والعمارة اليمنية ، وقد كسر هاتفه ، كما تم سحب الكاميرات ، ولم يغادر قسم الشرطة إلا بعد ضمانات ، علما بأنهم يحملون تصريحا رسميا من وزارة الثقافة وهيئة المدن التاريخية ".
وعبر رئيس لجنة التدريب والتأهيل في نقابة الصحفيين اليمنيين نبيل الأسيدي عن تضامنه الكبير مع ذاكرة اليمن الفوتغرافية الاستاذ القدير عبدالرحمن الغابري، جراء الانتهاك الذي تعرض له اثناء جولة تصويرية في صنعاء القديمة من قبل جماعة الحوثي".
بدوره، غرد المصور علي السنيدار على صفحته بموقع تويتر بالقول: "كل التضامن مع الفنان الكبير ومعلمنا الأول والرجل المثقف عبدالرحمن الغابري الذي تعرض للإيقاف في صنعاء القديمة هو وفريقه من المصورين ، أثناء خروجهم لإلتقاط مشاهد من المدينة في إطار أحد مشاريعه الإبداعية التي توثق جماليات الأمكنة والعمارة اليمنية".
فيما كتبت مليحة الأسعدي على صفحتها بموقع فيسبوك: حتى الأستاذ عبدالرحمن الغابري لم يسلم من أذاكم؟! رجل بعمره و مكانته و حضوره العام يتعرض للاعتقال والحجز ومصادرة هاتفه وأدوات التصوير الخاصة به دونما رادع ".
وأضافت، "يصور صنعاء القديمة و يوثق تاريخ بلادنا إرثها و حاضرها بكل ما لديه من حرص و إتقان ليصنع ذاكرة بصرية خالدة هي اكبر منكم جميعا لعلكم تعقلون !".
أما الأكاديمي والناقد والقاص قائد غيلان فعبر عن تضامنه قائلاً: "لم أحظ بصورة منه أو معه، لكنه حاضر ملء العين في التاريخ اليمني المعاصر، هو المؤرّخ بالكاميرا، تراه في صور الحمدي وعلي الآنسي، سد مارب وجمال عبدالناصر، كل حدث يمتلك له صورة".