تتغير المعطيات بشكل مخيف أحيانًا مع مرور الأيام، فمن كان يُصدق -في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2010- أن المنشأة الرياضية "ملعب 22 مايو" والذي جرت عليه مباريات بطولة "خليجي 20" الذي استضافه اليمن، سيكون مصيره الدمار والخراب، بهذا الشكل.
كانت هناك إشاعات انتشرت في بداية الحرب الدائرة في البلاد منذ العام 2015، بأنه يحوي على أنفاق سرية تحت أرضيته، تربطه ببعض المعسكرات، وهناك من قال إن بعض الأحزاب حوّلته إلى مخزن للسلاح والمتفجرات، لكن فيما بعد، وجد الناس أن أغلب الأقاويل، والتي انتشرت مطلع العام 2015، كانت مجافية للحقيقة تمامًا ولا أساس لها.
يحكي الإعلامي والمصور شهاب إبراهيم، بصيغة السؤال، عن الدهشة، التي تملكته في اللحظة التي رأى فيها حجم الخراب الكبير في ساحة الملعب، لـ"خيوط"، أن العبث مستمر في تشويه وجه عدن ومنشآتها، في صورة تبدو وكأنها ضمن خطط ممنهجة لتدمير المدينة، في ظل عدم وجود أي مبادرات لمعالجة الدمار والخراب، وكأن مثل هذه المنشآت المهمة والحيوية لا تعني أحدًا.
تزينت الشوارع في عدن، ووضعت أعلام دول الخليج في كل دوار في المدينة، بالإضافة إلى الملصقات الدعائية والترحيب الكبير من الناس بالبطولة، فقد توافد الآلاف من الرجال والنساء في فترة البطولة لتشجيع المنتخبات المتنافسة، وقد قال الإعلام الخليجي في حينها، إن بطولة خليجي 20، من أكثر البطولات الخليجية التي حظيت بجماهيرية وشعبية واسعة.
ارتباط التاريخ بمتغيرات الواقع
لا بد أن يلقي التاريخ ظلاله على الواقع المعاش اليوم، فيعزو الكثيرون، ومنهم المواطن الأربعيني علي غالب، الإهمالَ الذي أصاب بعض المنشآت الحيوية في عدن إلى أن سببه الرئيسي يكمن في الأسماء الوحدوية لهذه المنشآت، في ظل الشحن السياسي الراهن الذي تعيشه المدينة التي اتخذت منها الحكومة المعترف بها دوليًّا عاصمة لها.
بسبب الأوضاع الصعبة بعد الحرب والانفلات الأمني، طال الدمار كل زوايا المنشأة الرياضية والتي تم تعطيلها عن إقامة الفعاليات الرياضية والتي كانت ستلعب دورًا في الاهتمام بهذه المنشأة الرياضية الشبابية الحيوية
منير الدين حمود، مدير ملعب 22 مايو، يشير في تصريح خاص لـ"خيوط"، إلى أنّ الاستاد الرياضي منشأة رياضية عامة في إطار مدينة رياضية متكاملة، فقد كانت أول منشأة في حرم الاستاد هي الصالة الرياضية المغلقة، ومن ثَمّ مبنى بيت الشباب، وفيما بعد تم تجهيز الاستاد الرياضي، وفيها مقرات لفروع الاتحادات الرياضية ومراكز تدريب لمختلف الألعاب كالكاراتيه والتايكواندو والجودو والأثقال والملاكمة والجمباز، ضمن 14 لعبة كانت تمارس نشاطها في الاستاد الرياضي في إطار المراكز الموجودة في المنشأة الرياضية.
يؤكد منير أن الاستاد الرياضي كلف مبالغ ضخمة، ويحتوي على مدرجات بلاستيكية ومضمار للساحة، والميدان تقام عليه بطولات ألعاب القوى، وتم تحسينه وتجهيزه لاستضافة خليجي عشرين في عام 2010، وكان أهمُّ حدث رياضي لعدن واليمن يُقام على الأراضي اليمنية، وكانت هناك توجهات بعدها لاستضافة بطولة آسيا لكرة القدم.
استثناء الملعب من التأهيل
يتحدث مدير استاد 22 مايو، عن أن هناك محاولات جرت سابقًا قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ العام 2015، عندما كان الشخصية الرياضية الشهيرة عزام خليفة، مدير عام مكتب الشباب والرياضة في عدن، فقد تم تشكيل لجنة ضمت أيضًا مدير بيت الشباب، ومدير الإعلام في مكتب الشباب والرياضة، ونائب المدير العام للشباب والرياضة.
قامت اللجنة بزيارة المدينة الرياضية للاطلاع على حجم الأضرار، ووجدت أن العشب الاصطناعي لم يتم إزالته، إضافة إلى وجود نحو 30 ألف كرسي بلاستيكي، ولا أضرار في الصالة المغلقة وبيت الشباب.
لكن بسبب الأوضاع الصعبة بعد الحرب والانفلات الأمني، طال الدمار كل زوايا المنشأة الرياضية والتي تم تعطيلها عن إقامة الفعاليات الرياضية، والتي كانت ستلعب دورًا في الاهتمام بهذه المنشأة الرياضية الشبابية الحيوية.
يؤكد منير أنه تم مؤخرًا العمل على إعادة تأهيل مبنى بيت الشباب، والذي تحول إلى مبنى خاص بوزارة الشباب والرياضة، وإعادة تأهيل الصالة الرياضية المغلقة، في حين يباشر مكتب الشباب والرياضة أعماله من الصالة الرياضية المغلقة، فيما تعثرت عملية تأهيل الاستاد الرياضي والمساحات المحيطة به، والخاص بألعاب كرة السلة والطائرة والقدم.
الجدير بالذكر أن الكابتن منير الدين حمود، بطلُ الجمهورية سابقًا في رفع الأثقال، وأول من شارك في البطولات العربية والآسيوية والدولية، وحاصلٌ على درجة الماجستير في العلوم الرياضية من بلغاريا.