يتميز كلُّ مجتمعٍ بعدد من العادات والتقاليد الاجتماعية والثقافية التي تشكل هُوية المجتمع وخصوصيته الثقافية، وهذا التمايز يعكس تصورات الإنسان وفهمه للواقع والظواهر حوله.
ويعد الطعام وطقوسه أحد المداخل لقراءة مجتمع ما، وفهم العلاقات بين أفراده؛ ذلك أن للطعام دلالات اجتماعية وثقافية وسيميائية، كما أنّ الطعام يعبر عن بعد حضاري يكشف عن تطور المجتمع وتغيره وثباته ونمط عيشه. وقد اهتم الباحثون بدراسة الطعام ودلالاته، وغدت تخصصات متعددة تدرس الطعام، فلم يعد الأمر مقصورًا على الأنثروبولوجيا بل في الأدب والدراسات الثقافية، والتاريخ والسوسيولوجيا، كما اهتمت الحركة النسوية بدراسة الطعام لكونه يكشف عن الفوارق الجنسانية.
وفي هذه الدراسة، نتناول دراسة كتبتها (أنيت ماكليغان)، فقد قامت ببحث ميداني لمدة عشرين شهرًا في اليمن، لدراسة أوضاع النساء والإمكانيات المتاحة لهن، وكذلك دراسة أثر هجرة الذكور على التغيرات الحاصلة في المجتمع...، ونشرت الدراسة بعنوان: (الطعام والجنوسة في المجتمع اليمني)، جاء ضمن كتاب: (مذاق الزعتر: ثقافات الطهي في الشرق الأوسط، تحرير النسخة العربية: أحمد خريس، ترجمة: عبلة عودة، هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، كلمة، ط1، 2009، ص147-157).
تذهب (أنيت ماكليغان) إلى أنها تدرس الطعام بوصفه "وسيلة لاستكشاف العلاقات الجنوسية، كعلاقة الرجال والنساء في ذاتها، ومن ثم مقارنتها بنوعين آخرين من العلاقات، وهما علاقة النساء ببعضهن وعلاقة الجزارين برجال القبائل".
مكان الدراسة وزمنها
تذكر الباحثة أنها أجرت "هذه الدراسة على بلدة في الجبال الغربية شمال اليمن ويبلغ عدد سكانها 1000 نسمة"، مردفة: "وكل ما سيذكر في هذا البحث يتعلق بهذه البلدة فقط، حتى وإن ظهر بعض التشابه مع مناطق أخرى في اليمن، وقد أجريت هذا البحث في الفترة ما بين 1981 – 1983".
منهجيتها
تنطلق الباحثة في بحثها من منظور نسوي، والنسوية حركة سياسية اجتماعية ظهرت في الغرب تطالب بالمساواة بين الجنسين، وقد تعددت تياراتها؛ منها من يطالب بالمساواة بين الجنسين في الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وبعضها يطالب بالمساواة في كل الجوانب. وقد قامت النسوية "على أساس تفكيك ونقد أعراف المجتمع الأبوي في تكوين الفروقات والامتيازات الاجتماعية لفئة على أخرى"، وقد خضعت المرأة المسلمة لصور نمطية ركبها المستشرقون والكتّاب الغربيون، ومن تلك الصور صورة المرأة المسلمة المضطهدة، وهناك عدد من الأبحاث تشير إلى "مركزية الجنوسة في المشروع الاستعماري، فقد استخدمت فكرة اضطهاد المرأة لتبرير الاستعمار وإضفاء الشرعية عليه"، وقد استمرت كتابات غربية تعيد صياغة الخطاب الاستعماري في صور مألوفة نمطية، ومثل ذلك ما نجده في دراسة (أنيت ماكليغان)، فقد تناولت موضوع الطعام في المجتمع اليمني وعلاقة النساء والرجال من خلال الطعام وسلوكياته، منطلقة من مرجعيتها الفكرية ومن تصورات مسبقة تهدف إلى إثباتها، من دون النظر إلى اختلاف الثقافات، وإلى السياقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية في المجتمع، والهدف من ذلك استغلال هذه القضايا لأهداف معينة وتفكيك الأسرة، وليس الاهتمام بأوضاع المرأة، وسنلاحظ كيف قرأت وحللت موضوع الطعام في المجتمع اليمني.
تذهب الباحثة إلى أن "الطعام في هذا المجتمع يعد محورًا لعلاقات متشابكة ومتصارعة، إذ تستعمل النساء الطعام كسلاح في تحسين موقعهن ضمن العائلة، ويستعمله الرجال كقوة رمزية للتعبير عن السيطرة". وهذا الاستنتاج الذي تصدره الباحثة محل نظر؛ فالطعام في المجتمع اليمني لا يعد محورًا لعلاقات متشابكة ومتصارعة، بل هو محور لعلاقات التكامل والتناغم، وإذا كانت النساء تستعمل الطعام كسلاح في تحسين موقعهن ضمن العائلة، فهذا يعني فاعلية المرأة وسطوتها، كما أن في تقديم الرجل الطعام لأسرته لا يعد تعبيرًا عن السيطرة بل هو واجب ومسؤولية في الدرجة الأولى، فالرجل يكد ويعمل الأعمال الشاقة، ويغترب في سبيل تأمين الطعام لعائلته.
أحكام غير حيادية
تسعى الباحثة لنقل صورة سلبية عن اضطهاد المرأة في المجتمع اليمني، منطلقة من أيديولوجية نسوية، تقول: "ومن المسلم به في هذه البلدة أن تقوم النساء بإعداد الطعام وليس الرجال، وحتى أولئك الرجال الذين كانوا يطهون لأنفسهم عندما كانوا يعملون خارج البلاد يتوقفون عن ذلك في وجود النساء.
ويرى الرجال هنا أنّ الطبخ واجب نسائي بحت، وفي جميع الأحوال، وحتى لو كانت المرأة مريضة أو غير قادرة تمامًا، فلا يمكنها أن تستريح إلا بعد أن يملأ الرجل معدته".
ثم تذهب الباحثة إلى مقارنة النساء بالجزارين في كونهما فئة مستضعفة، تقول: "تتشابه النساء مع الجزارين في أن كليهما فئة مستضعفة تخدم فئة أقوى، فالرجال ينظرون للنساء والجزارين كفئة أقل درجة اجتماعيًّا وجدت لخدمتهم، ولدى كلا الفئتين (النساء والجزارين) ترتبط هذه الخدمات بالطعام". وتضيف: "توصف النساء عادة بالضعف مقارنة بالرجال، وهو ضعف اجتماعي ولیس ضعفًا بدنيًّا، إذ تتضمن كثير من الأعمال المنوطة بالنساء قوة بدنية كبيرة، مثل حمل القمح وطحنه، كما توصف النساء بأنهن غير مؤهلات للاعتماد على أنفسهن، ويحتجن لحماية الرجال، كما أنهن لا يتمتعن بحرية الحركة وعليهن ملازمة البيوت".
الباحثة بالغت في رسم هذه الصورة بهدف إظهار معاناة المرأة وقسوة الرجل وتبعية المرأة للرجل وهيمنته عليها، وقد وظفت استراتيجيتي التعميم والمبالغة لنقل هذه الصورة.
تهدف الباحثة في هذه الفقرات إلى إثبات اضطهاد النساء وتستند إلى عدد من المسائل: الطبخ خاص بالنساء، إلزام المرأة بالطبخ حتى وإن كانت مريضة، تشابه النساء بالجزارين في الضعف الاجتماعي، النساء لا يتمتعن بحرية الحركة.
وعند تأملنا لحمولات خطاب الباحثة فإننا لا ننكر النظرة الدونية للنساء والجزارين من بعض فئات المجتمع، وهي فئات محدودة، وتكاد تكون محصورة في مناطق قليلة، لكن المسائل الأخرى التي استدلت بها الباحثة فهي محل نقاش، فالباحثة هنا نقلت نصف الصورة ولم تنقل الصورة كاملة، لم تذكر ماذا يعمل الرجال في هذه البلدة، فالمعروف في المناطق الريفية في اليمن أن الرجال يكدحون في الأرض منذ الصباح الباكر، في عمل شاق ومجهد لتوفير لقمة العيش، وقد أغفلت الباحثة نقل هذه الصورة. أما مسألة كون الطبخ خاصًّا بالنساء فهذا أمر يكاد يكون في أغلب الثقافات، ونستدل للرد على الباحثة بما ذهبت إليه الباحثة الأمريكية (كارول كونيهان) أستاذة الأنثروبولوجيا ودراسات المرأة في جامعة ميلرزفيل، إذ تقول: "النساء دائمًا يتحملن المسؤولية الأولية عن إعداد الطعام وتقديمه للآخرين في جميع أنواع المجتمعات. إن دور النساء السائد في إطعام الأسرة ملمح ثقافي عام في جميع أنحاء الكون، وهو جزء كبير من الهوية الأنثوية ومصدر لارتباط الأنثى بالآخرين وتأثيرها عليهم. إن قوة النساء كثيرًا ما كانت تستمد من قوة الطعام". (أنثروبولوجيا الطعام والجسد: النوع، المعنى، القوة، ترجمة: سهام عبدالسلام، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2012، ص81).
ومن الواضح أن الباحثة (كارول كونيهان) باحثة محايدة وتنطلق من منهج علمي موضوعي في تحليلها لظاهرة الطعام في المجتمعات، في حين تنطلق الباحثة (أنيت ماكليغان) من خلفية أيديولوجية وتصورات مسبقة لتثبت أحكامًا في ذهنها، وتبالغ كثيرًا في نقل صور سلبية، فليس من المعقول أن يقوم الرجل اليمني بإلزام زوجته بالطبخ وهي مريضة، فمع أن الباحثة ذكرت في بحثها علاقات النساء وروح التكاتف والتآزر بينهن -كما سنشير في موضع آخر هنا- بمعنى أنّ المرأة عندما تكون وحيدة ستجد من يساعدها من القريبات أو الجيران، لكن الباحثة هنا بالغت في رسم هذه الصورة بهدف إظهار معاناة المرأة وقسوة الرجل وتبعية المرأة للرجل وهيمنته عليها، وقد وظفت استراتيجيتي التعميم والمبالغة لنقل هذه الصورة.
إنّ الباحثة (أنيت ماكليغان) تطلق هذه الأحكام بقصد إثبات اضطهاد النساء، والحقيقة أنّ الباحثة لم تصف الواقع المعيشي الصعب للمنطقة التي أجرت فيها دراستها، فالواقع اليمني، بصورة عامة، صعبٌ وقاسٍ، فالخدمات غائبة حتى في المدن فما بالك في الريف، فعندما تتحدث الباحثة وتصدر أحكامها من وجهة النظر النسوية التي تنص على تبادل الأدوار بين الرجال والنساء وتمكين المرأة من العمل خارج المنزل، فهذا الحديث خارج عن سياق الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للبلد، فبحسب العرف العلمي كان عليها تقديم صورة للواقع، وكان من الأجدى معرفيًّا وعلميًّا أن تنقل وتسرد آراء النساء وتتركهن يعبرن ماذا يعني لهن إعداد الطعام لعائلاتهن، فالمرأة في اليمن وهي تعد الطعام لعائلتها أو للضيوف تدفعها رغبة ذاتية وتشعر بالفخر والبذل والعطاء، وكلما كانت المرأة ماهرة في الطبخ حظيت بمكانة اجتماعية كبيرة، إذ تعد نموذجًا للمرأة الصالحة والزوجة المثالية وربة بيت ناجحة.
لقد كان الأجدر بالباحثة بيان دور النساء الفاعل في إعداد الطعام، مثلما فعلت الباحثة (جوي أدابون) في دراستها الرصينة: (فن الطهو والأنثروبولوجيا، ترجمة: ريمة سعيد الجباعي، أبو ظبي، هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، كلمة، 2011)، فقد قامت بدراسة ميدانية في مقاطعة مكسيكية، فقدمت دراسة فريدة تجمع بين مناهج مختلفة لتكشف عن الدور الفاعل للمرأة في الطبخ المكسيكي لا بوصفه مجرد أداة الطعام بل ممارسة فعالة تقوم بها المرأة المكسيكية للحفاظ على التقاليد الاجتماعية والجمالية والأسرية.
عادات الطعام ودلالاتها
كشفت الباحثة عن بعض عادات الطعام في المجتمع اليمني، وبينت دلالاتها الاجتماعية والثقافية، ومن ذلك: أن النساء تجد في الطعام أداة وفرصة للتعبير عن مشاعر الاحتجاج أو الغضب لديهن تجاه أزواجهن. لكون المرأة المحرك الأوحد لعجلة الطعام في المنزل يعطيها هذه السطوة في حياتها الزوجية. وهذه صورة تناقضية، فكيف تكون المرأة مضطهدة وهي تملك هذه السطوة! وبما أن الباحثة قد أدركت أن المرأة تملك هذه السطوة بسبب تحكمها في الطعام فلم يعد قولها إن المرأة ضعيفة اجتماعيًّا مبررًا.
كما رصدت الباحثة بعض عادات الطعام ومن ذلك: "ويأكل اليمنيون الأرز منفصلًا كطبق مستقل دون مصاحبة الخضار أو اللحوم، ويلي ذلك طبق «السلتة»، وهو طبق رئيسي من الخضار والحلبة المطهية في مرق اللحم، ويقدم هذا الطبق قبل تقديم اللحم مباشرة، وفي أثناء أكل السلتة يبدأ المضيف توزيع قطع اللحم على المدعوين"، وهذه العادات الآن قد تغيرت بفعل التطور والتثاقف، فطبق الأرز يُقدم مع اللحم، ويُقدم اللحم أيضًا مصاحبًا الأطباق، فلم يعد هناك من يوزع اللحم منفردًا على المدعوين.
ومن الأشياء التي لاحظتها الباحثة أن "الطعام الجيد بالنسبة لليمنيين هو أن يكون الطعام بلديًّا... يحمل اليمنيون تقديرًا خاصًّا للمنتجات المحلية، فالمرأة حديثة الولادة لا بد أن تتناول العسل والسمن البلديين لتستعيد قوتها، لكن الأنماط الاستهلاكية أخذت بالتغيير، وقد بدأ بعضهم بالاعتماد على الأطعمة المتوافرة في الأسواق لتحضير وجباتهم الغذائية، ومع ذلك فما يزال الطعام المحضر منزليًّا بالكامل يعزز مكانة الرجال ويدعوهم للفخر".
عادات أصيلة
ومن المواقف والتقاليد التي دوّنتها الباحثة، علاقات النساء القوية ببعضهن، إذ "تعمل النساء في شبكة واحدة عند المواقف التي تفرض جهدًا كبيرًا وتوترًا عاليًا، فترى المرأة تستعين بقريباتها أو جاراتها لمساعدتها في إنجاز العمل المطلوب لوليمة كبيرة، وقد تستعير منهن بعض الأدوات الناقصة في مطبخها.
وتقدم النساء الطعام لبعضهن البعض تعبيرًا عن الصداقة أو التعاطف المتبادلين على عكس علاقتهن مع الرجال، فتقوم المرأة بإرسال أطباق من الطعام لجارتها التي تسكن وحدها، وتلف الأخرى عدة أرغفة من الخير في قطعة من القماش وتلقي بها إلى سطح جارتها المجاورة، ويتم تبادل أرغفة الخبز طيلة الوقت كتعبير عن علاقات الجيرة والصداقة.
... وعندما تزور المرأة جارتها أو صديقتها التي وضعت حديثًا، فلا بد أن تصطحب معها علبًا من الفاكهة تحتفظ بها النساء الفقيرات ليهدينها بدورهن لصديقات أخريات، فبالنسبة للنساء في اليمن، يرمز تقديم الطعام إلى الصداقة والدعم في الأوقات الصعبة من الحياة.
تصطحب النساء أباريق الشاي والقهوة معهن عند عيادة إحدى المريضات، أو كزيارة سيدة أنجبت طفلًا في إشارة للتضامن والتخفيف من أعباء الضيافة عن السيدة المعنية، وخاصة إذا كان عدد الزائرات كبيرًا، وهذا أمر مألوف جدًّا في هذه البلدة، إذ كثيرًا ما نرى مجموعة من النساء المنقبات يحملن حافظات الشاي والقهوة ويتجهن معًا إلى إحدى القريبات أو الجارات". ويبدو أنّ الباحثة وهي تصف هذه العادات تهدف إلى إثبات أن المرأة وحيدة وأن حالات التعاون تكون فيما بينهن للتخفيف من معاناتهن، ولكن هذه عادات أصيلة في المجتمع والمرأة، فالمرأة نواة الأسرة ولها أدوار اجتماعية كبيرة في المجتمع، إذ تمتلك سلطة في اتخاذ القرارات، وهذه العادات يشجع الرجال عليها ويحفزون النساء للقيام بها، وهي عادات تحمل قيمًا سامية وإنسانية.
تحاول الباحثة إظهار الفروقات بين الرجال والنساء من خلال وصف وجبات المناسبات التي ترى أنها وجبات خاصة بالرجال، فتصف الأطباق التي يجب أن تكون حاضرة وتصف طريقة الأكل، أما الوجبات الخفيفة فهي خاصة بالنساء.
وجبات المناسبات والوجبات الخفيفة
تحاول الباحثة إظهار الفروقات بين الرجال والنساء من خلال وصف وجبات المناسبات التي ترى أنها وجبات خاصة بالرجال، فتصف الأطباق التي يجب أن تكون حاضرة وتصف طريقة الأكل، أما الوجبات الخفيفة فهي خاصة بالنساء، وترى أنها تختلف اختلافًا تامًّا عن الوجبات الكبيرة التي يقدمها الرجال في وجبات الغداء أو العشاء، وتقول الباحثة: "تعكس التناقضات الموجودة بين الوجبات الخفيفة التي تقدمها النساء لضيفاتهن والوجبات الرسمية التي يقدمها الرجال لضيوفهم، التناقضات الموجودة بين علاقة الرجال بالنساء وعلاقة النساء بعضهن ببعض، إذ تقدم النساء الوجبات الخفيفة بأنفسهن للنساء الأخريات الزائرات، وتتضمن هذه الوجبات أنواعًا مختلفة من الأطعمة تؤكل في جو طبيعي مريح في نفس الغرفة ويتخلل عملية الضيافة تبادل الأحاديث والمجاملات من دون تحديد وقت لذلك". إن الوجبات الخفيفة تكون عادة في الجلسات العابرة للنساء أما عندما تكون ضيافة فلها طقوسها المعتادة، إذ للنساء نصيب من الأطباق يماثل أطباق الرجال. كما أن هذا التفاوت في سلوكيات الطعام ظاهرة موجودة في كثير من الثقافات، فقد أشارت إحدى الباحثات إلى دراسة "ترى أن هناك أكلات "ذكرية"، أو مرتبطة بالذكور، وأكلات نسائية، وبيّنت أنّ الرجال يميلون إلى تناول اللحوم أكثر من النساء، بينما تتناول النساء الخضروات والفواكه بشكل أكبر، وقد عدّت الفواكه والخضروات والحلويات أكلات "نسائية".
وخلاصة القول؛ إن الحديث عن أوضاع النساء لا ينفصل عن عادات المجتمع وقيمه الدينية والثقافية والاجتماعية، فلكل مجتمع دينه وقيمه ونظامه القيمي، لذا ينبغي احترام اختلاف الثقافات، وتعزيز الجوانب الإنسانية المشتركة، كما أن دراسة أوضاع النساء منظور نسوي هو قفز على الواقع، إذ يجب الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فهناك تدهور اقتصادي في البلدان النامية واستنزاف لخيراتها وثرواتها وانعدام فرص العمل. وهناك هيمنة عالمية في الاقتصاد والسياسية تنتج عدم المساواة العالمية والاعتماد على الدول الصناعية الكبرى.