أقدام عبد الباري طاهر لا تزال واكية. وخطوات هذا المناضل الجسور واسعةٌ، لأجل الصالح العام.
يسير الرجل في الثمانين من العمر، بنظارتين وشاربٍ أبيضَ كثٍّ، وذاكرةٍ لا تزال قوية. إنه يتذكر زملاء دراسته في مساجد "المراوعة" منتصف خمسينيات القرن العشرين، بكل سهولةٍ، ويكتب عن غبار قدامى البعث والقوميين والماركسيين في اليمن قبل الثورة، ويصحّح لمحمود الحاج اسم ضابط الأمن السياسي الذي كلّفه محمد خميس باعتقالهما، ذات صباحٍ من سنة 1977.
قبل ذلك، يمضي عبد الباري طاهر منذ البداية، متضامناً مع إنسان جميع المراحل، حاضراً كل الفعاليات المدنية، وكاتباً عنها. يدافع بدأب عن الحريات العامة في اليمن، ويكتب عن المدن والناس، وعن الآثار التي تنهب وتدمر في مأرب والجوف، وعن مركز التطوير التربوي الذي أُحرق في عدن، وعن صحفيين معتقلين في صنعاء، ولا ينسى "عوض" المسجون بعيداً في حضرموت.
لا أحدَ يستطيع، كما أنه لا أحدَ حاز كل هذه المزايا: فقيهٌ، ومفكرٌ يساريّ، صحفيّ، وسياسيّ مخضرم. ويومياً، تجده حقوقياً حصيفاً وواسع الآفاق، يجادل بمنطق القانون، في ضوء مبادئ: "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" والقانون اليمني. إنه، بحق، أحد أقوى المدافعين عن حرية الصحافة وحق التعبير بكل أشكاله في اليمن، على امتداد خمسة عقود.
حياة عبد الباري طاهر، كلها كفاحٌ وديناميكيةٌ وجدل. فالفتى الذكي، الذي حفظ المعلَّقات، وبرع في علوم اللغة والبيان والمعاني والبديع والفقه، داخل مساجد مدينة المراوِعة (غرب اليمن)، انتقل إلى "بيت الفقيه"، ومنها إلى مكة. وفي ذروة تجلياته الزمانية والمكانية، انعطف يساراً، ليُبحر مع هيجل وكارل ماركس وشوبنهاور، في عالم الفلسفة.
دفاعاً عن النساء
يلوذ المجتمعُ المدني في اليمن بعبد الباري طاهر، دائماً عندما تطوّقه الأخطار. وإليه يهتدي المنشغلون بقضايا الحقوق، عندما تلتبس عليهم مشاريعُ القوانين المعدّلة. وفي كل مرة، يقدم عبد الباري طاهر رأيه الشجاع، رافعاً فضيلة الاعتراض على كل ما ينتقص من الحقوق المكتسبة للناس، ومدافعاً عنهم.
لم تحظ شخصيةٌ نقابيةٌ وإعلاميةٌبحالة الإجماع حولها، مثل شخصية عبدالباري طاهر، العابر لجميع الألوان والأطياف والأزمنة
وبالنسبة لصحفيٍّ بدأ الكتابة بأسماءَ نسائيةٍ مستعارةٍ، مطلع سبعينيات القرن الماضي، في مجلة "الكلمة"، بهدف تشجيع النساء على كتابة آرائهن وكسر حاجز الخوف، فإن جهوده لم تضِعْ عندما تحول صاحبُ الاسم المستعار إلى مؤسساتٍ ومنظماتٍ واتحاداتٍ نسائيةٍ فاعلةٍ، تطالب بمزيدٍ من المشاركة السياسية للنساء طيلة 30 عاماً من عمر التعددية، (رغم الانتكاسات والتحديات التي تحاول أن تقهر النساء دائماً).
لا تخلو فعاليةٌ نسائيةٌ في اليمن دون أن يكون عبد الباري طاهر حاضراً فيها، كراعٍ معنويٍّ من جيل الآباء الكبار. وعندما اقتحمت النساءُ برلمان دولة الوحدة، عبر بوابة الحزب الاشتراكي، اندفع عبد الباري للكتابة، مشجعاً هذه الخطوة باعتبارها منجزاً عظيماً، ثم استدار واقفاً في حلْق تيار الإسلام السياسي، عندما ارتفعت سيوف التكفير.
ظل سلاح التكفير مصوَّباً باتجاه روّاد التحديث، وإلى صدور النساء أيضاً. وكان عبد الباري طاهر مقتحماً المخاطر، كأشرس المدافعين في كل الجولات. وقف بقوةٍ في وجه عاصفة التكفير الرهيبة، التي طالت الدكتورة رؤوفة حسن وهددت حياتها وحياة زميلاتها، وركل مشروع "الزواج المبكّر" في وجه مجلس النواب، عندما أثير من قبل تلك القوى نفسها أكثر من مرة. ثم إنه كتبَ مقالاتٍ شديدةَ الحدّة والتضامن، ضد حالات الاغتصاب والعنف الأسري، وضد تجنيد الأطفال، التي اعتبرها "جريمة حرب".
وعندما كان نقيباً للصحفيين، طوال عقديْن من الزمن، حازت العشراتُ من الإعلاميات على بطاقة عضوية النقابة. ولا يزال عبد الباري طاهر يكتب عن نماذجَ مضيئةٍ للإعلامية الشجاعة والقدوة، مثل أمة العليم السوسوة، وجميلة علي رجاء، كامرأتين مائزتين في تأريخ الإذاعة والتلفزيون اليمني.
دفاعاً عن الحريات الصحفية
كرّس عبد الباري طاهر حياته للدفاع عن الحقوق المكتسبة للصحفيين. وفي كل المحطات الصعبة، التي واجهتها الحياةُ الإعلامية في اليمن، ظل عبد الباري طاهر ليس فقط الكاتب الصحفي الذي لا يغيب أسبوعاً عن الواجهة، ولكن أيضا القائد الصادق الكبير والفذ لمختلف الفعاليات الثقافية والإعلامية، في كل الظروف.
عملت سلسلة الحلقات الموسعة، التي كتبها عن مشاريع القوانين الجديدة، على زحزحة حالة الركود داخل نقابة الصحفيين ونقابة المحامين ومنظمات المجتمع المدني المختلفة
لم تحظَ شخصيةٌ نقابيةٌ وإعلاميةٌ، وربما يمنيةٌ على العموم، بحالة الإجماع حولها، مثل شخصية الأستاذ عبد الباري طاهر، العابر لجميع الألوان والأطياف والأزمنة. فالرجل، الذي انتخب نقيباً للصحفيين، لدوراتٍ عدةٍ، بالإجماع، في زمن التشطير والوحدة، نجح في أن يجمع، إلى جانب مهامه النقابية، مسؤولياتٍ أخرى: رئاسة تحرير صحيفة "الثوري"، لسان الاشتراكيين في اليمن الأكثر جرأة، ورئاسة تحرير مجلة "الحكمة"، لسان حال "اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين" (اتحاد الأدباء، هو أول كيان جماهيري موحّد، تأسس سنة 1971، في أوْج الصراعات السياسية والشطرية، وكان عبد الباري طاهر أحد المؤسسيين، وقد بقي رئيساً لتحرير مجلة "الحكمة" 33 عاماً، منذ صدورها في 1973، إلى سنة توقفها 2006).
فتحت الوحدة اليمنية للناس عهداً جديداً قائماً على التعددية والحريات الصحفية، وإن محدودة؛ إلا أنها، من زاوية التأريخ، خطوةٌ تأسيسيةٌ مهمة. لكن سرعان ما عقرتْها الحربُ، عندما اندلعتْ في صيف 1994، مخلفةً كل هذا الوباء والتشظي الذي تعيشه البلاد اليوم، كما يراها عبد الباري طاهر.
وفي سنوات الوحدة الثلاث الأولى، جابت الصحفُ والمجلات السياسية والأدبية جميع المدن اليمنية، وأدمن الناس في مقايلهم على التلفاز؛ إذ يتابعون وقائع الجلسات اليومية للبرلمان، في ظاهرةٍ صحيةٍ غير مسبوقةٍ في أي بلدٍ عربي. وفي تلك السنين، كان عبد الباري طاهر هو الكاتب الأكثر متابعةً، ورئيس التحرير الأكثر إثارةً للجدل. وكان أحد نجوم مناظرات الدستور الشهيرة، من وجهة نظرٍ فقهيةٍ وموضوعيةٍ ضد خرافة مشايخ التكفير والفتاوى.
كان واقعاً صعباً، تمكّنَ نقيبُ الصحفيين، الأشهَرُ، من اجتيازه باقتدارٍ، عندما استطاع، مع زملائه في النقابة وأصحاب الرأي والكلمة رموز التحديث، أن يحافظوا على الهامش المحدود للحريات الصحفية بعد الحرب، رغم التراجع والانحسار ومشاريع تعديل كثيرٍ من القوانين، بتعاون حليفَيْ الحرب المنتصريْن. حيث تمكّن عبد الباري من إعادة إصدار صحيفة "الثوري"، وانتشالها من تحت ركام الحرب، بروح المغامر الشجاع، المدافع عن الحقوق الأصيلة.
بعد حرب 1994، دخلت اليمن مرحلةً سياسيةً جديدةً، انعكستْ على واقع الصحافة التي أخذتْ في التقهقر والتراجع من خلال عدة أمور؛ حيث جرى تعديل مجموعةٍ من القوانين المتعلقة بالحريات، وعلى رأسها بعض نصوص "قانون الصحافة والمطبوعات"، ضداً على نقابة الصحفيين التي رفضت المشروع يومها، بزعامة عبد الباري.
يقول عبد الباري طاهر: "منذ نهائيات حرب 1994، بدأ جنوحُ قوىً لفرض مزيدٍ من القيود على حرية الرأي والتعبير". ويحتفظ الرجل بموقفه الثابت من تلك الحرب، باعتبارها أنتجت كل هذه المساوئ الراهنة.
وإذا تحدثنا من الناحية التاريخية عنها، فإنه منذ ذلك الحين، إلى اليوم مضى ربع قرن، وهو مشوارٌ طويلٌ تعرض فيه صحفيون وأدباء وكتاب، وقادة رأي وأساتذة جامعيون، للاغتيال وللاختطاف والاختفاء والاعتداء بالضرب والتهديد بكل صوَرِه، رغم كفالة الدستور للمواطنين حرية التعبير عن آرائهم، ورغم القوانين المنظمة، ناهيك عن "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، الذي تأسستْ على ضوئه جميعُ التشريعات المدنية في العالم.
ولأن عبد الباري طاهر صحفيٌّ مخضرمٌ غزير الثقافة، وصاحبُ رأيٍ مسموعٍ، انتقد بعض القوى السياسية التي ظلتْ فاعلةً في المشهد العام طوال هذه العقود، لأنها لم تتعامل بإيجابية مع الهامش الديمقراطي الذي جلبتْه الوحدة: "كان الميل للتقنين صورةً من صور التعبير عن حالة العداوة والضيق بهامش الحريات"، وفقاً لإحدى مقالاته المنشورة.
عندما قال لا لـ5 مشاريع صحفية
تعرضت الكثير من القوانين للتعديل أكثر من مرة، بعد حرب 1994، وجرت محاولاتٌ عديدةٌ في عهد الرئيس الراحل علي عبد الله صالح لتقديم مشروع "قانون الإعلام السمعي والبصري"، كبديلٍ لقانون الصحافة النافذ. وكان عبد الباري طاهر يقود تيار الممانعة، الرافضين هذا التوجُّهَ الجديد للسلطة، من خلال كتاباته، وحضوره ندواتٍ تناقش هذه الأفكار.
عملتْ سلسلةُ الحلقات الموسعة، التي كتبها عن مشاريع القوانين الجديدة، على زحزحة حالة الركود داخل نقابة الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني المختلفة والمحامين؛ فقد تضامن العديد من قادة الرأي المناضلين، وفي مقدمتهم المحامي المعروف أحمد الوادعي، الذي أحصى، باقتدارِ رجل القانون الخبير والمخضرم، كل المواد المعاقِبة بالسجن في القانون والأفعال المجرمة، والتي بلغت 34 فعلاً، كما يقول عبد الباري طاهر، الذي أضاف: "وقد أحصيتُ ما يتعلق منها بالمعلومة فوجدتها تزيد عن 100 محظور عقوبتها السجن".
وكتب عبد الباري طاهر يومها: "ليس هذا كل البلاء، فالمادة 104 من الأحكام الجزائية تنص على: مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد في أي قانون آخر، يعاقب كل من خالف هذا القانون بغرامة لا تزيد عن 10 آلاف ريال أو بالحبس لمدة تزيد عن سنة واحدة". وأمام هذه الحالة، ناشد عبد الباري ضمائر الرأي العام أن يهبوا بمسؤولية "قبل أن تفتح أبواب الجحيم على القوانين العقابية كلها، حتى تلك التي لم تُسن بعد". وقد نبه عبد الباري طاهر، كما نبه المحاميان أحمد الوادعي ونبيل المحمدي، إلى وجود قوانين مختلفةٍ تتضمن موادّ عقابيةٍ لم يتنبه لها أحد من قبل: قانون الجرائم والعقوبات، قانون الاجراءات الجزائية، قانون المرافعات، قانون الوثائق، قانون الانتخابات، قانون حماية المستهلك، وقانون الأحزاب.
وكتب يومها عبارته الشهيرة: "ورغم هذه الترسانة من القوانين المجرمة والعقابية، فلا تزال شهية السلطة مفتوحةً كأبواب الجحيم لإصدار مشاريع قوانين أشدّ تنكيلاً وعقاباً".
عقب حرب 1994، سنّتْ سلطةُ ما بعد الحرب 5 مشاريع قوانين صحافة بالتتابع، استطاع الصحفيون بتضامنهم إسقاطها الواحد تلو الآخر، "أشهرها الصيغة المقدمة من وزارة الإعلام ، وصيغةٌ أخرى مقدمةٌ من وزارة العدل، شاركت أطرافٌ عديدةٌ في صياغتها"، كما قال.
عندما سَخِر من مشروع قانون يحرّم الطبل
وجاء عهد الرئيس هادي يحمل في طياته كل مساوئ السنين. ولم تمض مدةٌ طويلةٌ، حتى تقدّم حزب الإصلاح، الحليف الرئيسي للرئيس التوافقي، بمشروع قانونٍ أكثر بؤساً؛ ولكن هذه المرة تناوله أعضاء مجلسي الوزراء والنواب من نافذة وزارة الثقافة، يحمل اسماً مثيراً للضحك "حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة". فخرج عبد الباري طاهر من سكون مرحلة ما بعد الثورة إلى الشارع مجدداً، ضد هذا الهجوم المباغت.
كتب –يومها- مقالاً مطولاً زيّنه بعنوان ساخر "تجريم التأليف حماية لحقوق المؤلف". ولأن العادة جرت في اليمن أن مشاريع القوانين دائماً ما تأخذ طبيعة "المؤامرات"، حسب توصيف طاهر، فقد شبّه هذه العدوانية السريعة والمباغتة للسلطة القائمة بأنها سيكولوجية "حروب العصابات"، التي تعتمد "السرّية والمباغَتة وسرعة الوقيعة، وتفْتك بجبهة العدو".
خلال سنوات الحرب الجارية، ظل عبد الباري طاهر كعنوانٍ عريضٍ راسخ القَدم يدعو للسلام، متضامناً مع ضحايا الحرب من المدنيين والأطفال وأصحاب الكلمة
وصف عبد الباري طاهر مشروعَ هذا القانون "حق المؤلف"، الذي قدّمه أحدُ النواب البارزين في حزب الإصلاح، بـ"الفاشي والقروسطي"؛ حيث استعجل مُعِدُّوه بعرضه وإقراره في مجلس الوزراء ليدفعوه، بالسرعة نفسها، إلى قاعة البرلمان لإقراره.
"وعلى طريقة حبْك المكائد وتنفيذها، وبدون أية إجراءات لوائحية سليمة، تم إقرار هذا المشروع الخارج من محاكم التفتيش". لكن الأوساط الأدبية والصحفية، والجامعات ومراكز البحوث، رفضتْ هذا القانون. وكتب عبد الباري طاهر كتاباتٍ مطولةً وتفاصيل تدحض، ليس فقط الفكرة، ولكن أيضاً مشروعية مثل تلك الإجراءات البرلمانية من الأساس، بعد أن أصبحت قرارات المجلس توافقية، وفقاً لمستجدات المرحلة الانتقالية واستحقاقاتها الدستورية.
ومن خلال استعراضاته بعضَ مواد ذلك المشروع، أظهر عبد الباري طاهر نصوصاً من داخل المشروع تثير الاستغراب والتساؤل؛ عندما وجد، مثلاً، المادة (56) هكذا: "إن المأثورات الشعبية وتعابير الفلكلور ملكيةٌ عامةٌ للدولة، وتعطي للوزارة حق الحماية". وأيضاً المادة (58)، التي حرمت "استغلال المأثورات الشعبية أو تعابير الفلكلور دون ترخيص من الوزارة".
كانت تلك المحاولات ترمي إلى التضييق على الفنون، مشفوعةً بخلفياتٍ ثقافيةٍ معروفةٍ، تزدري التراث وتحطّ من قدر الموروث الشعبي. وتساءل عبد الباري طاهر، في إحدى كتاباته: "ماذا يعني أن على الدولة أن تصادر الطبل والمزمار وفقا لهذا المشروع؟!". وأضاف غاضباً: "إننا أمام دولةٍ مفلسةٍ ومشلولةٍ فاقدة القدرة والهيبة، يتصدى بعض صناع رابطة الطغاة فيها بتحويلها إلى غولٍ وقوة بطشٍ وكبتٍ ضد قِيَم الحرية والعدل والمساواة". وأضاف أيضاً: "إن وزارة الثقافة اليوم تصادر الملكية المشاعة، لصالح دولةٍ لم تتأسسْ بعد ولا تعرف من معاني الدولة غير الصميل".
وهكذا، كان ولا يزال عبد الباري طاهر مناهضاً للجور وسنداً للحريات. وخلال سنوات الحرب الجارية، ظل الرجل كعنوانٍ عريضٍ راسخ القَدم يدعو للسلام، متضامناً مع ضحايا الحرب من المدنيين والأطفال وأصحاب الكلمة. يُصدرُ البيانات واحداً تلو آخر، عبر صفحته في "فيسبوك"، ويكتب في أكثر من وسيلة إعلامٍ ضد أساليب القمع التي مارستْها مراكزُ سيطرة الأطراف وحكوماتها. إنه أبو الحريات الصحفية في اليمن بلا منازع.
زعيم جماعة "نداء السلام"
يحاول عبد الباري طاهر، ومعه العشرات من كبار مناضلي اليمن ومثقفيها المرموقين، التقليل من جنون الحرب. وقد تداعى هؤلاء المناضلون القدامى، الذين كان لهم باعٌ طويلٌ في تأريخ النضال الوطني، والتفّوا حول عبد الباري طاهر، مشكّلين جماعة "نداء السلام"، التي تشجب الحرب، وتدعو إلى الحوار الوطني بين كل الأطراف.
و"نداء السلام" هي جماعةٌ وطنيةٌ طوعيةٌ تحركها ضمائر الوطنيين من رموز الحركة الوطنية الأحياء، الذين أسهموا في تفجير ثورتيْ سبتمبر وأكتوبر، وينحدرون من تياراتٍ سياسيةٍ مختلفة.
تقف جماعة "نداء السلام" على مسافةٍ متساويةٍ من جميع الأطراف، ولأصحابها رأيٌ ومواقفُ شجاعةٌ ضد الانتهاكات والعنف وحصار المدن والمطارات، وتعطيل حركة المسافرين في الطرقات. وطالبوا أكثر من مرةٍ بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وأصحاب الرأي من الصحفيين، مستنكرين، وبشدةٍ، عمليات تجنيد الأطفال من قبل جميع أطراف النزاع، داعين الحكومة المعترف بها دولياً، والمجلس الانتقالي الجنوبي، إلى حماية الباعة الشماليين في عدن، الذين تعرضوا للطرد، على موجاتٍ، أكثرَ من مرة، وهم بالمئات.
وتدعم "نداء السلام"، التي يتزعمها عبد الباري طاهر، جهود المبعوث الأممي مارتن غريفيث، الرامية إلى إيقاف دوامة العنف والصراع في البلاد، والدخول في حوارٍ وطنيٍّ صادقٍ، حقناً للدماء وتحملاً للمسؤولية أمام الله والتأريخ. كما أنها تساند كل الجهود المحلية المساعِدة في تقريب وجهات النظر، وتعتبرها أفكاراً إيجابية لتمهيد سُبُل السلام المفقودة في اليمن.