بعد أربعة أعوام من الانقسام جاءت المصالحة الخليجية وسط تساؤلات في الوسط اليمني؛ هل سيكون للمصالحة تأثير على واقع الأزمة اليمنية كما كان للانقسام.
كان التدخل العسكري في اليمن سنة 2015، محطةً جديدة للموقف العربي الواحد والخليجي على وجه الخصوص، بعد عقود من الانقسام، خصوصًا مع ما رافق هذا التدخل من حملة إعلامية وسياسية تُحذر من خطورة الوضع الذي تعيشه المنطقة، واحتمالية انصراف اليمن نحو المجهول؛ البلد الذي يشكل البوابة الأمنية للخليج العربي، إلا أن الأزمة الخليجية بين قطر والسعودية وحلفائها سنة 2017، أدت إلى انعكاسات سلبية على واقع الحرب في اليمن من خلال تصادم المصالح والمواقف وتعارضها.
وعقب إعلان المصالحة الخليجية ساد تفاؤل لدى الكثير من اليمنيين بإمكانية انعكاسها بشكل إيجابي على الأوضاع السياسية والاقتصادية في اليمن، بعد أن ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في تفاقم الأزمة من النواحي السياسية والاقتصادية والإعلامية.
فيما يرى بعض المحللين السياسيين والصحفيين، الأحداثَ الأخيرة بأنها مؤشرات جديدة لوجود تحرك خليجي جاد تجاه الأزمة اليمنية، بينما يرى البعض بأنه لن يكون هناك أي تأثير على المدى القريب.
المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر يعتقد أنه بعد تحقيق نجاح نسبي في تنفيذ اتفاق الرياض فيما يخص اليمن، والتحرك الجدي في رأب الصدع الخليجي، أن يكون هناك تحركًا دوليًّا وخليجيًّا على وجه التحديد، فيما يخص الأزمة اليمنية.
لكن ذلك وفق حديث طاهر لـ"خيوط"، قد يكون الملف الأصعب، وحتى يتم تنفيذه لا بد أن يكون هناك دعم كبير من قبل دول مجلس التعاون الخليجي، إعلاميًّا وعسكريًّا، وسياسيًّا.
على الرغم من إعلان الإدارة الأمريكية المنصرفة قرارًا بتصنيف جماعة أنصار الله (الحوثيين) على قائمة الإرهاب، إلا أنه لم يشكل أي عائق في تواصل طرفي الحرب في اليمن الحكومة المعترف بها دوليًّا وسلطة صنعاء
غياب النية الحقيقية
لن يكون هناك تأثير مباشر للمصالحة الخليجية على الأزمة اليمنية على المدى القريب على الأقل كما يراه الكاتب الصحفي اليمني أحمد فوزي مستشهدًا بقوله إن الأطراف المتصارعة تتلقى دعمها وتمويلها من دول خليجية.
يضيف فوزي لـ"خيوط"، أنه في الوقت الراهن لا يجب التعويل كثيرًا على هذه المصالحة الخليجية، كما يظهر أنه لا توجد نية حقيقية لحل الأزمة اليمنية وإنهاء الصراع والحرب الدائرة في البلاد منذ العام 2015.
إذ إن ما يدور حاليًّا على أرض الواقع -والحديث لهذا الكاتب الصحفي- هو انعكاس للواقع السياسي في اليمن، فالرضوخ والتبعية أثّرا بشكل كبير على القرار السيادي والسياسي للأطراف اليمنية التي تتلقى دعمها وتمويلها من دول الخليج، سواء لحكومة صنعاء أم حكومة عدن.
وكان للإعلام الخليجي بعد الانقسام دور بارز في تفاقم الأزمة اليمنية، من خلال الحرب الإعلامية وتبادل الاتهامات التي كان لها دور كبير في تأجيج الخلافات بين الأطراف الموالية للحكومة المعترف بها دوليًّا والمدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات.
حاجة السلام للضغط الدولي
إلى ذلك، يستبعد المحلل السياسي اليمني محمود المطهر، وجود أي انعكاس إيجابي للمصالحة تجاه الأزمة اليمنية، فيما إذا كانت المصالحة فقط بغرض الاستعراض الإعلامي.
مشيرًا إلى أن الخطاب الإعلامي الخليجي سيحدد كيفية تناول الأزمة في اليمن ويفترض بعد هذه المصالحة أن يتوحد الخطاب الإعلامي وحشد الجهود لحل الأزمة في اليمن. إضافة إلى تتويج هذه الجهود على المستوى الدولي للضغط على الجميع خصوصًا جماعة أنصار الله (الحوثيين) لإحلال السلام في اليمن.
وعلى الرغم من إعلان الإدارة الأمريكية المنصرفة قرارًا بتصنيف جماعة أنصار الله (الحوثيين) على قائمة الإرهاب، إلا أنه لم يشكل أي عائق في تواصل طرفي الحرب في اليمن الحكومة المعترف بها دوليًّا وأنصار الله (الحوثيين)، إذ انطلق في العاصمة الأردنية عمان الاجتماع الخامس للجنة الإشرافية المعنية بمتابعة تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين.
وتستأنف اللجنة مناقشاتها بين طرفي النِّزاع في اليمن للنظر في إطلاق سراح أعداد إضافية من الأسرى والمحتجزين بعد إطلاق سراح 1065 أسيرًا ومحتجزًا في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وفي هذا السياق، حث المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن في بيان صحافي، الطرفين على أن تتصدر أولويات مناقشاتهما إطلاق سراح جميع الأسرى والمحتجزين المرضى والجرحى وكبار السن والأطفال، إضافة إلى إطلاق سراح جميع المدنيين المحتجزين تعسفيًّا بمن فيهم النساء، إضافة إلى مناقشة الأسماء والاتفاق عليها بما يتجاوز قوائم اجتماع عمَّان وفاءً بالتزاماتهما بموجب اتفاق ستوكهولم، الذي يقضي بإطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين على خلفية النِّزاع في أقرب وقت ممكن.
تحرير "خيوط"