في بيئة فنية تزخر بالإبداع لحنا وشعرا وموسيقى ولد نضال أحمد عبد الرحمن في سبتمبر/أيلول 1964، في مدينة القلوعة بمحافظة عدن جنوب اليمن. أبوه أحمد عبد الرحمن كان يجيد التلحين والعزف على آلة العود، من ألحانه أغنية "ارجع لحولك"، وأغنية "حرام عليك ترمي الغزل"، وأغنية "وا حبيب" لفنان الوطن أيوب طارش عبسي. كما أن أخاه فتحي أحمد عبد الرحمن شاعر غنائي معروف.
نضال أحمد عبد الرحمن عازف كمان محترف، وله سيرة فنية حافلة بالإبداع والمشاركات الفنية المحلية والعربية. منذ العام 1997 استقر به المقام في دولة الإمارات، وقد رافق عشرات الفنانين والمطربين في اليمن والخليج، ولا يزال حتى يومنا هذا يطل علينا بآلة الكمان عازفا أروع المقطوعات الموسيقية والأغاني اليمنية والعربية.
يحكي نضال لـ"خيوط" مراحل نشأته وتكوينه في وسط فني، وهجرته، وفقدان عدن لزخمها بعد أن كانت محطة فنية بارزة في تاريخ الموسيقى اليمنية.
البدايات
عن نشأته وبداياته مع الفن والموسيقى يتحدث الموسيقي نضال أحمد عبد الرحمن لـ"خيوط" قائلا: "بدأتُ من البيت وبحكم أن الوالد كان يعزف على آلة العود، ويغني، ويلحن، ولحن للفنان الكبير المعروف أيوب طارش عبسي أغنيتين: "ارجع لحولك"، و"حرام عليك ترمي الغزل يا رامي". وفي تلك الفترة -كما يروي لي أخي الأكبر والوالد (رحمة الله عليه)- كان أيوب بين الفينة والأخرى يأتي إلى الوالد في بداياته الفنية. وكما هو معروف أن أيوب ابتدأ مشواره الفني من عدن حيث كانت بيئة فنية زاخرة، وأيضا أخي الأكبر فتحي أحمد عبد الرحمن كان شاعرا في عدن. نشأتُ وتربيت في هذه البيئة الفنية، إلى أن دخلتُ معهد الفنون في عام 1980، ودرست آلة الكمان، إضافة إلى دراسة مواد أخرى كـ"الصلوفيج" والنظريات العربية والغربية، والهرموني، فتخرجتُ من المعهد في عام 1984 بشهادة دبلوم".
مشاركات
بعد تخرجه من معهد الفنون شارك نضال أحمد مع الكثير من الفرق الموسيقية التي كانت متواجدة في عدن حينها، وهنا يقول: "توظفت في فرقة إدارة الثقافة بمحافظة عدن بعد تخرجي من المعهد مباشرة، وشاركت في أكثر من فرقة في المحافظة، منها: فرقة النقابات، والفرقة الوترية التابعة لوزارة الداخلية، وانضممت أيضا إلى الفرقة الوترية التابعة للقوات المسلحة، والكثير من الفرق الأخرى. وفي العام 1990 طُلب مني أن أكون مدرسا في معهد الفنون الجميلة بعدن، فدرّست قرابة ست سنوات آلة الكمان، وكذلك درّست نظريات و"صلوفيج" شرقي أو عربي بمعنى أدق، وفي هذه الفترة شاركت مع العديد من الفرق".
وعن مشاركاته الفنية يتحدث نضال أنه مثّل اليمن في الكثير من المحافل، والمشاركات الخارجية والداخلية، وكان الموسيقي عبد العزيز مكرد أكثر فنان من الزملاء شارك معه خلال مشواره الفني.
كان لدى نضال فرقة اسمها "الغصون"، ومكونة كما يتحدث من ثلاث إناث، وثلاثة ذكور، بالزي الشعبي، وكان نضال مسؤول وملحن هذه الفرقة التي مثلت اليمن في عديد المهرجانات العربية والدولية.
الهجرة ومشاركة العمالقة
بعد أن كانت عدن جنوب اليمن مدينة حاضنة للفن والأدب، تلاشتْ الكثير من مقومات الثقافة، ومنها الفرق الموسيقية التي كانتْ حاضرة بشكل كبير، فاضطر الكثير من الفنانين والموسيقيين إلى مغادرة اليمن، ومنهم الموسيقي نضال أحمد الذي غادر عدن في العام 1997.
يضيف قائلًا: "سافرتُ إلى دولة الإمارات مع مجموعة من خيرة العازفين في اليمن، ومنهم عازف الكمان عبد العزيز مكرد، والفنان كمال شودري، وعازف التشلو خالد فضل برغوش، ومجموعة من فناني حضرموت. وقمنا بتشكيل فرقة موسيقية، وشاركنا في أكثر من محفل. وإلى يومنا هذا وأنا أعمل في المجال الموسيقي".
شارك نضال عشرات الفنانين في الوطن العربي. وحول أبرز الفنانين الذين رافقهم عازفًا على آلة الكمان، أجاب قائلا: "أغلب الفنانين الموجودين في الساحة عزفتُ معهم، ولعل أبرزهم: أبو بكر سالم بلفقيه، ومحمد عبده، وكاظم الساهر، وآخرون، أي معظم الفنانين الموجودين في الساحة، سواءً في الحفلات أو التسجيلات التي في الاستديوهات.
الاحتكاك الموسيقي
منذ مغادرة الموسيقي نضال أحمد أرض الوطن إلى دولة الإمارات في العام 1997، ونتيجة احتكاكه بفرق عربية كثيرة اكتسب الكثير من الخبرة والمهارة في العزف، وهنا يحدثنا قائلا:
"من العام 97 إلى الآن استفدتُ استفادةً كبيرة نتيجة احتكاكي بفرق موسيقية كثيرة: مصرية، وعراقية، وتونسية. فكلما احتك المرء بفرق موسيقية متنوعة ومن دول متعددة وبأشخاص موسيقيين بمواهب وخبرات من مختلف المستويات؛ عليه أن يعمل على الاستفادة منهم بقدر المستطاع، واكتساب معرفة وخبرات وتجارب واسعة. وأنا استفدت كثيرا من هؤلاء الناس: من قراءة النوتة إلى وكتابة النوتة. وكما تعرف للأسف أن الذين يقرؤون النوتة الموسيقية ويكتبونها في بلادنا لا يتجاوزون أصابع اليد. وهذا الأمر يحز في النفس عندما ترى كل الفرق في الخارج لا تتعامل إلا بالنوتة الموسيقية".
غياب زخم المحطة البارزة
شكلتْ عدن محطةً فنيةً بارزةً في تاريخ الموسيقى اليمنية، وكانت واحة فنية تحتضن كل المبدعين من جميع أنحاء اليمن، حيث تأسستْ فيها عدد من الفرق الموسيقية منذ خمسينات وستينات القرن المنصرم. توجهنا للموسيقي نضال أحمد عن سبب غياب واختفاء هذه الفرق، فأجاب: "في عدن كان هناك قرابة أربع فرق موسيقية. وفي ظل وجود وزارة الثقافة والسياحة كانت الميزانية متوفرة لهذه الفرق، وكانت الفرق مزدهرة والآلات تتغير كل سنة، وكان هناك اهتمام ومساهمات مادية تمنح للمشاركين. كنا كل يوم نُجري "بروفات" ونعزف، لكن فيما بعد بدأت الفرق تتقلص وغاب الاهتمام، وبدأت السياسة تدخل في المجال الفني والموسيقي، وصار الموضوع كله سياسة، وقُطعتْ المساهمات والدعم عن الفرق. فكان أمرًا طبيعيًّا أن يغيب كل ذلك الزخم".