تعد اليمن من أكثر المناطق عرضة لتأثيرات المناخ، التي تتمثّل في زيادة الأعاصير وانجراف الأراضي والتصحر وندرة المياه، ومن أضعف الدول في التكيف مع تغيرات المناخ على مستوى العالم، لا سيما عن طريق الجفاف والفيضانات الشديدة.
ويشكل تغير المناخ تهديدًا إضافيًّا للوضع الإنساني الصعب في اليمن والتدهور الاقتصادي والاجتماعي، حيث أدّت الكوارث والسيول الناتجة عن شدة الأعاصير في السنوات الأخيرة، إلى مزيد من الضحايا، وانتشار الأوبئة والأمراض والآفات الزراعية، وتدهور المزيد من الأراضي الزراعية.
يؤكّد تحليل البيانات الجغرافية المكانية، الذي أجراه البنك الدولي، أنّ مناطق اليمن أصبحت معرضة بشكل متزايد للصدمات المناخية وتصاعد تأثيراتها وتبعاتها في تدهور القطاعات الاقتصادية الإنتاجية.
وتظهر المقارنة بين مؤشر (بالمر) للجفاف، مع بيانات هطول الأمطار على مستوى اليمن، التقلبات الشديدة في هطول الأمطار، فخلال الفترة من عام 2014 إلى عام 2015، كان المناخ جافًّا للغاية، وأنهت عدة مناطق هذه المرحلة عند درجة أقل من سالب خمسة على مؤشر بالمر للجفاف.
وخلال الفترة من 2016 إلى 2017، كان المناخ بين جاف إلى طبيعي، مع زيادة هطول الأمطار في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليًّا.
الظروف الجوية القاسية، بما فيها الأمطار الغزيرة والفيضانات الناجمة عنها، أثّرت على 2,102 من الأسر، تتألف من 14,714 فردًا، في 62 مديرية تتبع 12 محافظة؛ وذلك خلال الفترة بين يناير/ كانون الثاني وأبريل/ نيسان 2023.
في حين ارتفعت خلال الفترة من 2018 إلى 2020، مستويات هطول الأمطار بسرعة، لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليًّا.
تبعات التغيرات المتصاعدة
ويرجح البنك الدولي في تقرير صادر الشهر الماضي، أنّ فترات التقلب بين الجفاف والفيضانات أدّت إلى إضعاف الإنتاجية الزراعية، ممّا أدّى إلى تفاقم الانخفاض العام في إنتاجية الاقتصاد الوطني. ويعمل أكثر من 75% من السكان في الزراعة أو الرعي، بينما تعتمد سبل عيشهم على الظروف المناخية المواتية.
وتصنف عدن على أنّها سادس أكثر مدينة في العالم عرضة لارتفاع مستوى سطح البحر وعرام العواصف 74. وما يضاعف من هشاشة اليمن وتعرضها للمخاطر الطبيعية هو أن ضعف الحوكمة يضعف من قدرة اليمن على التكيف مع تغير المناخ.
في السياق، يؤكّد الخبير الاقتصادي ونائب وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق مطهر العباسي، أنّ اليمن تقع في نطاق المناخ الجاف، وتعدّ الأمطار المصدر الرئيسي للمياه، والتي تتفاوت من عام إلى آخر، وتختلف كثيرًا بين المناطق الساحلية والجبلية والصحراوية. ولذلك، تصنف اليمن ضمن البلدان التي تعاني من الفقر المائي، فلا يتجاوز نصيب الفرد الواحد من المياه 150 مترًا مكعبًا في السنة، مقارنة بحوالي 1000 متر مكعب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و2500 متر مكعب كمتوسط عالمي، وهذا يمثّل تحدّيًا كبيرًا ليس على الزراعة فحسب، بل على حياة الإنساني اليمني بشكل عام.
فيضانات ومخاطر بيئية
في السياق، يذكر تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، اطلعت عليه "خيوط"، أنّ نحو 15 ألف شخص في 12 محافظة يمنية، تضرّروا جراء الظروف المناخية القاسية، بما فيها الأمطار والفيضانات، خلال الثلث الأول من العام الجاري. إذ ألحقت الأمطار والفيضانات أضرارًا بالمساكن والملاجئ في جميع هذه المديريات، حيث غالبية المتضررين يقيمون في مناطق يصعب الوصول إليها.
وفق التقرير؛ فإنّ الظروف الجوية القاسية، بما فيها الأمطار الغزيرة والفيضانات الناجمة عنها، أثرت على 2,102 من الأُسَر، تتألف من 14,714 فردًا، في 62 مديرية تتبع 12 محافظة، وذلك خلال الفترة بين يناير/ كانون الثاني وأبريل/ نيسان 2023.
كما تواجه اليمن أيضًا، مخاطر بيئية محلية شديدة، فمنذ بداية الصراع والأمم المتحدة تسعى إلى معالجة قضية الناقلة صافر، وهي ناقلة نفط قديمة لم يتم فحصها أو إجراء صيانة لها منذ عام 2015. قد تحتوي الناقلة صافر ما يصل إلى مليون برميل من النفط.
ووفقًا للمنظمة البحرية الدولية، سيتسبّب أيّ تسرب من الناقلة صافر، في كارثة إنسانية وبيئية كبرى، ومن المحتمل أن يؤثّر الانسكاب الكبير تأثيرًا كبيرًا على الساحل الشمالي الغربي لليمن، بما في ذلك الجزر اليمنية في البحر الأحمر، وجزيرة كمران على وجه الخصوص. هناك أيضًا احتمال أن ينجرف النفط ويؤثر على البلدان المجاورة، بما في ذلك جيبوتي وإريتريا والمملكة العربية السعودية.